عدوان تموز… وذكرى الإحتلالين!

حرب تموز
عملية خطف الجنديين الاسرائيليين من قبل حزب الله، التي سبقت عدوان تموز لم تكن نتيجة حسابات لاجندة سياسية او عسكرية لبنانية تراعي مصالحه او للدفاع عنه، بل كانت نتيجة لتطبيق اجندة ايرانية، تتعلق بحلم امبراطورية فارس في الوصول الى البحر المتوسط، عبر عملية قضم على مراحل وصولا الى دخول لبنان في النفق الايراني الممانع، والذي ساهم في إطباق الحصار على لبنان وعزلته عن محيطه العربي الحيوي.

لاشك ان من ينظر الى العنوان بسرعة وللوهلة الاولى يقول في ذاته ماذا يكتب هذا وما دخل عدوان تموز وعن اي احتلالين يتحدث .

نعم انه عدوان من نوعية أخرى، حيث انه قد سبق عدوان تموز ما سُمي في حينها جولة الحوار في العام في الربع الثاني من ٢٠٠٦، والتي حضرها في حينه زعماء منظومة الحكم في لبنان ومن ضمنهم امين عام حزب الله حسن نصرالله والذي بشر المتحاورين ب “صيف واعد”.. “فروحوا صيفوا وانبسطوا”.

إقرأ أيضاً: هدية روسية و«كيس» من برّي لنصرالله.. هذا ما حصل في «كواليس» حرب تموز!

لكن الذي حدث بعد تلك الفترة بقليل، ان قامت مجموعة من حزب الله بخطف جنديين من الجيش الصهيوني على الحدود في ١٢ تموز، وكانت شرارة حرب طاحنة مابين وكيل جمهورية ايران الاسلامية ” حزب الله ” ودولة اسرائيل، التي تحتل فلسطين وتعتدي منها على باقي الدول العربية .

عدوانان..والضحية لبنان

نعم عدوان تموز هو عدوانين في ذات الوقت، إنه عدوانٌ ايراني عبر ذراعه حزب الله، وردة فعله كانت اعتداءات صهيونية على مدى مساحة الوطن الصغير، والذي اعادته عشرات السنوات للوراء نتيجة دمار الحجر والبشر الناتج عن العدوان، حيث كانت النتائج مايزيد عن الف وثلاثُ مائة شهيد مدني وعسكريين من الجيش اللبناني، والاف الجرحى والمعوقين واضرار وخسائر مادية في الممتلكات والارزاق والاعمال بمليارات الدولارات .

نعم هذا غيض من فيض ما حصده لبنان من تلك الحرب، طبعا هنا لا نتنكر للمساعدات السخية من الاشقاء العرب، والتي اعادت ما تدمر على الرغم من النهب المنظم الذي مارسته ادوات الدولة اللبنانية، التي تعج بالفساد والفاسدين خصوصا في عمليات تقسيم السيطرة على المساعدات، فالجنوب من حصة مجلس الجنوب، وما ادراكما مغارة مجلس الجنوب وزبانيته وسماسرته وجيش المرتزقة الذي يعتاش منه ومن خلال اعماله، وللعلم انه لم يكن للمتضررين المباشرين من الاهالي الاستفادة الكبرى بل للمحسوبيات والازلام، كما انه تم تخصيص إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت لمؤسسة ” جهاد البناء ” الذراع الاجتماعي لحزب الله .

بعد هذا الشرح اردنا ان نعبر بصراحة مطلقة بان عدوان تموز الثنائي المصدر ايران واسرائيل، كان يهدف لوصول الوضع في لبنان حيث سيطرة وسطوة ايران عبر حزب الله، سيطرة كاملة على لبنان دولة ومؤسسات واخضاع الشعب اللبناني للسيطرة على قراره، وايصاله الى حالة الفقر المدقع الذي نعيشه اليوم بالاضافة الى التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة كما الحال التي نعيشها ايضا اليوم.

عدوان تموز كان يهدف لوصول الوضع في لبنان حيث سيطرة وسطوة  ايران عبر حزب الله 

وهنا لايسعنا إلا ان نُذكر ببعض المراحل التي اوصلتنا الى مانحن عليه :

اولا: بعد ما سُمي النصر الإلهي في عدوان ٢٠٠٦ وصدور القرار ١٧٠١، والذي وافق عليه حزب الله عبر وزيره في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في ذاك الوقت، واستتب الامن جنوباً عبر قوات دولية معززة ودخول الحيش اللبناني، والذي كان ممنوعا من قبل الى مناطق الجنوب وصولا للحدود الدولية والتي تم ترسيمها بعد انتهاء العدوان، استدار حزب الله الى الداخل وحرف بندقيته، التي كانت “حسب قوله انها مقاومة وجهتها فلسطين والدفاع عن لبنان” الى الداخل اللبناني، فكانت بداياتها ان بدأت عمليات الاتهام للرئيس السنيورة بالعمالة والمشاركة في عدوان ” الصهيوامريكي- السعودي “على لبنان!!

وحصل في حينه خروج الوزراء الشيعة من الحكومة، والتي قيل في حينه انها خارج الميثاقية، ومن ثم أُقيم معسكر جماعة الثامن من اذار في وسط بيروت، والذي يُعتبر الطلقة الاولى في السيطرة على الداخل اللبناني، والذي لم ينته إلا بتسوية الدوحة، التي اتت بعد اجتياح حزب الله وحلفائه من “امل والقومي السوري والبعث” وكل يتامى وازلام المخابرات السورية في حينه المتضررين من الخروج السوري المُرغم من لبنان .

قضم واحتلال الدولة

في العام ٢٠٠٩ جرت الانتخابات النيابية، والتي على على الرغم من حصول جماعة ١٤ اذار في حينه على الاكثرية، والتي كان قد اطلق السيد نصرالله مقولته بان من يربح الاكثرية فليحكم، لكن الحقيقة ان الاكثرية التي نتجت عن انتخابات العام ٢٠٠٩، لم تستطع الحكم لان حزب الله اظهر في حينه كل ادواته التي منعت الاكثرية من الحكم، وطبعا يضاف الى ذلك خيانة جماعة ١٤ اذار لحلم الاستقلال الثاني، وللامانة التي اعطتها اياها جماهير ١٤ اذار، والتي صوتت لهم حيث انهم خضعوا لمشيئة حزب الله وابتدعوا مفهوم حكومة الوحدة الوطنية .

ماقام به حزب الله منذ العام ٢٠٠٦ ولتاريخه عملية قضم واحتلال للدولة اللبنانية مع عمله الدؤب على بناء دويلته

باختصار وحتى لانطيل في الشرح او الاسهاب في الحديث، يمكننا القول ان ماقام به حزب الله منذ العام ٢٠٠٦ ولتاريخه، عملية قضم واحتلال للدولة اللبنانية مع عمله الدؤب على بناء دويلته، والتي وفر لها كل المقومات من الجيش، ما يسميه “مقاومة تفوق عددا وعدة الجيش اللبناني ” والنظام المالي عبر “مؤسسة القرض الحسن” والتي تملك الفروع واجهزة الصراف الالي خلافا لقانون النقد والتسليف، بالاضافة الى تراجعه عما تعهد فيه بتسوية الدوحة، وكذلك تنصله من موافقته على قرار النأي بالنفس الذي وقع عليه في بعبدا في فترة الرئيس ميشال سليمان، ونضيف على كل ذلك تدخله في القضاء على الثورة السورية لحماية نظام بشار الاسد، وطبعا لاننسى تدخله في العراق واليمن وغيرها، وصولا الى منع انتخاب رئيساً للبنان لمدة سنتين وخمسة اشهر، الى ان وصل لمبتغاه في انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد، والذي كان ولايزال عهداً اسوداً بتاريخ لبنان القديم والحديث، وصولا الى إطباق السيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية وترويضها.

اليوم يعيش لبنان مرحلة احتضار ومخاض عسير، لعل وعسى ان نستطيع تحرير لبنان من براثن الاحتلال الايراني المفروض علينا عبر حزب الله، وبالتوازي نستطيع مقاومة اي اعتداء اسرائيلي على لبنان، عبر توفير الدعم على اختلافه للجيش اللبناني ليمتلك حصرية السلاح وبالتالي نُعيد بناء دولة سيدة على كامل ترابها وحدودها، تمتلك قرار السلم والحرب، ويتساوى كل ابنائها امام القانون، وننتهي من حكم الطاغية الذي ساهم ببيع لينان للشيطان لقاء ثلاثين من الفضة.

السابق
سعر ربطة الخبز الى الـ6 آلاف.. ما الحقيقة؟
التالي
موظفو القطاع العام: صمتهم ليس قمحاً.. ولا شعيراً!