بين 17 و 17.. انهم يسرقون الثورة!

الثورة اللبنانية
بين 17 تشرين أول 2019 و17 حزيران 2021، 20 شهرا من المعاناة والمسير نحو الهاوية، التي حفرتها هذه السلطة الجائرة للبنان الوطن والدولة والشعب.

من المعروف أن لبنان بلد تحكمه سلطة، يتقاسمها عادة عميل للخارج مع فاسد أو قاصر أو مجرم، هذه السلطة التي خوَّنت شباب ثورة 17 تشرين، وفقأت أعينهم، وإتخذت من “المنقوشة” دليلا على عمالة هؤلاء الشباب للسفارات، ورفعت الأصبع في وجههم، محذرة إياهم من أنهم لن يُسقطوا حكومة، ولن يُنهوا عهدا أرادوه “قويا” بالتعطيل وبسرعة الوصول إلى “جهنم “، التي يرون فيها صورة من صور الصمود والمقاومة، لما يتوهمونه حصاراً ومقاطعة للبنان دون السؤال عن أسباب هذا الحصار –  إن وجد – وهذه المقاطعة – إن صحت – في تجاهل وإنفصال تام عن الواقع المعاش. هذه السلطة التي واجهت ثورة 17 تشرين بشعار مضحك هو “ثورة سرقها الزعران” على أساس أنها هي الثورة.

هذه السلطة نفسها وبعد أن فشلت طوال عشرين شهرا من إعادة تركيب نفسها، بسبب إصرار بعضها على إستخدام نفس الأساليب السابقة في المعالجة، هذه السلطة اليوم لم تتورع عن “سرقة” ثورة الشعب اللبناني في 17 تشرين، ونزلت إلى الشارع لتعلن الإضراب والعصيان بعضها ضد بعض، في مشهد سوريالي غريب عجيب لا سابق له لا في لبنان ولا في العالم. اليوم طبقت هذه الطبقة السياسية  الفاجرة شعارها.

اليوم يمكن القول وبكل راحة ضمير أن الثورة فعلا، ثورة 17 تشرين قد سرقها “الزعران” فماذا أنتم فاعلون يا ثوار؟

وسرقت الثورة من أبنائها كما سرقت السلطة من قبل عبر التدليس والوعود الفارغة وشد العصب الطائفي، سرقوا الثورة بشعاراتها ومطالبها، بغية تسجيل النقاط ضد بعضهم البعض، وبهدف شراء كل طرف منها الوقت في مواجهة الطرف الآخر ، ربما بإنتظار ترياق ما من مكان ما في العالم، قد يكون فيينا أو طهران أو مسقط أو الرياض أو غيرها، ترياق يريدونه خارجيا لكي يحفظوا أماكنهم في أي تسوية قادمة، بغض النظر عن مصالح البلد والناس المرهقة  بتداعيات الأزمة. 

إقرأ أيضاً: «حرب البيانات» تُكرس «عُزلة» عون..والتأليف بين الشارع و«مار مخايل»!

اليوم يمكن القول وبكل راحة ضمير، أن الثورة فعلا، ثورة 17 تشرين قد سرقها “الزعران”، فماذا أنتم فاعلون يا ثوار؟ وهل لا زالت مجموعات 17 تشرين قادرة على إستعادتها، أم أنها باتت عاجزة عن حماية نفسها بفعل التباينات بينها والصراعات، التي للأسف لا تختلف كثيرا عن صراعات أهل السلطة؟ فالسلطة لم تكن لتستطع سرقة الثورة، لولا هذا الفشل في صياغة حد أدنى من التوافق، حول برنامج عمل موحد، وضغط ميداني مستمر وليس موسميا، لتحقيق أمور يفترض أن تكون بديهية، كإستعادة أموال الناس المصادرة في البنوك ، ووقف تهريب المواد التموينية المدعومة بأموال الناس.

تغيير النظام لا يشكل أولوية عند الناس التي باتت لقمة عيشها مهددة وكذلك صحتها وتعليم أبنائها

ووقف الإنهيار الإقتصادي عبر إتخاذ إجراءات إصلاحية يعرفها القاصي والداني، وليس عبر طروحات طوباوية لتغيير النظام بحيث بات لكل مجموعة “ثورية” هدف أبعد من مطالب الناس الآنية، وهو وقف الإنهيار والحفاظ على الحد الأدنى من الحق بالعيش الكريم، وبات البعض يريد تغيير النظام، وهو يعرف بأن هذا الأمر ليس بهذه السهولة وليس هذا وقته، ولا يشكل أولوية عند الناس التي باتت لقمة عيشها مهددة، دون الحديث عن صحتها وتعليم أبنائها، فضلا عن أن هذه الطروحات “نقزَّت” البعض من الناس من زاوية طائفية ومذهبية، بحيث نقلت هذه الطروحات المعركة إلى الملعب الذي تشتهيه هذه السلطة، ملعب الطائفية والعصبية المذهبية، فهذه اللعبة هي لعبتها المفضلة، وهي كانت طوق النجاة لها في كل مرة يشتد الخناق حولها داخليا أو خارجيا. الثورة مسؤولية كما السلطة.

ولا يمكن ممارستها بخفة وشعارات غير قابلة للتحقيق، وإلا تكون حفرت قبرها بيدها،  وتسببت بردة فعل عكسية تتمثل بإحباط الناس، وتبديد الأمل بالتغيير نحو مستقبل أفضل، وتصبح مثل “المال السائب” الذي يعلم “زعران السلطة”  السرقة.              

السابق
المخابرات العسكرية تسرق سيارة تلفزيون النظام في السويداء
التالي
كوميديا بقالب مختلف.. محمد هنيدي إلى كرسي التقديم للمرة الأولى