منظومة..«عذر أقبح من ذنب»!

علي الامين
لا تكل ولا تمل المنظومة المتحكمة، من بسط فسادها و زبائنيتها، وامعانها في دك هيكل الدولة القضائي والإمني والإقتصادي، تحت شعارات جوفاء، لم تعد تنطلي على أحد، لا بل تدينها، وسَوّق "عذر أقبح من ذنب"، ظنا منها انها تبرئ ساحتها.

الدولة تتهاوى وتترنح، لأن أحداً في السلطة لا يريد أن يتعامل معها باعتباره مسؤولا، ومن واجبه الحفاظ عليها، وترسيخ حضورها في الداخل والخارج، بل جلّ ما يفعله “المسؤول”، هو التمسك بالمنصب أو الصفة التي تجعله رئيساً أو وزيراً أو نائباً، وهذا التشبث بالموقع، يترافق مع تنصل دائم من المسؤولية بمقولات ممجوجة تتكرر من دون توقف: “ما خلّونا”.. “تغيير النظام الطائفي”.. “ما عنا صلاحيات”.. “طول عمرو لبنان ما في دولة”.. “لبنان تحت الحصار الاميركي”.. “عاسكين يا بطيخ”.

وغير ذلك من الذرائع والشعارات المستفزة التي ملّ اللبنانيون من سماعها، إذ ان اصحاب هذه “الأسطوانة”، يعتقدون خطأ أنه في حال عدم الإقلاع عنها، فإن من شأنها ان تحميهم وتحفظ مواقعهم، وتجدد لسلطانهم على الدولة شعبا ومؤسسات.

المفارقة أن كل هذه الذرائع، لم تكن عائقاً أمام المحاصصة، ولا سبباً في منع استفحال الفساد، ولا حالت دون تسييس القضاء، كما لم تكن هذه الحجج الواهية، سدّاً مانعاً لاستمرار سيل الديون على الدولة، ولا عطلت عملية نهب أموال المودعين.

في لا قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن في قانون الانتخاب يظهر بشكل فادح حجم التحكم بأعلى سلطة قضائية

كان يمكن ان يكون التعطيل، الذي رافق تشكيل الحكومات والانتخابات، وتجميد القرارات الحكومية ومشاريع القوانين و وإليات تنفيذها، لسبب يتعلق بمصلحة عامة، أي أنه إذا تصلب أحد المسؤولين في تطبيق الدستور أو تنفيذ القانون، وعطل المؤسسات لمصلحة عامة، تشير الوقائع إلى أن التعطيل دائما لم يكن ليتوقف ويُجمّد، إلا بعد ترتيب “المحاصصة” و”التلزيمات” والتعيينات الفئوية في الادارة، أوصوغ قانون انتخاب يلبي مصالح ضيّقة، اي دائماً ما كان التعطيل ثم وقفه يكون لأسباب جوهرها الفساد وتجاوز الدستور والقانون، وتحقيق مكاسب فئوية وحزبية على حساب الطائفة والدولة.

في لا قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن في قانون الانتخاب، ما يرسخ حال التلاشي للدولة والمحاصصة، ويظهر بشكل فادح حجم التحكم بأعلى سلطة قضائية فباتت تلوكها ألسُن السياسيين قبل المواطنين، حيال حجم الانصياع لرغبة المسؤول السياسي.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: «حزب الله» يَرد على غوتيريش من شقراء..«الأمر لي» في جنوب الليطاني!

نجاحات هائلة حققها المسؤول على صعيد المحاصصة والافساد والفساد، وهذه لم تتحقق بالالتزام بالقانون، اذ ليس من قانون يحمي السارق ولا دستور “يشرعن” اضعاف الدولة لصالح الفئوية أو الحزبية، أو تقاسم الادارة ومواقعها بين ازلام السياسيين، ولا مصادرة القضاء، كل ذلك التخريب الذي ادارت مساره المنظومة الحاكمة، وأوصل إلى الكارثة، والمفارقة ان لا أحد مسؤول عنها، اذ يجري تقاذف المسؤوليات بين مسؤول ومسؤول، فيما تغيب المساءلة والمحاسبة بسبب مصادرة المؤسسات من قبل هذه المنظومة، سواء في القضاء أو في الادارة العامة، وقبل ذلك مصادرة الانتخابات بقوانين تنتج المزيد من الفساد نفسه.

الخروج من هذا النفق المظلم والدائرة المغلقة يستوجب تحديات و تضحيات في سبيل الاصلاح من قبل المعترضين على المنظومة الحاكمة

الخروج من هذا النفق المظلم والدائرة المغلقة، يستوجب تحديات و تضحيات في سبيل الاصلاح، من قبل المعترضين على المنظومة الحاكمة، تفوق تضحيات المنظومة في سبيل المحاصصة والتسلط، فهذه المنظومة متماسكة رغم ما يظهر من شروخ بين أطرافها، فهل يتعلم معارضوها الدرس المفيد من هذه المنظومة التضامن والوحدة، ولكن، هذه المرة، من أجل هدف سام هو إنقاذ لبنان، من دون التخلي عن حق التمايز والاختلاف!

السابق
«حزب الله» يَرد على غوتيريش من شقرا..و«اليونيفيل» تستنكر تقييد حركتها وتطلب توقيف المعتدين!
التالي
وحدة «غضب الأهالي» في «حزب الله» تتحرش بـ«اليونيفيل»..هل بدأت معركة ضبط الحدود؟!