حرب لـ«جنوبية»: رسالة سحب تكليف الحريري سارت عكس ما يشتهيه عون

بطرس حرب
تركت الرسالة الرئاسية إلى مجلس النواب، أثرا بالغا في الحياة الدستورية والسياسية في البلاد، وكادت تؤدي إلى صراع مسيحي- إسلامي . صحيح أنه تمّ تطويق المشكلة التي كادت أن تتسبب بها لكن تداعياتها لم تنته ، فإلى أين؟

لم يطو لبنان بعد، مفاعيل الرسالة الرئاسية إلى مجلس النواب، والتي ناقشها النواب يوم السبت وقرروا فيها التمسك بتكليف الرئيس سعد الحريري على تأليف الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية، بل أن تداعياتها ستجرجر إلى الايام المقبلة سياسيا وإقتصاديا. ويمكن القول أنها جولة من مواجهات جديدة من الافرقاء السياسيين ستشهدها بلاد الارز، سواء في العلاقة بينهم أو في كيفية إدارتهم شؤون البلاد والعباد، بعدما فاقمت الرسالة من حدة الازمة السياسية بدل أن تخفف منها.

إذا لبنان ما قبل الرسالة الرئاسية ليس كما ما بعده، سواء دستوريا أو سياسيا وحتى إقتصاديا، وإن كان في الظاهر إنتهت الجلسة على الطريقة اللبنانية أي “لا غالب ولا مغلوب”، غير ان العارفين في الشأن الدستوري والسياسي، يدركون أن هدف رئيس الجمهورية لم يتحقق منها(سواء لدفع الحريري إلى الاستقالة أو تعديل الدستور)، كما أنه سياسيا أدت إلى إعادة التواصل بين الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد طول إنقطاع، أما من ناحية الحريري فإن إصراره على موقفه يعني أن مشواره في التأليف سيكون شائكا أكثر، وأمام هذا المشهد يصح السؤال من إستطاع أن يكون يحتل مرتبة “الخاسر الاكبر” في هذه الجولة من المواجهة ؟

كل الحسابات التي قام بها عون كانت خاطئة

يجيب النائب السابق بطرس حرب “جنوبية” بالقول:”بعد جلسة مجلس النواب يوم السبت الماضي، خسر النظام السياسي والبرلماني في لبنان الكثير منذ أن وجّه رئيس الجمهورية رسالته إلى المجلس وما نتج عنها من تداعيات”، معتبرا أن “الحق الذي أعطي لرئيس الجمهورية بتوجيه رسالة، هو حق إستثنائي في ظروف إستثنائية، وليس حقا يمارس كل يوم كي لا يفقد قيمته، وعلى رئيس الجمهورية أن يدرك إذا إستعمل هذا الحق وأرسل الرسالة عليه أن يسأل نفسه، هل ستؤثر في مجرى الامور و في حل الازمات أم ان الامور ستبقى على حالها أو ستزداد تأزما وتعقيدا؟”.

إقرأ أيضاً: الحكومة تغيب عن خطاب نصرالله غداً..والأكثرية تُروّج لسيناريوهات «إدارة الفراغ»!

يرى حرب أن “كل الحسابات التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كانت خاطئة، وعليه مسؤولية كبيرة كونه رئيس البلاد، والمسؤولية لا تقل درجة أيضا على مستشاريه، الذين دفعوه إلى توقيع هذه الرسالة وإرسالها، في ظرف يعرف الجميع أن هذه الرسائل لا يمكن أن تعطي نتيجة”.

القوى السياسية المساندة لعون وافقت على قرار المجلس وكأنها نسيت لماذا أرسل الرسالة

و شدد على أنه “لذلك فان النظام اللبناني هو الخاسر الاكبر، بالاضافة إلى أن الخاسر الكبير أيضا هو رئيس الجمهورية، لأنه أرسل رسالة إلى مجلس النواب وكأنه لم يرسل شيئا، ولم يكن لها أي مفعول على مجرى الامور، ويضيف”: وبالعكس ما أراده رئيس الجمهورية هو دفع مجلس النواب إلى إتخاذ موقف من عملية التكليف الحريري، على إعتبار أنه عجز عن تشكيل الحكومة وكأنه كان يطلب إتخاذ تدبير في هذا الامر بسحب التكليف أو شيئا من هذا القبيل، لكن الامور سارت بعكس ما يشتهيه الرئيس عون تماما”.

ويشرح “المجلس النيابي أعاد التأكيد على تكليف الحريري وطلب إستعجال تشكيل الحكومة في التأليف، والغريب في الامر أن القوى السياسية المساندة للرئيس عون وافقت على قرار المجلس وكأنها نسيت لماذا أرسل الرئيس عون الرسالة”.

يلفت حرب أنه “بقطع النظر عن تقييم سياسة الرئيس بري من قبل الرأي العام، فإنه مارس دور الاطفائي الناجح في منع إنفجار الجلسة، وتحويل الرسالة إلى فتيل تفجيري لأزمة طائفية ووزارية في البلاد”، معربا عن إعتقاده “أن الأطراف الذين وافقوا على الاخراج أدركوا الخطر الذي وضعت الرسالة البلد فيه، لأنه كان يمكن أن ينتقل البلد إلى صراع مسيحي إسلامي وكأنه ينقصه المزيد من الصراعات والازمات الدستورية”.

أسباب الازمة هي نفسها وهي تصلب عون وصهره بالسيطرة على قرارات الحكومة المقبلة

يضيف:”ما أريد قوله أنه من غير المسموح للمسؤولين أن يتصرفوا على أساس أنهم غير مسؤولين عن شعبهم ودولتهم، وهذا ما تجلى من خلال إرسال الرسالة الرئاسية وردود الفعل عليها”.

والسؤال الذي يطرح هنا في ظل هذه التداعيات، إلى أين نحن ذاهبون؟

يجيب حرب:”تداعيات الرسالة هي عودة الازمة إلى مرحلة الصفر مع تأزم إضافي، وهنا السؤال هل هذا سيدفع الرئيس بري إلى إعادة تدوير محركاته؟ وهل سيصل إلى نتيجة وهل سيتمكن من إحداث ثغرة في الازمة السياسية الحاصلة؟”، معتبرا أنه “شخصيا ليس أكيدا من هذا الامر، لأن أسباب الازمة لا تزال هي نفسها وهي تصلب الرئيس عون وصهره، الرئيس الفعلي بالسيطرة على القرارات السياسية للحكومة المقبلة، دون الاخذ بعين الاعتبار للواقع المالي و الإقتصادي و الدستوري المؤسساتي المتردي”، ويشير إلى أن”هناك تمسك للرئيس المكلف في ممارسة صلاحياته، دون التوقف عند الاعتبارات التي يطرحها أمامه رئيس الجمهورية، والجميع في مأزق البلد والشعب اللبناني والسياسيين يزيدون من حدته”.

ويختم:”كلمة السياسة تعني من ساس أمور الناس أي أدارها من دون مشاكل ولكن في لبنان بات معناها من عطّل أمور الناس وأوقعهم في المشاكل”.

السابق
فضيحة الفضائح: «حزب الله» يزرع البوكمال بالـ«حشيشة».. و«حيدر صقر» ينتظر الحصاد!
التالي
أنباء إيجابية.. عدّاد صفر في سجن روميه!