تحت وطأة الغلاء والإذلال.. الجنوبيون «يسوحون» في منازلهم!

شاطئ مدينة صور
الانتعاش السياحي في مناطق يدهمها الفقر، بات امرا صعبا للغاية، فلا يمكن لاي قطاع ان ينعم بالحيوية، اذا كانت غالبية بيئته المنشطة، غير قادرة على ارتياد اماكن الاستجمام والسهر، وتناول المأكولات وحتى استئجار طاولات وكراسي.

الرهان الذي كان يطمح اليه المستثمرون في القطاع السياحي، قد تبخر الى حد كبير، مع إنخفاض قيمة الاجور الى اسفل قعر، وتتالي الازمات من ارتفاع الدولار مقابل الليرة وجائحة كورونا، وصولا الى ازمة البنزين خصوصا والوقود عموما، الامر الذي ينذر بفقدان فرص عمل اضافية، لا سيما وان المغتربين “المتمولين” القادرين على صرف الاموال، توجهوا في غالبيتهم لتمضية عطلة الصيف في بلاد اخرى مثل تركيا ومصر وسواهما، فيما اقتصر الامر على اكثرية من المغتربين احوالهم دون الوسط ،جاؤوا لتفقد اهاليهم وعائلاتهم .

اقرأ أيضاً: بالفيديو: «نحنا ما مننهار».. جديد طوابير البنزين: المواطنون يحجزون أماكنهم منذ المساء أمام محطة الأيتام!

هذا من ناحية المستثمرين في السياحة، أما المواطنون من ابناء هذه المناطق، فالسواد الاعظم منهم غير قادر على ارتياد تلك الاماكن، واكثر ما يمكنهم فعله، اصطحاب كراس وحصير من القش مع قليل من السكاكر، الى شاطىء البحر سواء في صور او الناقورة، لادخال بعض الفرح الى اولادهم على وجه التحديد، بعدما صارت احوالهم في القعر، ومنهم جيوش المعلمين والموظفين والسلك العسكري وموظفي البنوك.

شاطئ صور الجنوبي، الواقع ضمن محمية صور الطبيعية، كان وما يزال ،في العقود الاخيرة، يشكل بوصلة النبض السياحي على مستوى المنطقة، الى جانب سلسلة المطاعم في ارجاء المدينة، وخصوصا الكورنيش الجنوبي والمنطقة الشمالية، وامتدادا في العقد الاخير الى ساحل صور- الناقورة، الذي تزامن مع تطور ونمو عمل الفنادق والسياحة النهرية عند مجرى نهر الليطاني، والمنتزهات في تلال ومرتفعات القرى والبلدات الصورية والجنوبية .

شاطئ صور كان وما يزال يشكل بوصلة النبض السياحي على مستوى المنطقة الى جانب سلسلة المطاعم في ارجاء المدينة

قبل ازمة البنزين ،كانت كل التباشير توحي، بأن الموسم السياحي، الذي يعكس نفسه على كل القطاعات الانتاجية والتشغيلية، سيكون موسما واعدا، بعد تعطل النشاط السياحي نتيجة جائحة كورونا، والاحداث التي رافقت انتفاضة 17 تشرين لموسمين متتاليين .

شاطئ صور
شاطئ صور قبل الأزمة المعيشية التي ضربت لبنان

ورغم الاقبال على الحجوزات الفندقية في صور وساحلها، والتي بلغت نسبا مرتفعة في بعض الفنادق، وصلت الى حدود الاشغال الكامل حتى آخر آب، وخصوصا الواقعة عند الشواطىء البحرية، فأن نشاط الخيم البحرية عند الشاطىء الجنوبي وعددها 49 خيمة، يستثمرها افراد موسميا ببدل مالي لصالح بلدية صور، وتمتد من بداية ايار وحتى اواخر ايلول، تراجع في الاسابيع الثلاثة المنصرمة، بشكل لافت نتيجة اشتداد ازمة البنزين بالدرجة الاولى، وارتفاع كلفة المأدبة المؤلفة من الاسماك واللحوم والمشروبات الروحية وغير الروحية، التي ارتفعت اكثر من ثلاثين بالمئة مع هبوب سعر الدولار .

تتفاوت الشكوى بين مستثمر وآخر في هذه الخيم، في حين تكبر مشكلة المواطنين الذين يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، واكبرها اصبح لا يصل الى مئتي دولار، ما يحرمهم من التمتع بعطلهم الصيفية، حيث كانوا الى سنتين ماضيتين في بحبوحة وفائض مالي.

تتفاوت الشكوى بين مستثمر وآخر في هذه الخيم في حين تكبر مشكلة المواطنين الذين يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية

يؤكد علي حمدان من بلدة كفرا، احد مستثمري هذه الخيم منذ سنوات طويلة ،ان “الموسم ضعيف جدا، وتحديدا الشهر الماضي، بسبب ازمة الوقود والبنزين خاصة، وتواصل ارتفاع الاسعار، في ظل تردي اوضاع معظم ابناء المنطقة”.

وقال ل “جنوبية”،  ان “مواسم العز قد ذهبت، وبالكاد تحصيل بدل اتعابنا اليومية، جراء ارتفاع الكلفة التشغيلية وقلة الزبائن الميسورين، مضيفا كانت طاولاتنا وخصوصا في نهاية الاسبوع مشغولة على مدار الساعة، والزبائن تنتظر دورها لطاولة فارغة، اما اليوم فقد بادرنا الى خطوة، علها تساعد في تنشيط العمل، تتمثل بتأجير كل مقعد (كرسي) بعشرة الاف ليرة ايام الاسبوع العادية و15 الف ليرة ايام العطلة، حيث باستطاعة كل عائلة احضار مأكولاتها والتمتع برمال الشاطىء والسباحة”،لافتا الى ان “البلدية ،شعرت بضيق الاحوال فلم ترفع بدل الاستثمار الا بجزء بسيط جدا”.

مواسم العز قد ذهبت وبالكاد تحصيل بدل اتعابنا اليومية جراء ارتفاع الكلفة التشغيلية وقلة الزبائن الميسورين

يلفت محمود مهدي صاحب فندق حلم البحر في الناقورة، الى تحسن  في النشاط السياحي”، مؤكدا ان “الرهان السياحي هو على السياحة الداخلية بشكل اساسي، فالحالة الاقتصادية للمواطنين ومدى قوتها، تكون سببا فاعلا في تنشيط السياحة وازدهارها، والحديث عن المغتربين  مبالغ فيه، لا سيما وان المغتربين القادمين احوالهم عادية، اما الفئة القادرة منهم، تفضل الذهاب الى منتجعات العالم، على مجيئها الى لبنان في ظل الازمات وفقدان الخدمات.

محمية شاطئ صور البحري
شاطئ صور قبل الأزمة المعيشية التي ضربت لبنان

اقتنى جهاد وأسرته مظلة منذ سنوات تقيهم من قيظ الحر على الشاطىء، واصبحت ملاذه الاخير، يتأبطها مع بعض الاغراض نحو شاطىء صور الجنوبي (المساحة الشعبية)، و يمضي مع زوجته واولاده الاربعة ساعات باقل كلفة، فهو غير قادر على دفع بدل ايجار كرسي، بعدما اصبح راتبه اقل من مئة دولار.

يؤكد نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، ان صور فيها كل مقومات ومكونات الجذب السياحي، وتعد من اكثر المدن وجهة للسياحة وخصوصا شاطئها، الذي تعافى من الترسبات النفطية بجهود البلدية والمحمية الطبيعية والمجتمع المدني.

وقال لـ”جنوبية”، ان موقف الخيم البحرية.استقبل قبل بدء ازمة البنزين، “ستة آلاف سيارة خلال ايام نهاية الاسبوع، و عددا مماثلا خلال باقي الايام، ما يدل على وضع ايجابي بالنسبة للموسم السياحي”.

السابق
إليسا رداً على منتقدي حفل الرياض: «شفنا العز أيام السعودية وعم نشوف الذل أيام إيران»
التالي
تمثال الأميرة ديانا يجمع الأميرين هاري ويليام معاً لست دقائق