بعد تشكيل الحكومة.. الإنتخابات النيابية بين الحقائق والأوهام!

مع تشكيل الحكومة، يفترض أن تكون سقطت أوهام بعض الثورة بإمكانية التغيير، إن لم نقل خلاص لبنان، من خلال المسالك الدستورية (تشكيل حكومة، إنتخابات نيابية، إنتخابات رئاسية).

في واقع الأمر، لبنان يعيش حالة اللادولة، أو الدولة الإفتراضية، وهو مفهوم لا بد من العمل على توضيحه وتحديده بدقة. ففي لبنان، الدولة غير موجودة عملياً، وبالتالي لا يمكن حتى وصفها، بالدولة المارقة أو الدولة الفاشلة بالمفهوم العلمي للكلمة.

اقرأ أيضاً: حكومة ميقاتي مثقلة بالفضائح والرصاص..والعهد وصهره يفاخران بالثلث المعطل

في لبنان، سلطة بيد الإحتلال الإيراني يمارسه حزب الله، تعاونه طبقة سياسية مارقة فاسدة قاتلة، بعض مكوناتها تابع مباشرة له، وبعضها الآخر خاضع له بالإكراه أو الجبن، أو المصلحة للحفاظ على فتات السلطة والمال.

ففي لبنان، دولة المؤسسات والدستور والقانون غائبة، وتشكل بواقع حالها المزري، إحدى أدوات التسلط. لذا، لا سبيل للخلاص من خلال “التغيير من الداخل”، عبر الجلوس على الطاولة مع المحتل والخاضعين له في البرلمان، أو مجلس الوزراء أو أي لجنة حوار.

في لبنان سلطة بيد الإحتلال الإيراني يمارسه حزب الله، تعاونه طبقة سياسية مارقة فاسدة قاتلة

فمآل الأوضاع في لبنان، كما بأي بلد، يحدده أول بأول ميزان القوى. إن المكون الرئيسي لميزان القوى، هو المكون العسكري-الأمني، وهو يسبق بالأهمية المكونات السياسية والدولاتية والشعبية والإقتصادية والمالية والثقافية..، كما أن مكونات ميزان القوى هي داخلية وخارجية في آن معاً. 

في لبنان دولة المؤسسات والدستور والقانون غائبة، وتشكل بواقع حالها المزري إحدى أدوات التسلط

فداخلياً، حزب الله هو الأقوى عسكرياً وأمنياً، كما أنه مسيطر على الطبقة السياسية ومفاصل الدولة كافة، مباشرة و/أو من خلال القوى الخاضعة له، ولا سيما على المؤسسات الدستورية الثلاث:

فرئيس الجمهورية هو حليفه إلى يوم القيامة، وهو يتمتع بالأغلبية الخالصة في البرلمان والحكومة.

أما خارجياً، فبات واضحاً، أن مفاوضات فيينا، سوف ينتج عنها العودة إلى الإتفاق النووي بنسخته الأصلية، مع إبقاء موضوعي الصواريخ البالستية، والتمدد في المنطقة خارج المفاوضات. فترفع العقوبات عن إيران، وتتدفق الأموال الإيرانية المجمدة على الجمهورية الإسلامية، ويتعافى الإقتصاد الإيراني، ويفّعل بنيجتها فيلق القدس ومحور المقاومة، علماً أن حزب الله، هو المكون الرئيسي للمجموعتين، و الأمين العام “حزب الله” السيد حسن نصر الله، القائد غير المعلن لهما خلفاً لقاسم سليماني، (يمكن الإطلاع على مقال لي على حسابي وصفحتي فيسبوك بعنوان “قريباً عودة إلى الإتفاق النووي”).

فمآل الأوضاع في لبنان كما بأي بلد يحدده أول بأول ميزان القوى.

أما بعد تشكيل الحكومة، فقد ساد الساحة السياسية اللبنانية، مرض إجراء الإنتخابات النيابية بوقتها.

فالغرب يدعو إلى إجرائها، مموهاً أهدافه الحقيقية، بضرورة أن تفرز الإنتخابات نخبة سياسية جديدة، تكون بديلة عن الطبقة السياسية الفاسدة، وبالحديث عن إصلاحات دون التشدد بإجرائها. أما موقفه الحقيقي، فهو مراعاة  حزب الله والطبقة السياسية الخاضعة له، لأنه يتطلع إلى تطبيع العلاقات مع إيران وعقد الصفقات معها.

بعد تشكيل الحكومة فقد ساد الساحة السياسية اللبنانية مرض إجراء الإنتخابات النيابية بوقتها

لذا، التماهي مع سياسة الغرب في هذه المرحلة، هي كمن تماهى مع سياسته، عندما سلّم الغرب في بداية التسعينات لبنان للإحتلال السوري، فشارك في السلطة الأمنية السورية-اللبنانية، على قاعدة الواقعية السياسية، وأنهى حياته شهيداً بالفعل، كرفيق الحريري، أو شهيداً مع وقف التنفيذ كوليد جنبلاط. فأكمل هذا الأخير مسيرته السياسية بالتأرجح بين مواجهة حزب الله والخضوع له، خوفاً منه أو حفاظاً على مكاسب سلطوية. إن سياسة المكونات الرئيسية ل 14 آذار التسووية مع حزب الله، سمحت بإستبدال الإحتلال السوري بالإحتلال الإيراني، ومهدت الطريق لوصول لبنان إلى الدرك الذي وصل إليه، مع تبدل الموازين إقليمياً ودولياً. 

والعبرة هنا أن مسألة حصرية السلاح، وحصرية تحريكه في يد الدولة، لا يمكن المساومة عليها. والعبرة أيضاً أن تحرير لبنان، لن يكتمل في ظل تحكم قيادات مستعدة للإنقلاب على نفسها، من أجل السلطة والمال. لذا، يجب الحيلولة دون تسللها، إلى صفوف الثوار السياديين والتعاطي معها بحذر كبير.

* يتبع حلقة ثانية

السابق
بالصور.. وزير الطاقة يثير الجدل باطلالته: بلا ربطة عنق وبـ«ميني كوبر»!
التالي
عمر كمال في حفله الأول بدون فلاشة.. «نحن لا نعطل»