إلى «الخردة».. دُر!

الخردة
يتسابق مواطنون جنوبيون انقطعت بهم سبل العيش، بعدما حرموا من فرص عملهم، على جمع مخلفات البناء والمقتنيات المنزلية التالفة، وكسر السيارات وعبوات المشروبات الغازية من على جوانب الطرقات ومكبات النفايات، لبيعها إلى كبار التجار الذين يصدرون آلاف أطنان الخردة إلى الخارج عبر المرافىء اللبنانية.

ولكن هذه البضائع تعود إلى لبنان بحلة جديدة بعد تدويرها،  لا سيما الحديد والنحاس والألمنيوم، فيما يتم تدوير  جزء منها في لبنان( البلاستيك) بعدما استحدثت معامل في الجنوب وغيره.

“ما في شي للكب”هي عبارة يرددها الناس، الذين يلجأون الى اصلاح ما امكن من حوائجهم ومقتنياتهم المنزلية، والاحتفاظ بالاغراض غير القابلة للاستعمال، ثم بيعها “خردة”بعدما كانوا يحتارون في كيفية التخلص منها، ويدفعون بدل نقلها الى المكبات العشوائية وتجميع الردميات.

 صار لكل شيء قيمته المادية، وبات غالبية المواطنين، لا ُيفرطون بقطعة واحدة، سواء كانت من الحديد او البلاستيك او الالمينيوم او النحاس وحتى التنك، لانهم غير قادرين مرة اخرى و بسهولة على شراء المستلزمات المنزلية على اختلافها، خصوصا وان سعرها تضاعف مرات ومرات.

يتسابق المئات من ابناء المناطق ومنها الجنوبية، على الفوز بقطع الخردة لناحية شرائها من المواطنين، او التفتيش الدقيق عنها في المكبات، حتى وصل الامر ببعضهم الى احراق اطارات السيارات المهترئة جدا،  للحصول على بضعة كيلوغرامات من الاسلاك داخل هذه الاطارات وبيع الكيلو الواحد بثلاثة آلاف ليرة.

لا تهدأ “بورة” خليفة  في منطقة المساكن الشعبية شرق صور، وهي واحدة من اكبر بورات شراء وتصدير الخردة الى خارج البلاد، عن استقبال جامعي الخردة من جهة وتحميل البضاعة المكدسة بالشاحنات الى مكان للتجميع، ثم تصديرها الى دول مختلفة عبر عدد من المرافي اللبنانية ومنها صيدا.

الخردة المكونة من قطع سيارات وصناديق بلاستيكية وكل انواع التنك والحديد تصدر الى بلدان عربية واجنبية

لم تعد هذه “المهنة” التي اعتاد عليها الكثيرون من اللبنانيين والفلسطينيين في المنطقة، محصورة بفئة معينة، وقد أصبحت مع اشتداد الازمة الاقتصادية والمعيشية نافذة لتحصيل لقمة العيش، بعدما انخرط فيها عدد هائل من الموظفين في القطاع الخاص، الذين صرفوا من اشغالهم وبعضهم موظفي بنوك، وايضا بعض الموظفين المتقاعدين من السلك العسكري، لكي تسد قسما من احتياجاتهم، لا سيما وان رواتبهم كسائر الموظفين واللبنانيين فقدت قيمتها ،وايضا قيام عدد لا بأس به من النساء بجمع الخردة على انواعها ومنها عبوات المياه والمشروبات الغازية وبيعها .

دخل م.  خليل مؤخرا على خط العمل في جمع الخردة، بواسطة سيارة البيك التي يملكها، والتي تشبه ايضا الخردة، واصبح يجول في القرى والبلدات لشراء بطاريات السيارات التالفة والنحاس والالمينيوم والبلاستيك، بعدما ضاقت به سبل العيش وغياب فرصة عمله في مجال البناء.

إقرأ أيضاً: مبادرة بري في «خطر»..والراعي يتوسط لجمع عون والحريري!

يقول خليل ل”جنوبية”انه “يذهب منذ الصباح، لشراء كميات من الخردة الموجودة في بيوت المواطنين “شلح”، ثم يبيعها بالكيلو لاصحاب البورات المنتشرة في منطقة صور، لا سيما البص والمساكن الشعبية، ويجني من هذا العمل  مبلغ يتراوح بين مئة ومئة وخمسين الف ليرة واحيانا اقل واحيانا اكثر يوميا”.

يأتي محمد رشيد الى احدى البور في المساكن الشعبية، ويشتري ما يمكن اصلاحه وترميمه ثم بيعه لاناس غير قادرين على شراء اشياء جديدة حتى الكرسي.

ويضيف “:انا سعيد بهذا العمل كونه يدرأ عني وعن عائلة الجوع ومد اليد الى الاخرين”.

يؤكد مسؤول في احدى البور فضل عدم ذكر اسمه، ان الشركة التي يعمل بها تدفع كاش للزبون الذي يأتي بالبضاعة الى البورة، وتستلم كيلو الحديد باربعة آلاف ليرة والنحاس ب93 الف ليرة، والالمينيوم بستة عشرة الف ليرة والبلاستيك بثلاثة آلاف وكيلو بطاريات السيارات باثني عشرة الف ليرة”.

الخردة تجارة رابحة جنوباً
الخردة تجارة رابحة جنوباً

ويلفت الى ان “البضاعة التي تحتوي على قطع سيارات وصناديق بلاستيكية وكل انواع التنك والحديد وغيرها، يتم ترحيلها بشكل شبه يومي الى اماكن التجميع المعتمدة، وثم تصديرها الى بلدان عربية واجنبية، حيث يتم تدويرها هناك. وتعود ثانية الى لبنان بعد تصنيعها، لافتا الى “وجود بعض معامل البلاستيك الحديثة في الجنوب، التي تقوم بتدوير المواد البلاستيكية وبيعها لمعامل التصنيع الموجودة في اكثر من منطقة لبنانية، مشيرا الى ان السوق اللبناني متعطش للخردة، واصبحت غير متوفرة بالشكل الكبير، نظرا الى محافظة الناس على مقتنياتهم المنزلية”.

السابق
التأليف مكانك راوح..والراعي يرفض من بعبدا تسمية الوزيرين المسيحيين!
التالي
إنخفاض طفيف بعدّاد «كورونا»: تسجيل 5 وفيات و214 إصابة جديدة!