عمالة الفلسطينيين تفجر «حرب التوطين» بين «حزب الله» والعونيين.. ماذا عن اللبنانيين؟!

حزب الله والتيار الوطني
قرار وزير العمل بشأن العمالة الفلسطينية، زاد من نقاط الافتراق بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ويبدو أن كل طرف متمسك برأيه ليكون الفصل بالطرق القانونية، أما بالسياسة فهذا يعني أن مراجعة العلاقة بين الطرفين، يجب أن تتم سريعا كي لا يعلق فيها المزيد من الشوائب.

هل سيكون قرار وزير العمل مصطفى بيرم، بإستثناء الفلسطينيين المولودين على الاراضي اللبنانية، من أحكام التعميم الذي يحصر باللبنانيين مزاولة بعض المهن المنظمة بقانون، نقطة إفتراق أخرى على لائحة التباينات التي يسجلها كل من حزب الله والتيار الوطني الحر على بعضهما البعض في السنوات الاخيرة،  وإلى الآن لم يجلسوا إلى الطاولة لتقليصها؟ سؤال يبدو مشروعا بالسياسة بعد إعتراض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على هذا القرار، معتبراً أنه “توطين مقنّع ومرفوض”، ورأى أن “قرار وزير العمل السماح للفلسطينيين ومكتومي القيد بممارسة عشرات المهن المحصورة باللبنانيين مخالف لقانون العمل وللدستور”، داعيا “النقابات لكسره أمام مجلس شورى الدولة، واللبنانيين لعدم الالتزام به”.

إقرأ أيضاً: الشيخ عريمط رداً على تصريحات نائب «الصدفة» باسيل: حلم الرئاسة لا يتحقق هكذا

هذا الاعتراض إستدعى ردا من وزير العمل خلال مؤتمر صحافي اليوم، موضحا أن “القرار جاء في هذا التوقيت، بسبب أن القانون اللبناني يوجب على وزير العمل أن يصدره في كانون الأول من كل عام”. وأكد أن “مسألة العمالة الفلسطينية أخذت حيزاً صغيراً في القانون، ولم يتعرض للنص القانوني  بل نقله كما كان في عهد الوزيرين السابقين بطرس حرب، ومحمد كبارة، وما كان ممنوعاً في القوانين والمراسيم فيما يتعلق بقطاعات كالطب والهندسة لم يتغير”.

وشدد وزير العمل على أن “90 بالمئة ممن انتقدنا لم يقرأ القرار، وقد إستبقناه وفق تسلسل معياري ومهني دون أي محسوبيات سياسية”.

إذا، التباين واضح بين الطرفين وتمسك بالوقت نفسه بموقفه، خصوصا أن المؤتمر الصحافي لوزير العمل أظهر أنه سيبقى على قراره ولن يغيره، وهذا هو الحال أيضا بالنسبة لتكتل “لبنان القوي”، إذ يشير الوزير السابق غسان عطالله  لـ”جنوبية” أن “التكتل يدرس الاجراءات القانونية اللازمة للطعن  بقرار الوزير بيرم كي يصبح غير قبل للتنفيذ”، معتبرا أنه”في هذا الظرف الصعب الذي يمر به البلد  معيشيا وإقتصاديا، لا يمكننا فتح هذه المجالات أمام العمالة الاجنبية والفلسطينية، والتي لم تفتح منذ 80 عاما وفي عز الرخاء الاقتصادي الذي عاشه لبنان”.

عطالله لـ”جنوبية”: سنكمل بالإجراءات القانونية ولن نسمح بمنافسة تزيد من هجرة اللبنانيين

ويرى أن “القرار يعني كأننا نقول للبنانيين لم يعد لكم مكان في بلدكم، وعليكم الهجرة و العمل في الخارج ونقول للأجنبي تعالى وإعمل في لبنان”، مشددا على أن “المنافسة بين اليد العاملة اللبنانية  والاجنبية غير مقبولة، بل يجب حماية العامل اللبناني وليس زيادة منافسيه، خصوصا أن القرار يتضمن بعض المهن التي لا يمكن فتح اي مجال للمنافسة فيها، وفي الوضع الحالي علينا توسيع مجالات العمل أمام اللبنانيين الصامدين وليس تضييقها”، ويشير إلى أن “اللاجئين السوريين والفلسطينيين يتلقون الدعم من منظمات الاونروا والامم المتحدة، في الوقت أن اللبناني يُترك لقدره، والكلام عن الدافع الانساني للقرار هو نوع من إستخفاف بعقول الناس ولا منطق فيه” .

القرار يقول للبنانيين لم يعد لكم اي مكان في بلدكم وعليكم الهجرة والعمل في الخارج

يؤكد عطالله أن “لا تنسيق مع حزب الله في هذا الموضوع، والحزب يعلم موقفنا من القرار، منذ أن أعلن الوزير باسيل إعتراضه، وكذلك الامر بالنسبة للوزير بيرم، ولكن لم يتخذ أي إجراء أو تراجع عن قراره، وهذا يعني أنه علينا السير بالسبل القانونية لإلغائه”، مشيرا إلى أنه “إذا بات الوزير بيرم يتمثل بالوزيرين بطرس حرب ومحمد كبارة،  فهنيئا لحلفائنا على هذه النوعية من الوزراء، ونحن سنكمل بالإجراءات القانونية بما فيه مصلحة اللبنانيين ولن نسمح أن تكون هناك منافسة تزيد من هجرتهم”.

غسان عطالله وزير المهجرين
غسان عطالله

في الشق القانوني يرى أستاذ القانون الدولي ورئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص ل”جنوبية” أن “قرار الوزير بيرم توسّع في الاستثناء من حيث إعطاء الفلسطينيين حق العمل دون معايير تفصيلية، واكتفى بأن يكونوا ولدوا في لبنان او تزوجوا لبنانية، او حتى مجرد انهم تسجلوا أمام وزارة الداخلية، الأمر الذي من شأنه مزاحمة اللبنانيين على نحو مطلق دون تحديد الحاجات القطاعية والجغرافية، على نحو يلبي المصلحة العامة التي استند إليها القرار دون أن يراعيها بالفعل”.

ولفت إلى أن “قرار الوزير كان ليعدّ قانونيا، شأنه شأن القرارات الصادرة عن وزراء العمل في كانون الأول من كل عام إستنادا إلى المرسوم ١٧٥٦١ لعام ١٩٦٤، لولا جاء مطلقا ودون شروط ومعايير، يستند  إلى حاجة سوق العمل والنقص في اليد العاملة اللبنانية، وهو أساسا ليس بحاجة  إلى مرسوم”.

مرقص لـ”جنوبية”: قرار بيرم غير قانوني لانه جاء بإستثناءات واسعة تخالف الدستور

هل هذا يعني ان القرار غير قانوني بهذه الصيغة؟ يجيب مرقص:” نعم لانه جاء باستثناءات واسعة، تخالف الدستور والقوانين اللبنانية، من حيث النص ومتطلبات سوق العمل من حيث الحاجة والموضوع”، لافتا إلى أن “الدستور يمنع التوطين صراحة وهذا شكل من أشكاله في ميدان حقوق العمل، لأنه جاء مطلقا دون شروط ومعايير واضحة ومدروسة تلبي النقص في حاجات سوق العمل وفقا للفقرة “ط” من مقدمة الدستور”.

الدستور يمنع التوطين صراحة و قرار بيرم هو شكل من أشكاله في ميدان حقوق العمل

ويطرح  مرقص مجمل أسئلة حول القرار الصادر عن وزير العمل، “بدءا بما اذا كانت الوزارة، قد أجرت استطلاعا وافيا لحاجات اليد العاملة، التي لا تتوافر كفاية لدى اللبنانيين، وتبعا للتوزيع الجغرافي طالما أن القرار بُني على المصلحة العامة”، معتبرا أنه “لو أجاز وزير العمل لغير اللبنانيين العمل في مهن كالمحاماة والطب وسواها، فإن لهذه المهن قوانين خاصة ونقابات إلزامية تمنع ذلك، وأي إنفتاح على عمل غير اللبنانيين، يجب أن ينطلق من الحاجات الموضوعية الناتجة عن نقص اليد العاملة  اللبنانية، في قطاعات ومهن محددة، وان يأخذ بعين الاعتبار حاجات المناطق وفق شروط ومعايير واضحة”.

ويرى أن “لا عقدة في ذلك حين توافر هذه الشروط والمعايير تلبية المصلحة العامة، وتداركا لإنفجار قنبلة إجتماعية وأمنية لا يعرف توقيتها، ناتجة عن الحرمان التاريخي الأعمى للاجئين من أبسط مقومات العيش الكريم”، مشددا على أن”الاولاد من أم لبنانية ولدوا في لبنان وأقاموا فيه فيه يستحقون لهذا السبب تسهيلات خاصة ومميزة وإضافية، طالما تحجب عنهم الجنسية اللبنانية في القانون دون معايير بين الطارئ من بينهم وبين اللبناني في الصميم”.

الخبير الدستوري بول مرقص
بول مرقص
السابق
الشيخ عريمط رداً على تصريحات نائب «الصدفة» باسيل: حلم الرئاسة لا يتحقق هكذا
التالي
بعد تعميم سلامة.. هذا ما جرى التباحث به بين عون وميقاتي