عيد بلا تحرير.. ولا من يُحررون!

عيد المقاومة والتحرير
تحرير الاراضي اللبنانية من العدو الإسرائيلي تم منذ أكثر من عقدين من الزمن، لكن السيادة اللبنانية لا تزال رهينة الحسابات الاقليمية مما منع قيام الدولة و مؤسساتها، على غرار ما حصل في كل الدول التي حررت مقاومتها أراضيها، ثم إنكبت إلى العمل على بناء مؤسساتها، فطغى شعار "سنكون حيث يجب أن نكون" على أي شعار آخر لبناء الدولة.

تحضر الذكرى 21 لتحرير الجنوب اللبناني من الإحتلال الإسرائيلي في العام 2000، في ظل وقوف لبنان على مشارف التلاشي عن خارطة الدول، نتيجة الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعصف به، ومن دون أن يتحول التحرير الذي أُنجز بدماء شهداء المقاومة الوطنية والإسلامية، إلى محطة وطنية لبناء دولة قوية بمؤسساتها، على غرار ما حصل مع كل الشعوب التي أشعلت ثورات ضد المعتدين على أرضها، وألّفت مقاومة شعبية لتحرير أرضها ومن ثم بناء دولتها، والامثلة الاقرب للبنان هو ما حصل في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وفي فييتنام والجزائر في ستينات القرن الماضي.

إقرأ أيضاً: 25 أيار.. «حزب الله» يخطف التحرير ويُغيب المقاومين!

إذا بعد عقدين من الزمن على تحرير الجنوب اللبناني، لم يستطع هذا التحرير فك قيود لبنان من الحسابات الاقليمية،  ولا سيما الايرانية والسورية، التي لا تزال تسجنه إلى اليوم، وكانت أحد أسباب التي أدت إلى الإنهيار الحاصل منذ ثورة 17 تشرين، بل على العكس تتحول هذه القيود عاما بعد عام، إلى قفص قضبانه مساومات تزيد الضغوط على الشعب اللبناني بدل أن تريحه، والدليل هو تحول مقاومة حزب الله للإحتلال الاسرائيلي في لبنان منذ العام 2000 حتى اليوم،  إلى ورقة ضغط إقليمية لإيران في كل من سوريا والعراق واليمن، تحت شعار “سنكون حيث يجب أن نكون”، ولذلك يمكن القول أن إنجاز تحرير الجنوب من العدو الاسرائيلي، يضيع عاما بعد عام في غياهب الفشل في بناء دولة قادرة، على أن تجمع كل اللبنانيين تحت أجنحة مؤسساتها، ليكون البديل مزارع فساد متعددة المشارب والولاءات، تُشعل الازمات و تستعمل اللبنانيين وقودا للوصول إلى أهدافها .

يوافق المناضل في جبهة المقاومة الوطنية خليل ريحان (معتقل سابق في أنصار وعتليت وأمين سر لجنة الدفاع عن المعتقلين في المعسكرين) على فشل التحرير في نقل لبنان إلى ضفة الدول الحرة والمستقلة، ويقول لـ”جنوبية”:”كل الثورات التي قامت في القرن العشرين (الفيتنام والجزائر وقبلها الثورة الفرنسية)، أدت إلى قيام دولة قوية تقوم بواجباتها كدولة راعية لمصالح المواطنين وتأمين الحريات لشعبها”، لافتا إلى أن “هذا لم يحصل في لبنان للأسف، بينما الثورة الشعبية التي قامت في جنوب لبنان وتحولت إلى مقاومة مسلحة بدأتها جبهة المقاومة الوطنية جمول، بعدها تولت المقاومة الاسلامية بشكل فئوي وبدعم سوري وإيراني (لوجستي وسياسي ومادي)، أمر مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ومنعوا المقاومة الوطنية (التي كانت وطنية فعلا و تمثل كل الشعب اللبناني بتنوعاته)، أن تقوم بدورها الذي بدأته من بيروت في العام 1982، وأنجزت التحرير من العدوان الاسرائيلي حتى الليطاني في العام 1985 أي خلال هذا التحرير”.

ريحان لـ”جنوبية”: التحرير ناقص اذا لم يتبعه حياة مستقرة وإستقلالية للدولة

ويعتبر أن “ما جرى تحرير ناقص مع التأكيد، أن أي تحرير للأرض يجب أن يتبعه تحرير للحياة السياسية، وأن يوفر حياة مستقرة للمواطنيين وإستقلالية للدولة، ولذلك لا بد من الاستمرار في النضال لقيام دولة في لبنان لأنه لا خيار لدينا سوى ذلك”، مشددا على أنه “علينا نناضل ونكافح لإستعادة الدولة المرتهنة، والمصادرة من السلطات المتعددة التي تهيمن على مؤسساتها وقرارها، لكي تتحول إلى دولة تحتضن مصالح الشعب اللبناني وتتمتع بكل مميزات الدولة المدنية والحضارية”.

ويختم:”لا بد من توجيه تحية إكبار لكل شهداء الذين دافعوا عن حرية وإستقلال لبنان وتحرير أرضه”.

الحراك الشعبي وخليل ريحان
خليل ريحان

إرتباط الحزب بمشروع إقليمي

يحدد الخبير العسكري العميد نزار عبد القادر، الاسباب التي أدت إلى عدم تحول تحرير العام 2000، إلى فرصة لبناء الدولة في لبنان و يقول لـ”جنوبية”:”عندما نشأ حزب الله و تشكل برعاية الحرس الثوري الايراني في ثكنة الشيخ عبد الله عام 1983، فأن هذا الحزب قد إرتبط بمشروع إقليمي أبعد من لبنان”، لافتا إلى أنه “صحيح أن الحزب نما وعمل منذ 1983 وحتى 2000 ، على مقارعة الاحتلال الاسرائيلي إلى أن تم الانسحاب، ولكن بعد أن تم التحرير كان من المفروض أن ينزع الحزب سلاحه ويعود عناصره إلى صفوف الشعب اللبناني، خاصة أنه في العام 2000 كانت الدولة اللبنانية قد إستعادت شيئا من عافيتها ومضى على تطبيق إتفاق الطائف 10 سنوات”.

عبد القادر لـ”جنوبية”:” إرتباط “حزب الله” بمشروع إقليمي منع التحرير من إستعادة السيادة

ويشير إلى أن “هذا الامر لم يحصل وبعد الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000، تم إستحضار قضية مزارع شبعا، علما أن هناك خلاف بين لبنان وسوريا عليها منذ العام 1953، وذلك لتبرير بقاء حزب الله كتنظيم مسلح يخدم المصلحة الايرانية والسورية”، معتبرا أن “إرتباط الحزب والمقاومة بمشروع إقليمي تديره إيران بالدرجة الاولى سوريا بالدرجة الثانية، هو الذي منع أن تؤدي عملية التحرير إلى إستعادة الدولة سيادتها على أراضيها، و يضيف”: و لا زلنا نتخبط في هذا الموضوع إلى أن حدثت حرب  2006 ، حيث إرتأى السيد حسن نصر الله أن ما حصل هو نصر إلهي، وهو في الواقع أن هذا النصر ترجم بتدمير البنى التحتية في لبنان وهدم قسم كبير من قرى الجنوب، ولو لم تبادر العديد من الدول العربية إلى إعمار الجنوب لكانت بعض القرى إلى الان تشهد الدمار والخراب”.

ويرى أن “: الحزب مستمر في مشروعه الاقليمي، وهو يتقدم على المصلحة الوطنية اللبنانية، والدليل ان أحد قادة حزب الله العسكريين قُتل في غارة للتحالف السعودي في اليمن على جبهة مأرب، والجميع يعلم مشاركة الحزب في كل من سوريا والعراق واليمن”، مشيرا إلى أن “هذا يعني أن هذا التحرير يتقدم عليه إرتباط الحزب بمشروع إقليمي، لا علاقة ولا ناقة للبنان به، بل أن الحزب هو جزء من هذا المشروع على حساب لبنان واللبنانيين”.

نزار عبد القادر
نزار عبد القادر
السابق
بعد العودة.. زلّة لسان تامر أمين بوصفه سمير غانم بـ «أضحوكة مصر»
التالي
تركي آل الشيخ يعيد المياه إلى مجاريها بين الوسوف وروتانا