حسن فحص بكتب لـ«جنوبية»: «الدليل الحيران» بين باقري وعبداللهيان!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

ان يقول مستشار الامن القومي الامريكي جيك سوليفان، ان “المفاوضات لا تسير بشكل جيد، لاننا لم نجد حتى الان الطريق للعودة الى الاتفاق، والشيء الوحيد الذي يسير بشكل جيد هو اتحادنا مع الاوروبيين، وتقارب اكثر في المواقف مع روسيا والصين”، قد تكون المدخل لفهم الحساسية الايرانية المتزايدة، لدى الشارع الايراني السياسي والشعبي، من تنامي الدور الذي يقوم به المندوب الروسي في الامم المتحدة ميخائيل اوليانوف في اورقة المفاوضات في فيينا، والدور الذي يلعبه كممثل للجانب الايراني في التفاوض مع الفريق الامريكي المشارك بشكل غير مباشر في مباحثات اعادة احياء الاتفاق النووي مع ايران.

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: روسيا «أم العروس».. النووية!

وقد تحول النشاط الذي يقوم به المندوب الروسي اوليانوف، مثار قلق لدى الاوساط الايرانية السياسية والمتابعة للمفاوضات، والذي ادى الى تغييب المفاوض الايراني وتهميش دوره، وتحويله الى الممسك بمفاتيح الموقف الايراني، بحيث تحول الى الناطق باسم المفاوضات، والمعبر عن الموقف الايراني والمسار الذي تتخذه المفاوضات، حتى بات الداخل الايراني يترقب التغريدات التي ينشرها اوليانوف، لمعرفة اين وصلت جهود اعادة احياء الاتفاق، في ظل صمت شبه مطبق من قبل الفريق الايراني المشارك في فيينا، واعتماد سياسة المواقف الغائمة والعائمة، من قبل وزارة الخارجية فيما يتعلق بسير المفاوضات، اما تطبيقا لسياسة فرضها المجلس الاعلى للامن القومي، واما امكانية ان يكون وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان مستبعدا عن تفاصيل ما يجري في فيينا، وبالتالي تعزز ما يدور الهمس حوله في الخفاء، عن وجود خلافات بين الوزير ومساعده كبير المفاوضين، ومحاولة كل واحد منهما تسجيل نقاط على حساب الاخر.

تفرد اوليانوف بالمشهد التفاوضي، ليس فقط مع الجانب الامريكي، بل شمل ايضا مندوبي الترويكا الاوروبية، وتوسع للتفاوض مع مساعد وزير خارجية كوريا الجنوبية تشوي جونغ كان، الذي انتقل الى فيينا، حول الاليات المطلوبة للافراج عن الاموال الايرانية المجمدة في البنوك الكورية، والتي تتجاوز قيمتها 7 مليار دولار.

مشاركة الدبلوماسي الكوري في مفاوضات فيينا، تعتبر ذو دلالات واضحة على المسار التي اتخذته او اقتربت منه المفاوضات

مشاركة الدبلوماسي الكوري في مفاوضات فيينا، تعتبر مؤشرا مهما، وذو دلالات واضحة على المسار التي اتخذته او اقتربت منه المفاوضات. فاللقاءات التي عقدها مع مندوبي السداسية الدولية، ومع نظيره الايراني وكبير المفاوضين الايرانيين علي باقري كني، تكشف بان المباحثات وصلت الى مراحل متقدمة، ودخلت في الحديث عن العقوبات، التي من المفترض ان يبدأ العمل على الغائها وآليات الغاء ما تبقى.

الجانب الكوري لا يريد ان يفوته قطار التفاهمات والصفقات، التي تجري خلف الكواليس

لكن لا بد هنا في هذا السياق، التوقف عند اسباب الاهتمام الكوري بهذه المرحلة من التفاوض، لما فيها من تأثير مباشر على العلاقة التجارية بين سيول وطهران، لجهة ان البرلمان الايراني، سبق له ان طالب الحكومة بوقف التعامل التجاري مع كوريا، التي تعتبر من اكبر الشركاء التجاريين لايران، نتيجة موقفها من العقوبات الامريكية وعدم افراجها عن عائدات شرائها للغاز الايراني بعد قبل عام 2018. وبالتالي فان الجانب الكوري لا يريد ان يفوته قطار التفاهمات والصفقات، التي تجري خلف الكواليس ووراء الابواب المغلقة، وتقاسم المغانم الاقتصادية بين الدول الكبار في السوق الايرانية، ما بعد اعادة احياء الاتفاق.

على الرغم من هذه المؤشرات، الا ان اصرار المفاوض الايراني التزام الصمت، او الاكتفاء بالحديث عن تقدم ايجابي في المفاوضات، قابله كلام اكثر وضوحا من وزير الخارجية، عن تبادل رسائل غير مباشرة مع الامريكي، وان التفاهمات وصلت الى مرحلة متقدمة، وان النقاط العالقة بينهما، على الرغم من تعقيداتها، الا انها قابلة للحل او هي على طريق الحل، وقد تستغرق وقتا اكثر من سابقاتها.

التفاهمات وصلت لمرحلة متقدمة والنقاط العالقة بينهما على الرغم من تعقيداتها، الا انها قابلة للحل

اشارة عبداللهيان الى حاجة المفاوضات لمزيد من الوقت، التقت مع اشارة الخارجية الامريكية و تتفق مع موقف للترويكا الاوروبية، عبرت عنه وزيرة خارجية المانيا، حول البطء في التفاوض حول النقاط المتبقية، ما يعني النتائج النهائية للمفاوضات، او الزمن المتوقع للاعلان عن التفاهم النهائي لاعادة احياء الاتفاق، مرشح ان يكون في نهاية شهر شباط/ فبراير المقبل، بحيث ينسجم مع موقف سابق للمفاوض الايراني باقري كني، الذي كشف في نهاية الجولة السابعة ان النتائج النهائية، لن تكون قبل نهاية العام الحالي، من دون ان يحدد حينها اي توقيت اعتمد لتحديد هذا التاريخ، التأريخ الميلادي ام التأريخ الشمسي، الذي تبدأ سنته في العشرين من شهر آذار/ مارس او الاعتدال الربيعي.

الصمت المتعمد الذي تلتزم به الادارة الايرانية قد يكون السبب فيه محاولة الامساك او التحكم بردود الفعل السياسية الداخلية على وجه التحديد

يبدو ان الصمت المتعمد الذي تلتزم به الادارة الايرانية، في التعامل مع مسار مفاوضات فيينا، والتقنين في المعلومات التي تقدمه للرأي العام الداخلي والخارجي، قد يكون السبب فيه محاولة الامساك او التحكم، بردود الفعل السياسية الداخلية على وجه التحديد، فيما يتعلق بحجم التنازلات التي قدمتها على طاولة التفاوض، على خلاف الشعارات العالية التي رفعتها والشروط المتشددة التي وضعتها، خاصة وان عبداللهيان كرر لاكثر من مرة في الايام الاخيرة المطلب الاساس لحكومته، بالغاء جميع العقوبات التي نص عليها اتفاق عام 2015، بما فيها جميع العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترمب منذ عام 2018. وهو موقف يعني التخلي عن شرط سابق تحدثت فيه ايران، عن الغاء جميع انواع العقوبات الجديدة والمزمنة. فضلا عن ان مطلب الضمانات الذي سبق ان طالبت به القيادة الايرانية، تحول لدى عبداللهيان الى ضمان حقوق ايران، ببيع نفطها والحصول على عائداتها.

امام تراجع السقوف الايرانية فيما يتعلق بالعقوبات وآليات الغائها، فمن غير المستبعد ان تصل هذه التنازلات الى انشطة تخصيب اليورانيوم، وان يترجم كلام اوليانوف – المندوب الروسي – مطلع ديسمبر من العام الماضي 2021، حول نقل اليوراينوم المخصب بدرجة 60 في المئة، واجهزة الطرد المركزي المتطورة IR6s الى روسيا، الى حقيقة، وقد تضم لها ايضا كميات اليورانيوم بدرجة 20 في المئة، والفائض عن 120 كليوغراما من اليورانيوم بدرجة 3.67 في المئة، وتنقل ايضا الى روسيا بناء على ما جاء في اتفاق 2015، الذي تعهدت طهران باعادة الالتزام ببنوده في حال تم الاتفاق على اعادة احيائه.

في ظل صمت المتحدث باسم المفاوض الايراني، والاشارات التي يرسلها المتحدث باسمه المندوب الروسي، وما يتفلت من مواقف على لسان وزير الخارجية عبداللهيان، هل تفرض الازمة الاقتصادية الداخلية على الحكومة الايرانية فتح ابواب ايران امام الاستثمارات الامريكية، وتعود طائرات البوينغ تحلق في سماء ايران، وتكون ضامنا وضمانا للاتفاق وعدم تعطيله في المستقبل، خاصة وان احدى العقد التي توقف عندها ترمب في اتفاق 2015، كانت عدم حصول واشنطن على اي مزايا اقنصادية من الاتفاق. وقد تتعزز المخاوف الامريكية الاقتصادية في هذه المرحلة، خاصة في ظل الحديث عن اتفاقيتين استراتيجيتين اقتصاديتين، طوليتي الامد بين ايران وروسيا من جهة وبين ايران والصين من جهة اخرى.

السابق
استثمر ملايين الدولارات لصالح «حزب الله».. جائزة أميركية ضخمة لمن يدلي بمعلومات عن علي شرارة!
التالي
في الضاحية.. القبض على عصابة مسلحة شاركت في احداث الطيونة!