بالصور: إسرائيل تنشر إحداثيات مواقع «حماس» العسكرية في لبنان

قيادات حماس برج الشمالي
تبنى الإعلام الإسرائيلي منذ لحظة الإعلان عن انفجار في مخيم اللاجئين الفلسطينيين بمنطقة البرج الشمالي قرب مدينة صور جنوب لبنان، فرضية وجود مخزن أسلحة لحركة "حماس" أسفل مسجد، بعدما امتد إليه حريق غير محسوم السبب حتى الآن.

ورغم أن الإنفجار وقع ليلة الجمعة/السبت، وهو يوم عطلة أسبوعية في إسرائيل، حيث تخف وتيرة التغطيات الإعلامية، إلا أن متابعات إعلامية عبرية بدت حاسمة لفرضية أن الانفجار الضخم سببه مخزن أسلحة لـ”حماس”، لكنها أسلحة ليست ذات مستوى كبير وإنما “محدود”، وفق الإعتقاد السائد. واستندت في تقديرها إلى أن “حماس” فاعلة في هذا المخيم، كما أن المسجد يتبع لها.

وراحت صحيفة “هآرتس” إلى سرد تقديرات أمنية إسرائيلية زعمها أن حماس بدأت في تطوير بنيتها التحتية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان العام 2014، في محاولة لتمكين إطلاق الصواريخ من الشمال، في حال وقوع مواجهة في قطاع غزة. وبينما لم يحسم الأمن اللبناني، حتى الآن، السبب الحقيقي للإنفجار وحكايته، تطرقت وسائل إعلام إسرائيلية إلى بعض الروايات التي تتحدث عن انفجار خزانات أوكسجين تستخدم لعلاج مرضى كورونا بالمخيم، لكنّ “هآرتس” اهتمت لرواية “السكان الذين أكدوا أن المسجد خاضع لسيطرة حماس، وأن سلسلة الإنفجارات نجمت عن اشتعال مخزن أسلحة وذخائر”.

وبمعزل عن بيان “حماس” الذي قالت فيه ان الانفجار نتيجة ماس كهربائي، فإن النشر الإسرائيلي في هذا التوقيت ليس عبثياً بل هو أقرب لتلميح بفرضية أن تكون إسرائيل ضالعة في عملية التفجير، بالتوازي مع جهود تل أبيب في عموم الشرق الأوسط لقصف شحنات الأسلحة، وخصوصاً تلك الخاصة بحزب الله، وهي عمليات تبقى دائماً في الإطار الضبابي حيث لا يتم الإعلان عنها بشكل صريح ويتم التعتيم عليها من قبل محور الممانعة دائماً بنفس العبارة التي باتت نكتة سائدة: “ماس كهربائي” إلى حد إطلاق تسمية “محور الـ220 فولت” على المحور الممتد من طهران عبر العراق وسوريا إلى حزب الله في لبنان.

أكاديمي اسرائيلي: وجود مخزن الأسلحة يدل على العمل الحثيث من قبل “حماس” على بناء قوة عسكرية كبيرة لها في لبنان

وهنا، ذكر أستاذ دراسات الشرق في جامعة “تل أبيب”، إيال زيسر، لنشرات الأخبار الإسرائيلية، أنّ وجود مخزن الأسلحة يدل على العمل الحثيث من قبل “حماس”، على بناء قوة عسكرية كبيرة لها في لبنان خلال السنوات الأخيرة، لتكون جبهة إضافية لها غير غزة. غير أنّ زيسر، رأى أنه لا أحد في لبنان يسمح لـ”حماس” ببناء قدرة عسكرية كبيرة، ما يعني أن تسلح الحركة هناك يبقى محدوداً، بحيث يقتصر على صواريخ ذات تأثير محدود. لكنّ إطلاقها لصاروخ واحد يمكن أن يؤدي إلى حرب في لبنان، وهنا مكمن الخطورة حسب تعبيره.

مركز مسعود برج الشمالي

واستذكر الإعلام الإسرائيلي، رشقات الصواريخ “المجهولة”، التي أطلقت من جهة لبنان نحو المستوطنات المجاورة، بين أيار/مايو الماضي وآب/أغسطس الماضيين، متهماً “حماس” بأنها تقف وراء تلك الصواريخ. وفي العموم فإن القراءات الإسرائيلية، التي بدت حاسمة لفرضية انفجار مخزن سلاح لـ”حماس”، لم تُشر إلى السبب الرئيس للحريق، قبل أن يتمدد إلى مخزن السلاح، وما إذا كان بفعل فاعل، أم عرضياً وأبقت الأمر مفتوحاً.

وذهب إعلام إسرائيل إلى تسليط الضوء على خريطة سيطرة فصائل فلسطينية مسلحة، بما فيها الثنائي “فتح” و”حماس”، على ما يقرب من عشرة مخيمات فلسطينية في لبنان، والتي لا تدخلها السلطات اللبنانية، حسب الأعراف. وأضاف أن “حماس تعمل في عدد من مخيمات اللاجئين في لبنان، بما في ذلك البرج الشمالي”.

والحال أن تقارير إسرائيلية سابقة تحدثت عن أن جنوب لبنان مقام على مدينة أسلحة تحت الأرض، وأن انفجارها سيؤدي إلى كارثة تفوق انفجار مرفأ بيروت. كما أن انفجار “البرج الشمالي” قرب مدينة صور، جاء بعد تقرير أوردته صحيفة “إسرائيل اليوم” قبل نحو شهرين، تحدث عن تعزيز “حماس” لوجودها العسكري في لبنان. وذكر مركز “ألما” الإسرائيلي للبحوث والتعليم، الذي يديره ضباط أمن سابقون، أن “حماس” من خلال إضافة قوتها إلى الشمال مباشرة من الحدود، تكتسب الحركة مزيداً من المرونة في خيارات الهجوم ضد إسرائيل.

إقرأ أيضاً: تمويل «اليونيفيل» للمشاريع «يتبخر» جنوباً..و«السرايا» تَحتكر المازوت الإيراني بقاعاً!

ونشر “ألما” في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، صورة لمسجد أُبيّ بن كعب الذي وقع به الإنفجار الليلة. وزعم الموقع حينها، بأنه موقع تخبئ “حماس” أسلحتها أسفله، على غرار مواقع أخرى. وحسب التقرير الأمني الإسرائيلي، فإن “مكتب البناء” التابع لـ”حماس”، ومقره لبنان وتركيا، يتولى مهمة تشكيل قوات الحركة في جميع المناطق التي تعمل فيها، وهي: قطاع غزة، والضفة الغربية، ولبنان. ويحتوي المكتب على إدارات متخصصة، كل منها مسؤول عن مجموعات مختلفة من الأنشطة، مثل تصنيع الأسلحة، والاستخبارات العسكرية، والتدريب القتالي، والإتصالات، والتمويل، والتخطيط، واللوجستيات، والأمن، والعلاقات الخارجية.

وأشار التقرير الإسرائيلي إلى وحدتي عمليات لـ”حماس” في لبنان (الشمالي وخالد علي)، باعتبارهما تجندان، مع مكتب البناء، أعضاء جدد. ويشارك في تدريبات قتالية مثل القنص وتشغيل الطائرات من دون طيار، وتنتج وحدتا العمليات المذكورتان، أسلحتهم الخاصة.  واستند تقرير مركز “ألما”، حينها، إلى معلومات من مجموعة من “المصادر المفتوحة”، كي يحدد وينشر، أسماء وصور لقادة “حماس” السياسيين والعسكريين الرئيسيين الناشطين على الأراضي اللبنانية، والمشاريع العسكرية المتعددة للحركة، وخطط العمل. كما حدد مواقع بعض المواقع العسكرية اللبنانية الرئيسية لـ”حماس”.

الإعلام الإسرائيلي تهم حماس بإطلاق رشقات الصواريخ “المجهولة” من لبنان نحو المستوطنات المجاورة بين أيار وآب

اللافت، أن التقرير انطوى على تناقض، عند حديثه باقتران نشاط “حماس “المذكور بتنسيق مع “فيلق القدس” الإيراني وحزب الله. فالتقرير الإسرائيلي، أشار أيضاً إلى عدم ارتياح حزب الله من نشاط “حماس” العسكري، مروراً بعلاقة “حماس” “المعقدة والمفاجئة بالمحور الشيعي الراديكالي بقيادة إيران”، حيث عرفت علاقات حماس مع إيران وحزب الله تقلباتها.

وتسعى الدعاية الإسرائيلية، عبر النشر هذا، إلى تأليب الرأي العام اللبناني، ومعه حزب الله، على “حماس”، عبر قولها أن “الحشد المستمر لقوة حماس في لبنان لديه القدرة على خلق تحد شديد الصعوبة لحزب الله وللدولة اللبنانية عموماً”. وأضافت أن “حماس” تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة في لبنان، بما في ذلك عدم إبلاغ حزب الله في وقت مبكر، عندما تطلق حماس الصواريخ على إسرائيل، وهو نمط يمكن أن يجر حزب الله إلى حرب مع إسرائيل، ضد مصالح حزب الله الخاصة.

وهنا، ذهب مركز “ألما” إلى أبعد من ذلك، باعتباره أن العمل الإسرائيلي “الدقيق” ضد “حماس” في لبنان، يتوافق، في الواقع، مع مصالح حزب الله. ويبدو أن انفجار “البرج الشمالي”، سيكون مناسبة مفيدة لإسرائيل، من أجل فتح ملف “سلاح حماس والتنظيمات الفلسطينية في لبنان” على كافة الصعد.

قيادات حماس في "فيلق القدس"
قيادات حماس في “فيلق القدس”
السابق
مع تعثر مفاوضات فيينا النووية..إسرائيل تلوح بضربة عسكرية لإيران!
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم السبت 11/12/2021