هل يرفع اللبنانيون نخب الإنتخاب؟!

علي الامين
تبقى الإنتخابات النيابية "على علاتها" لو حصلت، ان بتأخير أو تقديم في مواعيدها، فرصة ذهبية مؤاتية لأحرار لبنان التوّاقين إلى التغيير، لشحن نفوسهم المحبطة من سلطة السلاح والنفاق المستبدة منذ عقود، وزرع شيئ من الخوف في "قلوب" رموزها "المحنطة"، حتى ولو كانت حظوظ إحداث فروق وخروق كبيرة غير مرتفعة.

لا رهان لدى اي لبناني، بامكان الخروج من الأزمة المستفحلة، في ظل سلطة المنظومة الحاكمة للبنان، فالتغيير شرط لا بد منه من أجل فتح نافذة أمل، لوقف التدهور في كل القطاعات، ولتماسك بنيان المؤسسات الدستورية.

الانتخابات النيابية توفر هذه الفرصة من دون الجزم بذلك، كونها تتطلب حدّاً أدنى من القواعد في القانون، كما في إدارة العملية الانتخابية، تتيح فرص الاقتراع والاختيار الحر لكل الناخبين، فضلا عن توفّر شروط دنيا من حرية الترشح، وحماية حقوق المرشح في خوض الانتخابات، إلى جانب شرط حياد الأجهزة الأمنية والإدارية، ولو نسبيا،  بما يحدّ من عمليات التزوير التي تأخذ اشكالا عدة، تفضي إلى التزوير وحماية مرتكبيه.

يتم كل ذلك عبر الرضوخ لماكينات المنظومة الانتخابية، على اختلاف أطرافها المسلح عسكريا وامنيا،  بالدرجة الأولى ك”حزب الله”، واحزاب السلطة الممسكين بمفاصل إدارة العملية الانتخابية، بسطوة التسلط الحزبي.

إقرأ ايضاً: «الجحيم» يَتمدد..الكهرباء والمحروقات والدواء «تُحرق» الجنوبيين والبقاعيين!

رغم ذلك فإن الانتخابات يجب أن تتم في موعدها، وستبقى فرصة يمكن ان تفتح نافذة لتغيير ملموس وجدي، لأن الخيارات الأخرى تشي بالإستمرار في الانهيار، والتأقلم مع تداعيات عنوانها: ترسّخ الاستبداد بقوة الافقار والبؤس. ما يعني استمرار المنظومة الحاكمة متسلطة، مع تغيير جذري لوجه لبنان المعروف خلال مئة عام، من دون أن نتوقع الصورة التي يرسو عليها هذا الوطن، بإستثناء البؤس الذي سيكون الأشدّ حضورا في هويته وتأثيرا في مجتمعه.

الانتخابات يجب أن تتم في موعدها وستبقى فرصة يمكن ان تفتح نافذة لتغيير ملموس وجدي

العالم لن ينتشل لبنان، ولن تكلف دولة نفسها انقاذه من هاوية لا قرار لها، قصارى الاهتمام سيتركز دولياً على مصالح تتصل بحسابات أمنية واستراتيجية، يمكن توفيرها عبر المنظومة الحاكمة وبأقل الاكلاف المادية، ومن دون التورط في مسارات التغيير السياسي أو الديمقراطي، فطالما هذه المصالح الدولية والاقليمية يتم احترامها، فلا ضير أن يفتقر اللبنانيون وأن يّحكموا بالاستبداد وسطوة السلاح،  ويعطي استقرار الحدود الراسخ مع إسرائيل، مثالاً قوياً على ما تقدمه “المنظومة” من اغراء واغواء، لتجديد الثقة بها من أكثر من دولة مؤثرة وفاعلة وفي مقدمها إسرائيل نفسها.

المشهد الانتخابي يبقى الفرصة المتاحة، رغم ضآلة ما تحمله من فرص لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الدولة، واهميته لا تكمن في ما سيفضي اليه، من فوز مرشحين من خارج المنظومة بمختلف اوجهها، بل في ما يتوقعه الكثيرون من تجديد سيطرة المنظومة على مجلس النواب، وهو فوز للتفاهة والفساد والقتل، قتل كل ما هو مجال اعتداد وطني ومصدر فخر لأي مواطن بدولته أو وطنه، قتل للعدالة ولقيم الابداع، والاقتصاد والفكر الخلاق والحرية، واعلان موت الدولة.

المشهد الانتخابي يبقى الفرصة المتاحة رغم ضآلة ما تحمله من فرص لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الدولة

تدرك هذه المنظومة أن مشكلتها مع الانتخابات ليست في كسب المقاعد، ولا لمن ترسو الأكثرية في خارطة تقاسم الحصص والنفوذ تحت سقف “المنظومة”، فذلك مقدور على استيعابه وتجييره لصالح قواها بكل مكوناتها، أزمة المنظومة انها لم تعد تثير اهتماماً، لقد فقدت قدرتها على الجذب الخارجي، والاغواء الذي تقدمه من خلال استعراضاتها، باتت اشبه بمومس عجوز فقدت نضارة الشباب، وبالتالي كل ما يثير الانتباه أو الاغراء.

رهان هذه المنظومة هو على السلاح، وعلى البطش العاري والاستبداد، لذا هي تستقوي بكامل اطرافها بسلاح “حزب الله”، حيناً بالاستقواء به على خصومها، و أحياناً بتخويف جمهورها منه، وفي معظم الأحيان بمحاولة استجداء الخارج بوظيفة تفيد استمراره ولو بالايجار. هل يتمكن اللبنانيون الأحرار من إنتهاز، ولو القليل، من فرصة التغيير المقبلة لو تحقق الاستحقاق الكبير؟ .. إن غد الإنتخابات لناظره قريب!

السابق
«الجحيم» يَتمدد..الكهرباء والمحروقات والدواء «تُحرق» الجنوبيين والبقاعيين!
التالي
الكورونا ينشط جنوباً..تسجيل 56 إصابة جديدة في قضاء صور!