التعميم 151.. تخبط سياسي و قانوني على حساب المودعين

مصرف لبنان
أعاد مصرف لبنان العمل بالتعميم 151 القاضي بسحب المودعين لأموالهم بالدولار على سعر 3900 ليرة، بعد البلبلة القانونية والشعبية التي أثارها قرار مجلس شورى الدولة بإيقاف العمل بالتعميم، وحق المودعين بالحصول على أموالهم بالعملة التي وضعوها فيها، وبغض النظر عن صوابية وقانونية قرار مجلس الشورى، إلا أن ما حصل من تطورات في هذا الملف يشي بأن هناك قطبة مخفية يتم نسجها بعيدا عن أعين المودعين فما هي ؟

لم يصمد تجميد التعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان والقاضي بسحب الودائع بالعملات الأجنبية على سعر 3900 ليرة لبنانية إلا ساعات، ثم أعاد حاكم المركزي رياض سلامة العمل به بعد تسوية قضائية حصلت في قصر بعبدا يوم الخميس بين طرفي النزاع، أي مصرف لبنان ومجلس شورى الدولة الذي أصدر يوم الاربعاء قرارا بإعادة أموال المودعين بالعملة التي تم وضعها في المصرف وعلى سعر الدولار الرسمي 1500 ليرة للدولار الواحد.

إقرأ أيضاً: الدولار « يطير» بجناحيه المغترب..و«حزب الله» المقيم!

التسوية جاءت على الطريقة اللبنانية وبرعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أي “لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم”، حيث أعلن سلامة من بعبدا أن “مصرف لبنان، لم يتبلّغ صورة صالحة للتنفيذ عن القرار الإعدادي لمجلس شورى الدولة، بوقف تنفيذ التعميم (151)”، لافتاً إلى أنه “تقدّم بمراجعة لدى الشورى، تضمّنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف”، والجدير ذكره أن قرار وقف المصارف سحب الودائع على 3900 يوم الاربعاء أعاد تحرّك الشارع، فأشعل محتجون فجراً النار بمستوعبات النفايات وسط الطريق في بيروت وصيدا احتجاجاً على القرار، ومن المتوقع أن يصدر مصرف لبنان تعميما يثبت سجب الودائع بالدولار على سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد.

قطبة مخفية

كل ما سبق يدفع للتساؤل عن القطبة المخفية، التي أدت إلى قرار مجلس شورى الدولة، ومن ثم سحبه من التداول وهل هي إنعكاس للتخبط السياسي والاقتصادي الذي يعيشه البلد، وفي هذا الاطار يشير الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي لـ”جنوبية” أننا “نشهد منذ فترة وبعد إعلان سلامة الخبر بقدرة المصارف، على إعادة جزء من أموال المودعين بالدولار، على قاعدة 25 ألف دولار كحد أقصى fresh dollars و25 ألف دولار على سعر منصة (12 ألف ليرة)، وفي مدة زمنية تتراوح بين 18 شهرا و36 شهرا، بعد هذا التطور حصلت عدة خطوات في الوضع النقدي في لبنان، وعبّرت عدة مصارف عن رفضها لهذه المبادرة تحت حجة أنها لا تملك الدولار الكاش كي تعيده للمودعين”، لافتا إلى أن “الحاكم يواصل إجتماعاته مع المجلس المركزي وهم يدرسون خطوات لإقرارها في المرحلة المقبلة بالإتفاق مع المصارف، وهذا الامر يحصل بعد رفع العديد من المودعين دعاوى قضائية، بحق أكثر من مصرف للمطالبة بأموالهم كما أن هناك دعاوى على مصرف لبنان، لحجز الاحتياط المتبقي للحفاظ عليها كونها أموال المودعين”.

جباعي: ما يحصل هو لزيادة الضغط على المودعين للموافقة على “الكابيتال كونترول”

ويشير جباعي إلى أنه “بعد هذه الخطوات الضاغطة يعمد مصرف لبنان، إلى إيجاد حل مع المصارف ولو كان موضعيا، وتزامن ذلك مع قرار مجلس شورى الدولة الذي جزم بأن المصارف عليها رد أموال المودعين بالعملة التي وضعوها فيها”، واصفا القرار بأنه “طبيعي جدا نظرا لحجم الدعاوى القضائية التي رفعت ضد المركزي والمصارف، علما أن كل ما يحصل هو لزيادة الضغط على المودعين، كي يوافقوا على قانون الكابيتال كونترول الذي سيقر قريبا حتى ولو كان مجحفا بحقهم وعلى مدى فترات زمنية طويلة”.

ويضيف:”الواضح أن الودائع لن تعود بقيمتها نفسها ولا بفترة زمنية قصيرة خاصة الودائع التي تزيد عن 100 ألف دولار، حيث سيستغرق الأمر سنوات للحصول عليها وفقا لقانون الكابيتال كونترول القادم”، مشددا على أن “الضغط الذي يحصل على المودعين هو لدفعهم إلى القبول بالتعاميم التي تصدر عن مصرف لبنان، والتي تحدد آلية سحب الدولار من المصارف ولكن بنسبة قليلة جدا وبحسب قيمة الوديعة، وعلى فترة تتراوح بين 18 و36 شهرا لصغار المودعين، اما الكبار المودعين فإنهم سينتظرون سنوات حتى يحصلوا على أموالهم”.

ويختم:”أرى أنه إذا بدأ مصرف لبنان بإعادة جزء من أموال المودعين بالدولار، سيكون قد بدأ جزئيا إعادة الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، وهذا الامر منوط بتشكيل حكومة وإقرار خطة إقتصادية إصلاحية واضحة لإعادة الثقة بالقطاع المصرفي وإسترجاع المودعين لأموالهم”.

الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي
محمود جباعي

تخبط وفقدان هيبة الدولة

على ضفة الخبير الاقتصادي جو سروع فإنه يرى أن “ما صدر عن مجلس شورى الدولة وبحسب الخبراء القانونيين هو قرار مبدئي لم يتم الإجماع عليه حتى يصبح نافذا، وهو يشير إلى ضرورة دفع المصارف بالعملة الاجنبية من دون أن يحدد آلية الدفع (كاش أو عبر شيك) لأنه لا يحق لمجلس الشورى أن يقول للمصارف إدفعوا نقدا”، معتبرا أن “إجتماع بعبدا خرج بفتوى عجيبة غريبة بأن القرار مبدئي، ولم يصادق عليه بالاجماع وهذا يعني أنه تم سحب القرار من التداول، وشرّعوا لمصرف لبنان التصرف كما يريد بعد أن خلقوا لغط قانوني جديد حول أموال المودعين، وربما قد يكون ما حصل سببا في تسريع إقرار قانون الكابيتال كونترول”.

سرّوع: قرارات عشوائية تعكس إنفلات الدولة وفقدان مصداقيتها

يضيف:” لا يمكن إتخاذ قرارات عشوائية وغير مدروسة حين يتعلق الامر بالنظام المالي، وأموال الناس وكراماتهم وأعصابهم، وما حصل هو مظهر آخر من مظاهر إنفلات الدولة وفقدان مصداقيتها وخسارتها لهيبتها”.

جو سروع
جو سروع
السابق
جنبلاط يُناشد «الرفاق والمناصرين».. ويدعوهم لترك الزجل!
التالي
حصيلة اشتباكات «الرشيدية» الدموية.. مقتل شخصين وجرح 4!