«الولي الفقيه» يُخرج «حزب الله» قبل سقوط الهيكل!

علي الامين
أما وقد دخل لبنان مرحلة "السقوط الحر"، وترنح الدولة والشعب و المؤسسات بإنتظار إنهيارها الوشيك، يستنفر "حزب الله" ويشد عصبه ب"أمر مولوي" من "الولي الفقيه" على قاعدة "كما تكونوا يُولى عليكم"، كي يظل متماسكا في ظل العاصفة السياسية والإقتصادية الهوجاء التي تضرب لبنان، ،وهو جزء منها، و يخرج بأقل خسائر ممكنة على أنقاض الدولة والشعب.

بين خيار استمرار الانهيار العام للدولة اللبنانية، وتهديد نظام مصالح “حزب الله” الأمني والعسكري، من المؤكد ان الحزب سيختار نظام مصالحه، لا لأن المنتسبين اليه لا يعنيهم لبنان، بل لأن مثل هذا القرار تتخذه قيادة محور المقاومة المتمثلة بالقيادة الإيرانية. فضلا عن ان هذا القرار المفصلي، ليس شأناً ادارياً محلياً يعطى “حزب الله” حرية اتخاذ القرار فيه، او هو من صلاحيات مندوب الولي الفقيه في لبنان السيد حسن نصرالله، بل هو شأن استراتيجي لهذا المحور، يتصل بدوره ونفوذه على البحر المتوسط وعلى الحدود مع إسرائيل. وبالتالي فان ايّ اخلال بهذه المعادلة، أو اجراء بعض التعديلات فيها، يتطلب قراراً على مستوى قيادة المحور، المتمثلة بالوليّ الفقيه السيد علي خامنئي، الذي تربى “حزب الله” وقيادته، على عقيدة أن طاعته في كافة شؤون الحياة هي من طاعة الله، و “هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم”، في أي مكان كانوا فيه على الكرة الأرضية وفي أيّ قضية يواجهون.

إقرأ أيضاً: نصرالله يُهاجم شيا ويأسف لتسريب أسماء المدعى عليهم بقضية المرفأ.. ماذا عن الحكومة؟

“ولاية الفقيه العامة”، التي يخالفها معظم فقهاء الشيعة في الحاضر وفي الماضي، تعيق عملية الاندماج لدى مناصري “حزب الله” ضمن الدولة الوطنية، تلك التي تقوم على العقد الاجتماعي، ونظام سياسي يجعل من الولاء للدولة متقدماً على الولاء السياسي للولي الفقيه او سواه، وطالما أن هذه العقيدة متحكمة بقرار أي قيادي في “حزب الله”، فالأزمات الوطنية ومعوقات قيام الدولة بمفهومها المتداول على مستوى العالم، ستظلان قائمتين كما هو الحال في دول المحور الإيراني لاسيما العراق ولبنان واليمن.

أي حلّ سياسي في لبنان، سيعني نهاية “حزب الله” بسبب تقييده بشروط الدولة وهذا ما لا ينسجم مع وظيفته وعقيدته

أي حلّ سياسي في لبنان، سيعني نهاية “حزب الله” بسبب تقييده بشروط الدولة، وهذا ما لا ينسجم مع وظيفته وعقيدته، اذ لا ولاء لديه يتفوق على الولاء السياسي للولي الفقيه، وهذا بالضرورة يصطدم بأي سلطة وطنية ينتجها المجتمع اللبناني، طالما أنه يقدم الولي الفقيه من كونه سلطان سياسي وليس دينياً فحسب، على الدولة اللبنانية ونظام العقد الاجتماعي.

بين نهاية “حزب الله” أو تغيير هويته لصالح الانتظام في شروط الدولة من جهة، أو نهاية لبنان كدولة كما تُعرف منذ تأسيسها من جهة ثانية، فان “حزب الله” بوظيفته وطبيعته الأيديولوجية، سينحاز الى الخيار الثاني، وهو أمر مفهوم لمن أخذ على عاتقه، تقديم الولاء لإيران على الولاء الوطني، على رغم تقاطع المصالح في بعض المحطات بين الوطني والإيراني، لاسيما في مسألة تحرير لبنان من الاحتلال، التي حظيت منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1978 بدعم خارجي، طال معظم القوى والأحزاب التي انخرطت في المقاومة العسكرية، سواء كانت مؤيدة لإيران أو ليبيا أو منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وغيرها من الدول.

النظام الإيراني يجرّم أي مواطن إيراني يقدم الولاء الخارجي على حساب الولاء للدولة

هذه المعضلة المتصلة بالدولة الوطنية ومسألة الولاء، وعدم حلها من قبل “حزب الله”، والاستمرار في محاولة الالتفاف عليها، عبر اضفاء البعد الديني على الولاء السياسي لإيران، و تطبيقه في لبنان لصالح الدولة أحيانا وضدها في معظم الأحيان، بينما النظام الإيراني يجرّم أي مواطن إيراني، يقدم الولاء الخارجي على حساب الولاء للدولة سواء كان ذلك لصالح الدولة او منافياً لها. 

الحديث عن المؤامرات لا يغني ولا يسمن من جوع طالما أن المنظومة الحاكمة ثابتة في الحكم

و يُتوقع إزاء تصاعد مشروع الارتباط العقيدي والتبعية لإيران، المزيد من انهيار الدولة بفعل قوة هذا المشروع، الذي لا يبدو مبشراً بمشروع بديل عن الدولة، بما هي عنوان احتكار العنف المشروع، أو بتعبير آخر امتلاكها لقرار الحرب باسم اللبنانيين. وطالما أنّ اللبنانيين عاجزون عن لجم هذا المسار، وطالما انه ليس في جعبة “حزب الله” ومحور المقاومة، ما يستطيعون تقديمه أو التبشير به على مستوى إدارة الاقتصاد والسياسات المالية، وقبل ذلك سبل لجم الانهيار الذي يصيب لبنان، فان المسار اللبناني العام يزداد انحدارا وينذر بكوارث اجتماعية، وربما أمنية تحت سقف الفوضى المتوقعة في الشارع. لذا فلبنان اليوم أمام مفترق حاد، بين ان يبقى كدولة، أو ان يستمر على شكل جغرافيا وديمغرافيا متفلتة، وقابلة للتفكك أو التحلل، وهذا واقع لم تحدثه الحروب الداخلية او الخارجية على لبنان، ففي كل الحروب التي شهدها لبنان سابقا، لم يصل لبنان الى مستوى التهديد الوجودي الذي يطاله اليوم.

الحديث عن المؤامرات لا يغني ولا يسمن من جوع، طالما أن المنظومة الحاكمة ثابتة في الحكم، وراسخة في نظام الفساد والافساد، وطالما ان التغيير دونه شروط، أولها شرط إعادة الاعتبار لسلطة الدولة، وتغيير السلطة لحساب حكومة قادرة، على التفاهم مع المؤسسات الدولية التي كان ل”حزب الله” وايران، الدور الأول في وضع لبنان في موقع ضعيف تجاهها، اذ لا يمكن ان يُنتظر بعد كل هذا التنكيل بالدولة وبعلاقات لبنان الخارجية خلال السنوات الماضية، بقاء لبنان واستمراره مكتفيا بصواريخ “حزب الله” وسلاحه للعيش والبقاء.. فليس بهم وحدهم يحيا الإنسان في لبنان!

السابق
«إعلاميون ضد العنف» تُدين خطف صحافيين غربيين في الضاحية: تزيد من عزلة لبنان
التالي
وزير الخارجية القطري في لبنان غداً.. يحمل في جعبته مبادرة حكومية!؟