ماذا يعني أن تكون سيادياً في لبنان؟

توفيق الهندي
في الآونة الأخيرة أصبحت غالبية الأطراف تتغنى بأنها سيادية. لذا، أرى نفسي مضطراً أن أبدي وجهة نظري بمحتوى السيادة.

بات “حزب الله” يحدثنا بأنه حزب سيادي لبناني، عندما يتعلق الأمر بمقاومته لأميركا وإسرائيل وحلفائهما العرب “الخونة”. وحقيقة الأمر، أن الحزب هو المكون الرئيسي لفيلق القدس ومحور المقاومة (الإسلامية)، وأمينه العام هو قائد الفيلق، والمحور غير المعلن بعد موت قاسم سليماني، وحقيقة الأمر أيضاً، أنه جزء لا يتجزأ من الجمهورية الإسلامية في إيران منذ نشأته، وأن هدف هذه الأخيرة هو أسلمة العالم إنطلاقاً من أسلمة المنطقة، بتعميم المذهب الشيعي الإثني عشري، وفقاً لإجتهاد الإمام الخميني، أعني “ولاية الفقيه”.

إقرأ أيضاً: لبنان بين «النفير» الخليجي و«النفور» الإيراني!

كما ينتاب الثلاثي الحريري-جنبلاط-جعجع، “زعماء” 14 آذار المنتهية الصلاحية، نوبات سيادية، ولو بنسب متفاوتة، ناتجة عن تغّير في الظروف العامة في لبنان، وعن مواقف “حلفائهم” المستجدة، بعد أن أمعنوا في مجالستهم الدونية لحزب الله، و لمراحل طويلة من الزمن، بحثاً عن فتات السلطة، وساهموا من خلال جشعهم السلطوي، في إيصال لبنان إلى الدرك الذي وصل إليه.

ينتاب الثلاثي الحريري-جنبلاط-جعجع نوبات سيادية، ولو بنسب متفاوتة، ناتجة عن تغّير في الظروف العامة في لبنان

فسيادية طرف ما لا تتعلق بما يوصف نفسه بها، كما لا تتعلق أيضا” ب”آرمة” حزبية، لها تاريخها المجيد بالنضال السيادي في مراحل سابقة. فمع الوقت، من الممكن للشيئ أن يتحول ويتحور.

لذا، لا بأس إذا إستفاقت بهم بعض النخوة السيادية. ولكن هذا شيئ وتمحور بعض السياديين حولهم شيئ آخر. فهم لم يقعوا بأخطاء، إنما تصرفوا وفقاً لطبيعتهم الشخصية، ولكونهم من نتاج بنى سياسية_إجتماعية، وصّفها أوهانس باشا قيومجيان، آخر متصرف في لبنان، على أنها مزيج هجين من الإقطاع الآري والقبلية السامية.  

ولكن ماذا يعني أن تكون سيادياً في هذه المرحلة؟

1) أن تدرك أن لبنان الشعب والكيان والدولة، يمر بمرحلة خطر وجودي

2) وعليه، أن تضع طموحاتك السلطوية الشخصية، حتى لو كانت مشروعة في ظروف عادية جانباً، إلى حين يصل لبنان إلى شاطئ الأمان. لماذا؟ لأن طموحاتك السلطوية في الحالات القصوى هذه، لن تكون مشروعة ولن تصب في خانة خلاص لبنان، بل تؤدي إلى تغيير أولويات التحرك المجدي وطنياً

3) أن تعطي الأولوية لتحرير لبنان، من الإحتلال الإيراني عبر “حزب الله”، على أن لا تغفل ضرورة التخلص من الطبقة السياسية المارقة القاتلة، لأن مجرد بقائها بعد التحرير هو كفيل بإعادة إنتاج الأزمات الوجودية، و ويشكل عائقا أمام حل الأزمات الإقتصادية والمعيشية والبيئية.. وإخراج لبنان من جهنم

4) أن ينبذ من خطابه السياسي مفاهيم “تسووية” بالية، مثل “إستراتيجية دفاعية” أو سياسة “النأي بالنفس”، أو “عقد نزاع” أو “العقلانية” أو “تقطيع المرحلة”..

5) أن لا يقتصر خطابك السياسي على العموميات من نوع “بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية”، أو “حصرية السلاح وتحريكه بيد الدولة”، أو “تنفيذ الدستور ووثيقة الوفاق الوطني” أو “العودة إلى الحضن العربي” ..

اعتبار عناصر “حزب الله” لبنانيين، مع عدم اعتبار حزب الله كجسم سياسي_عسكري_ أمني هو “حزب لبناني”، له شرعيته اللبنانية

6) أن تعتبر عناصر “حزب الله” لبنانيين، ولكن أن لا تعتبر حزب الله كجسم سياسي_عسكري_ أمني هو “حزب لبناني”، له شرعيته اللبنانية عبر تمثيله في البرلمان والحكومة، وكونه يتلقى دعماً عسكرياً ومالياً من إيران فحسب، وبالتالي عليك محاورته لإقناعه، بأن سياسته تضر بلبنان واللبنانيين، أو أن تقترح عليه أن يتحرك بإمرة الجيش اللبناني، أو أن يتحول إلى قوة عسكرية شرعية، تأتمر بدولة له كامل السيطرة عليها

7) بالمقابل، يجب إعتبار أن لبنان يقع تحت إحتلال إيراني، عبر “حزب الله” بالتوصيف الوارد في بداية هذا المقال

لا خلاص للبنان طالما “حزب الله” يمسك بالقرار اللبناني الإستراتيجي

8) أن لا تكون علاقات إنبطاحية أو متزلفة مع أي خارج، مهما كان أخوياً أو صديقاً، بل أن تقوم العلاقات معه على قاعدة تقاطع موضوعي، بين مصالحه ومصلحة لبنان السيد الحر، لمواجهة الإحتلال وليس لتحويل لبنان إلى ساحة صراع للآخيرين على أرضه  

7) وعليه، يجب المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، ولا سيما القرار1559، ووضعه تحت الفصل السابع وإتفاقية الهدنة عام 1949، لأن لا خلاص للبنان طالما “حزب الله، يمسك بالقرار اللبناني الإستراتيجي، من خلال سلاحه محولاً إياه، إلى مقاطعة من الجمهورية الإسلامية في إيران.

السابق
«ضربة لحلم سليماني بإقامة مجال بري بين إيران ولبنان».. تقرير يفضح كيف أطاح الأسد بقائد فيلق القدس!
التالي
الكشف عن كواليس زيارة زكي الى لبنان.. ما علاقة سلاح «حزب الله»؟