ما بعد بعد أحداث الطيونة!

اشتباكات الطيونة

“احداث” الطيونة ليست شرارة حرب اهلية؛ فشراراتها لم تنته منذ ان انتهت في العام 1990، لكنها تزيد وتضعف تبعا للظروف .. الظرف اليوم خطير لان الدولة تتحلل، كما لم يحصل منذ اتفاق الطائف، ومشاهد السلاح المستقوي عليها اليوم تشرح الواقع ..والملاحظات البارزة كثيرة:

1- ان اولى ضحايا معركة “قبع البيطار” هي حكومة الرئيس ميقاتي؛ فقد انتهت قبل ان تنطلق. جهد رئيسها في تسويقها للداخل والخارج على انها مستقلة، لكن وزراءها بكروا بخلع ياقة الاختصاص، ولبس قمصان الانتماء الحزبي، وتقدم احدهم الصفوف بعضلات من سماه؛ معترضا ومحذرا رئيس الجمهورية، فضلا عن زميل له – وللمفارقة كلاهما قاض- قبل ان يعلن من سماه علنا، انه بات الممثل للثنائي الشيعي في المعركة التي اطلقها “مرشد الجمهورية” مساء الاثنين 11-10-2021. هذه النتيجة المؤكدة بالوقائع – فضلا عن اقرار وزير الداخلية المتلفز- تدفع للتحسر على اكثر من سنة، ضاعت من عمر البلد للاتفاق على حكومة مختلفة؛ فإذا بها كسابقاتها، وخلافا للمبادرة الفرنسية التي قضى عليها العهد مدعوما بالسلاح.

2- ثاني ضحايا هذه المعركة هو القضاء الضعيف والمستقوى عليه، تارة من فريق العهد وتارة من فريق السلاح.. وذروة المفارقة في هذه الملاحظة ان فريق السلاح، سبق ان رفض التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رفيق الحريري بدعوى التسييس، وهاهو يرفض اليوم التحقيق الوطني في جريمة المرفأ بدعوى التسييس، و تعامل مع القضاء الدولي على انه غير موجود، واعتبر تحقيقات البيطار بحكم العدم، وفي كلا الحالتين هدد وتوعد، واعلن النفير في مواجهة “المشروع الامريكي”، رغم انه يواجه هذا المرة قاض فرد ليس اكثر.

3- يدفع اللبنانيون جميعهم ثمن هذا الواقع. الغريب ان الجهة المتسببة بمقاطعة بعض الخارج او “حصار” بعضه الاخر، والمسؤولة عن ربط البلد بمحاور قضت على اقتصاده، وأسهمت في احد اكبر الانهيارات المالية في القرن الحادي والعشرين؛ تقدم نفسها اليوم للمساعدة في المحروقات والكهرباء والدواء وامورا اخرى، كمن يشعل الحرائق ثم يزعم اطفاء احدها.. فيما الواقع ان النار تلفح الناس وتأكل ما في جيوبهم.. والاخطر انها تزرع اليأس في نفوسهم وتدفعهم للهجرة من هذا البلد المستعصي على الاصلاح. لا مؤشرات اقتصادية تدعو للتفاؤل، ولا معطيات سياسية تؤشر للأحسن ..

فقدان الامل اصعب ما في هذا الواقع المكرب.

السابق
بريطانيا تدعو الى ضبط النفس: أحداث بيروت مقلقة!
التالي
انخفاض طفيف بدولار السوق السوداء.. كيف أقفل نهاية اليوم الدموي