لبنان على مشارف الإنهيار الشامل!

غلاء فاحش سوبر ماركت

الواقعُ السياسي تحت تأثير «ثقبٍ» أوحي أنه في إطار محاولة السيطرة على الأزمة الحكومية المُسْتَحكمة ووقف تَناسُلها، ولكنه لا يبدو أكثر من «إيجابية زائفة» تمحوها التشظياتُ العميقةُ لـ «الحروب الرئاسية» بحساباتها المتشابكة… الوضعُ في المستشفيات بإزاء فيروس كورونا «تحت السيطرة» وفق تأكيداتٍ رسمية، ولكن المستشفى الذي لطالما شكّل «خطَّ الدفاعِ» الأول بوجه الوباء منذ بداياته أعلن أنه بدأ مفاضلةً بين المرضى «بسبب نقص أجهزة الأوكسيجين»… وبينهما الدولار خارج كل سيطرة يتجاوز 30 ألف ليرة، وهو الحاجز النفسي الذي يُخشى بعده أن تتصاعد وتيرة الانهيارات التاريخية للعملة الوطنية ويتوسع حزام البؤس الذي بات على امتداد وطنِ الاختناقات المالية والاقتصادية والمعيشية والسياسية.

هذا المشهد ارتسم أمس في بيروت، التي يوماً تكون عيْناً على الأبعاد الخارجية لأزمة لبنان «الأصلية» ذات الصلة بجرّه إلى صراع الفيلة في المنطقة وعلى تفجير «خطوط الرجعة» في علاقاته مع الخليج العربي (وفق ما عبّرتْ عنه حملةُ الإساءاتِ غير المسبوقة من السيد حسن نصرالله للسعودية وقيادتها والتي أكملتْها كتلته النيابية أمس)، وفي اليوم التالي على «المكوّنات المحلية» لـ «الأزمة الصغرى» المرتبطة بتعثُّر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ووقوعها في حفرة انفجار مرفأ بيروت والتحقيق فيه وتَحوُّلها أسيرة إصرار الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري على تنحية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار أو أقله «نزْع أسلحته» التي تسمح له بملاحقة السياسيين.

إقرأ ايضاً: «حوار باسيل الأعرج» بلا الحريري وجعجع…و«قلوب مليانة» بين عون وبري!

من هنا غرقت بيروت في الساعات الماضية بتحرياتٍ عن خفايا وخلفيات «تَراجُع» رئيس الجمهورية ميشال عون خطوة في «المكاسرة المفتوحة» مع بري على أكثر من «جبهة»، وموافقته على توقيع مرسوم فتْح دورة استثنائية للبرلمان (حتى منتصف مارس) بما يعيد «تفعيل» الحصانة النيابية على المعاون السياسي لبري الوزير السابق علي حسن خليل الصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية عن بيطار والملاحَق مع 3 وزراء آخرين بينهم أيضاً نائبان حاليان والرئيس السابق للحكومة حسان دياب في ملف «بيروتشيما».

وبعدما أشاعت أول المناخات التي أعقبت إعلان ميقاتي موافقة عون على توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية أن هذا الأمر لا بدّ أن يرتّب مقابِلاً ولو غير منسَّقٍ مسبقاً، يُفْضي بالحدّ الأدنى إلى «ردّ التحية» لرئيس الجمهورية بإعطاء «جواز مرور باستخدامٍ واحد» يتيح عقد جلسة يتيمة للحكومة تقرّ مشروع موازنة 2022 بما يرفد خطة النهوص المالي بمرتكزاتٍ رقمية في الطريق للتفاوض الرسمي الشاق مع صندوق النقد الدولي الذي يُرتقب انطلاقه بين 15 و17 يناير الجاري، شكّكتْ أوساطٌ واسعة الاطلاع بإمكان انعقاد مجلس الوزراء ولو وفق ما كان أشيع عن أن «قبّة الباط» من الثنائي الشيعي في هذا السياق قد تشتمل على «تفويض» وزير المال لوحده حضور جلسة «لمرة واحدة» بما يوفّر ميثاقيتها ويُبْقي في الوقت نفسه «الإصبع على الزناد» بوجه الحكومة في ملف بيطار.

بري أَخَذَ الدورة الاستثنائية ولن يُعْطي جلسة لمجلس الوزراء ؟

وقالت الأوساط لـ «الراي» انه رغم خطوة عون بإعلانه الاستعداد لتوقيع مرسوم فتح دورة استثنائية للبرلمان تجنباً لـ«تجرع كأس» إلزامه بالتوقيع استجابة لعريضة نيابية كان نصاب توقيعها شبه اكتمل، فإن بري ما زال يُبْدي تشدداً في رفضه الإفراج عن جلسات مجلس الوزراء المعطَّلة بقوة «فيتو» الثنائي الشيعي.

وإذ تحدثت هذه الأوساط عن عدم ممانعة «حزب الله» إمرار جلسة الموازنة، كشفت عن أن بري يربط أي خطوة من هذا النوع بكفّ يد المحقق العدلي عن ملاحقة السياسيين وإلا لا جلسات لمجلس الوزراء مهما كان الثمن.

وفُهم ان بري يعارض مخارج توحي بإمكان «التخلص» من بيطار عبر حضه على الإسراع في وضع قراره الظني، وابتعاده تالياً حُكْمِياً عن الملف، وأن رئيس البرلمان مرتاب من وضعه وجهاً لوجه مع أهالي ضحايا انفجار المرفأ عبر قرار ظني يحمّل المسؤولية لمحسوبين عليه.

واستشعرت الأوساط بأن «حرب الرئاستين» الأولى والثانية (عون وبري) لن تخمد وهي مرشحة لصولات وجولات في الأشهر الفاصلة عن انتهاء الولاية الرئاسية لعون، وسط سعي من حليفهما «حزب الله» للنأي بنفسه عن صراعهما المفتوح.

وعلمت «الراي» ان «حزب الله» كان واضحاً في مكاشفة مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بضرورة تجنيب الحزب منطق المفاضلة والاختيار بينه وبين بري، مشيرة إلى أن الحزب لا يشاطر رئيس «التيار الوطني» معادلة «إما نحن وإما بري».

ولم يحجب هذا العنوان السياسي ملف «كورونا» الذي سيكتسب ابتداء من الاثنين المقبل بُعداً أكثر خطورة مع معاودة فتْح المدارس، وسط توقف أوساط متابعة عند أنه بعد طمأنة وزير الصحة فراس أبيض إلى أن الوضع في المستشفيات «لا يزال تحت السيطرة»، خرج طبيب العناية المركزة المخصصة لمرضى «كورونا» في مستشفى الحريري الجامعي محمد الأيوبي ليعلن «بدأنا بالمفاضلة بين المرضى، بسبب نقص أجهزة الأوكسيجين». وأضاف: «نفضل أن نعطي هذه الأجهزة للشبان الذين لديهم أمل بالنجاة بدل إعطائها لمن أصبحت فرص نجاتهم ضئيلة أو للمسنين».

السابق
«الثنائي» يرشي الجنوبيين إنتخابياً..ولصوص الكابلات يحرمون الكهرباء للبقاعيين!
التالي
عداد «الكورونا» يُحلّق مجدداً..7547 إصابة جديدة و17 حالة وفاة!