الحكومة.. ثقة «شعبوية» يتوجس منها الشعب!

صحيح أن حكومة "معا للإنقاذ" نالت ثقة مريحة من المجلس النيابي، على ما يحتويه بيانها الوزاري من نقاط سياسية وإقتصادية وإجتماعية وإجراء إنتخابات النيابية، لكن الصحيح أيضا أن هذه الجلسة أظهرت أن الطبقة السياسية لم تتغير قيد أنملة، والدليل هو خطاباتها الشعبوية داخل المجلس تحضيرا للإنتخابات النيابية القادمة(مثال على ذلك كلام النائبين حسن فضل الله وجبران باسيل المكرر عن الملفات التي سيتصدون لها)، ناهيك عن الكلام الممجوج لباقي الكتل النيابية. أما على أرض الواقع، فإن جلسة الثقة تبدو وكأنها تعطي الحق للحكومة الجديدة، في نهش لحم اللبنانيين وهم أحياء، من خلال إجراءات تقشفية، أولها رفع دعم عن المحروقات من دون إقرار للبطاقة التمويلية.

زخرت جلسة مجلس النواب التي إنعقدت اليوم في قصر الاونسكو لمناقشة البيان الوزاري لحكومة “معا للإنقاذ” التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، بالكثير من الشواهد التي تدل على أن الطبقة السياسية والنواب في واد والشعب اللبناني في واد آخر، وأن حالة الاهتراء في مؤسسات الدولة بلغت حدا غير مسبوق .

إقرأ أيضاً: بالصور: مأساة لبنان .. على السوشال ميديا!

فمن حيث الشكل تأخر إنعقاد الجلسة ساعة كاملة لأنه لم يتم تأمين المازوت لتوليد الطاقة الكهربائية، وكان الإرتباك واضحا إلى أن تمّ تأمين التيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان، التي قطعتها عن مناطق جبل لبنان و”جيّرتها” لمنطقة بيروت الادارية، أما في المضمون فإن الجلسة بدأت بكلام “مختصر” لرئيس الحكومة عن البيان الوزاري وما يحمله من “وعود” للبنانيين،  أما على أرض الواقع فقد بدأت الحكومة أول خطواتها لمعالجة الاوضاع ( قبل جلسة الثقة)، برفع الدعم عن المحروقات من دون إقرار البطاقة التمويلية( التي يبدو أنها ستستغرق وقتا)، وتركت اللبنانيين يتخبطون في ظل أزمة المحروقات المستفحلة، والتي لن تشهد إنفراجات إلا بعد رفع الدعم تماما عن إستيرادها.

ومن حيث المضمون، أيضا إطمأنت الحكومة أنها ستنال ثقة نحو مئة نائب من دون مفاجآت، ما يعني أنه سيكون بإمكانها “أكل لحم اللبنانيين”، بإجراءاتها “التقشفية والمصرفية” المقبلة، ومن دون أن تحرك أيا من القوى السياسية ساكنا بل أنهم “وقّعوا لها بياض لكي تقوم بذلك”، والدليل هو مضمون الكلمات التي ألقاها رؤساء وممثلو الكتل النيابية في الجلسة، والتي كررت خطاباتهم السابقة التي يحملوّن فيها مسؤولية ما جرى إلى أخصامهم، أو يطلقون مواقف شعبوية تعينهم على حشد أصوات في الانتخابات النيابية القادمة.  

يوافق نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، على أن جلسة الثقة تخللها منسوب عال من الشعبوية في خطابات بعض النواب، ويقول لـ”جنوبية”:”لسوء الحظ أن “الشعبوية” هي مرض كبير، صحيح أنه مشروع ولكن لا يجب أن نذهب به إلى درجة أن يكون على حساب كل المفاهيم  في الحياة”.

ويضيف:” لذلك كان لي موقف في أثناء كلمة النائب جبران باسيل وطالبته بتسمية النواب الذي قاموا بتحويل أموالهم إلى الخارج، لأن التعميم من دون وجه حق هو إلحاق الظلم بأبرياء وهذا أمر لا يجوز”.  

الفرزلي لـ”جنوبية”: وجود حكومة أفضل من عدمه

يرى الفرزلي أن “جلسة اليوم هي كسابقاتها من الجلسات المتعلقة بمناقشة البيان الوزاري، والنواب يعرفون أن مدة الحكومة هي مدة لا تتجاوز ستة أشهر، وبالتالي إمكانية تحقيق الانجازات المميزة جدا قد تكون من باب طلب المستحيل”، لافتا إلى أنهم “يشعرون بمسؤولية كاملة بأن وجود حكومة أفضل من عدمه، كونها قادرة على إحداث نقلة نوعية، على مستوى الحوار مع المؤسسات الدولية ولجهة وضع حد لحالة الانهيار والتهيئة لإجراء إنتخابات نيابية”.

ايلي الفرزلي

حرب

يُسجل النائب السابق بطرس حرب عدة ملاحظات على جلسة منح الثقة لحكومة “معا للإنقاذ”، ويقول لـ”جنوبية”: “من حيث الشكل، تأخير إنعقاد الجلسة بسبب إنقطاع الكهرباء، يدلل على الفشل في إدارة شؤون الدولة، من قبل السلطة الحاكمة، وأبرز مثال على ذلك كلام من  نصّب نفسه مطالبا بالاصلاح،  واليوم يحاول إخبارنا عما حصل في ملف الكهرباء، علما أن فريقه تولى وزارة الطاقة على مدى عشر سنوات من دون أن يحققوا أي خطوة إيجابية في هذا الملف”. 

يضيف:”الملاحظة الثانية من حيث الشكل ايضا، هي مطالبة رئيس المجلس نبيه بري من الرئيس ميقاتي إختصار تلاوة البيان الوزاري، وهذا أمر يخالف التقاليد الدستورية في العالم”، لافتا إلى أنه من “حيث المضمون فإن البيان الوزاري يتضمن تمنيات، والخوف أن نبقى في إطار هذه التمنيات”.

حرب لـ”جنوبية”: الوضع يحتاج الى حسم ..وهذا ما لم يتضمنه البيان الوزاري

يرى حرب أن “الوضع الحالي في لبنان يحتاج إلى موقف وقدرة على الحسم وهذا ما لم يتضمنه البيان الوزاري، أي أنه تم ذكر المشاكل من دون أي وضع تصور للحلول، والامثلة كثيرة والايام المقبلة، ستكشف أن هذه الحكومة التي تم تركيبها غير قادرة على الانجاز وسيتم تفجيرها من الداخل”، مشددا على أن “الدليل على كلامه هو تجنب كل القضايا الخلافية في البيان الوزاري، والتعامل معها كأنها غير موجودة أو مقاربتها بكلام يمكن تفسيره بعدة أوجه”.

 ويختم:”اعتقد أن هذه ستكون مقتل الحكومة المقبلة، فإذا لم يتوافق الوزراء على مواقف معينة، فكيف يمكن مواجهة المشاكل التي تحتاج إلى قرارات موحدة، ولا سيما أننا سمعنا تصريحا لرئيس الحكومة مفاده أن القرار في البلد هو لحزب الله”.

بطرس حرب
بطرس حرب
السابق
النفط الايراني يُلهب جلسة الثقة.. ويُشعل اشتباكاً سياسياً بين «حزب الله» و«المستقبل»!
التالي
كتب مجانية للمدارس الرسمية والخاصة.. ماذا عن تأجيل العام الدراسي؟