حلو لـ«جنوبية»: يحق للبنان المطالبة بتعديل المرسوم 6433.. ولا مفاوضات من دون وساطة أميركية

خليل حلو
هل سيقبل الوسيط الاميركي، برعاية المفاوضات الجارية بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، إذا تمّ تعديل المرسوم 6433 الذي يمنح لبنان مساحات إضافية، من المسافة المتنازع عليها بينه وبين إسرائيل؟ هذا هو السؤال الحقيقي والذي لا يملك لبنان الجواب الحاسم عليه، علما أنه من الناحية القانونية، يحق له طلب التعديل ولكن على أرض الواقع، لا يبدي الاميركيون حتى الآن، أي حماسة لإعادة الوفدين اللبناني والاسرائيلي، إلى طاولة التفاوض بعد 11 عاما من الجهد، الذي بذلوه حول هذا الملف.

يعود ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة مجددا، مع مطالبة الوفد العسكري المفاوض مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون، للإسراع في أخذ قرار توقيع تعديل المرسوم 6433، خصوصا أن الجانب الاسرائيلي أعلن صراحة عن العقد الموقع بينها وبين شركة “هاليبرتون” الأميركية (Halliburton) للتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها مع لبنان، اي في النقطة (23) المحددة بالاحداثيات اللبنانية، وفق المرسوم المودع في الامم المتحدة، في العام 2011 (زمن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية).

اقرا ايضاً: القاضي البيطار «يخسر» معركة و«يربح» الحرب!

ينطلق الوفد اللبناني من طلبه هذا من أن أي اعتراض للبنان من دون إجراء نوعي، لن يكون في صالح الدولة اللبنانية، ولذلك قدّم  شرحا مستفيضا لرئيس الجمهورية ميشال عون (خلال زيارته بعدا الاسبوع الماضي) حيال الخطوة، مُظهرا أن عدم الإقدام عليها سيًفقد لبنان ورقة تفاوضية مهمة في الناقورة، ما إستدعى لاحقا إجتماعا ضمّ عون و ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، جرى في خلاله تدارس الخطوات المفترض ان يقوم بها لبنان لمنع الاستباحة الاسرائيلية.

المرسوم 6433 أُقر بناء على توصية لجنة فنية تضم ممثلين من الجيش اللبنان وأعضاء من الوزارات المختصة

يشرح الخبراء أن ما يطلبه الوفد المفاوض، هو تكليف من يلزم ليصار الى سحب المرسوم رقم 2011/6433، والخريطة المرفقة به من الدوائر المختصة في الامانة العامة لدى الأمم المتحدة، خاصة أن هذا المرسوم صدر في العام 2011 دون إستشارة مجلس شورى الدولة،  وإجراء اللازم لناحية إيداع إحداثيات لنقاط الحدود البحرية الجنوبية الجديدة (الخط 29)، كما حددتها قيادة الجيش بموجب الكتاب رقم 2320/ع‏ م/س تاريخ الرابع من آذار/مارس 2021بهدف حفظ الحقوق، خاصة أن العدو الإسرائيلي لا يزال مستمراً في أعمال الحفر والتنقيب شمال الخط 29، على الرغم من سير المفاوضات. كما طالب الوفد إجراء اللازم لناحية التواصل مع الجانب السوري، لبدء التفاوض لناحية تحديد الحدود البحرية بين الجانبين، على أن يتم إيداع إحداثيات نقاط هذه الحدود البحرية الشمالية بصورة نهائية، بعد إنتهاء عملية التفاوض، خاصة أن سوريا، لم تودع حدودها البحرية مع لبنان لدى الأمم المتحدة لغاية تاريخه، على عكس العدو الاسرائيلي الذي قام بإيداع حدوده البحرية مع لبنان في تموز/يوليو 2011. ‏

كل ما سبق يدعو إلى السؤال التالي، أين نقاط القوة والضعف في المطلب اللبناني المستجد؟ 

يجيب الخبير العسكري العميد خليل حلو “جنوبية” على هذا السؤال بالقول:”من الناحية القانونية يحق للبنان المطالبة، بأقصى ما يمكن لضمان حقوقه، وهذا ما ينص عليه قانون ترسيم الحدود البحرية، وهناك عدة طرق لترسيم الحدود وأصلا لم تحدث أخطاء سابقاً، لافتا إلى أن “المرسوم  6433 أُقر بناء على توصية لجنة فنية، تضم ممثلين من الجيش اللبناني وأعضاء من الوزارات المختصة بالملف، وبينهم وزارة الاشغال، وبعد فترة تبيّن للجانب اللبناني، أنه يمكن ترسيم حدوده بطريقة مختلفة، تمنحه المزيد من الكيلومترات على حدوده البحرية، وهي أكبر بثلاثة أو أربعة أضعاف من المسافة الحالية، التي كان متنازع عليها تضم 860 كلم مربع”.

من الافضل توقيع تعديل المرسوم 6433 ولكن لن يفيد لبنان بالكثير لأنه لا يثبت الحدود البحرية

 يضيف:”عادة كل دولة تتنازع بحدودها مع دولة أخرى (هذا ما حصل بين الولايات المتحدة و المكسيك مثلا)، تضع خرائط تظهر أقصى المساحة التي تعتبر أنها من حقها وبعدها يحصل تحكيم دولي”، مشددا على أن “مشكلة لبنان الكبيرة، بطبيعة الحال أنه لا يعترف بإسرائيل كدولة، ولا يقبل باللجوء إلى التحكيم الدولي لأن ذلك يعني إعترافا بها، ولهذا حاول الجانب الاميركي القيام بوسائط، بناءا على الخرائط التي تمّ الاتفاق عليها وفقا للوسيط الاميركي هوف”.

ويرى حلو أن “الخريطة الجديدة التي أبرزها لبنان، والتي تطلب تعديل المرسوم 6433، تعطي الوفد المفاوض مستندا إضافيا خلال عملية التفاوض، ولكن اسرائيل تقبل بالتفاوض إنطلاقا من خط هوف أي 500 كلم مربع للبنان و300 كلم٢ لها، على أن تبقى هذه المسافة تحت السيادة اللبنانية، ولا تقوم إسرائيل بالتنقيب بهم”، لافتا إلى أنه “على ما يبدو أنهم ( الاسرائيليون) غير مهتمين بما يقوم به الجانب اللبناني، وأنهم غير متحمسين لإكمال المفاوضات، علما أن الجانب الاميركي كان  من المتحمسين لهذه المفاوضات، لإزالة أي عائق أو فتيل إشتعال في المنطقة، في الوقت الذي يستمر بمفاوضاته مع إيران “.

الاميركيون لا يبدون حماسة اليوم بالقيام بوساطة خصوصا في ظل التغييرات التي طرأت على الموقف اللبناني خلال 11 عاما 

و يشدد على أنه “من الافضل توقيع تعديل المرسوم 6433، ولكن لن يفيد لبنان بالكثير، لأنه لا يثبت الحدود البحرية اللبنانية، بل يخلق نزاع مع إسرائيل ويتطلب وساطة دولية لحله”، لافتا إلى أن “الاميركيين لا يبدون  حماسة  اليوم بالقيام بوساطة من جديد، خصوصا في ظل التغييرات الكثيرة التي طرأت على الموقف اللبناني منذ 11 عاما إلى الان”، مذكرا أن “آخر المحاولات الاميركية لإنجاح هذه المفاوضات مع السفير ديفيد ساترفيلد، على أساس خط هوف، وفي المرحلة الاخيرة حين أبرز الوفد اللبناني ضرورة تعديل المرسوم ( وهذا حق للبنان )، وقد شكل مفاجأة لكل من الاميركيين والاسرائيليين، ولا أعرف لأي درجة الجانب الاميركي على إستعداد، أن يقوم بمجهود  لإنهاء هذا الملف،  وفقا للتعديل اللبناني الجديد، خصوصا أن الجانب الاسرائيلي أيضا يملك خرائط تظهر، كما يزعم، حقهم بمئات الكيليومترات زيادة على خط هوف”.

ويختم:” من الناحية العلمية يحق للبنان، المطالبة بطريق جديدة لترسيم الحدود البحرية، وتزيد من قدرة المفاوض اللبناني إذا تم إستئناف المفاوضات، ولكن إذا لم تتوفر الوساطة أميركية، فهذا يعني أن  لا مفاوضات وهذه هي المشكلة الحقيقية”.

السابق
بالفيديو: لارا الهاشم تروي تفاصيل تهديد صفا لبيطار!
التالي
ميقاتي يستنكر تهديد البيطار: حزين على انتهاك السيادة !