الرسالة الرئاسية «تُؤخر» تشكيل الحكومة لا تُقدمها!

ميشال عون
رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب هي مشروع حل أو مشكلة جديدة؟ كل الدلائل تشير إلى الذهاب إلى عراك سياسي جديد في مجلس النواب، أما من الناحية الدستورية فالمجلس لا يمكنه سوى إصدار توصية بضرورة الإسراع في تأليف الحكومة!

قبل أن يلتقط اللبنانيون أنفاسهم من عاصفة “الأزمة الدبلوماسية” التي أثارتها تصريحات وزير الخارجية المستقيل شربل وهبة بشأن المملكة العربية السعودية، يبدو أنهم على موعد مع عاصفة أخرى قادمة ستثيرها رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مجلس النواب طالبا منهم “إتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها بعد التعثر الذي يشهده ملف تأليف الحكومة”، معتبرا أن “أسباب التأخير في ‏إستيلاد السلطة الإجرائية لا يجوز أن تبقى موضع التكهن أو الالتباس ‏أو الاجتهاد، داخلية كانت أم خارجية، كما أنها لا يجوز أن تأسر التأليف ‏إلى أفق زمني غير محدد فتؤبّد التصريف”.

سبب العاصفة القادمة أن كتلا نيابية ستعتبر الرسالة ضربا لإتفاق الطائف، ومُحاولة لإعادة  لبنان إلى الوراء، وهذا ما قاله صراحة بيان رؤساء الحكومات السابقين في بيان اليوم، أما الخبراء الدستوريون فيتوقعون ان “لا تؤدي الرسالة إلى تحقيق الغاية ‏التي أُرسلت من أجلها، لإخراج أزمة تشكيل الحكومة من دوامة الجمود، بل ستتسبب بفتح نقاش عقيم حول تعديل الدستور، والاطاحة بصلاحية رئيس الحكومة المكلف لصالح ‏رئيس الجمهورية، ما يعني تسعير للخلاف السياسي القائم في البلد، وزيادة التعقيدات حول تشكيل الحكومة الجديدة.

إسحاق ل”جنوبية”: لدينا قناعة لا يمكن الاستمرار مع هذه الاكثرية النيابية

من الناحية القانونية ووفق النظام الداخلي لمجلس النواب، فإنه عند توجيه رئيس الجمهورية رسالة مباشرة يُبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد، ‏خلال ثلاثة أيام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية، وبعد إستماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية يرفع ‏رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة، تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ المواقف أو الاجراء أو ‏القرار المناسب‎.‎

اما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون ‏الرسالة، واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب، وذلك وفقاً للمادة 145‏‎.‎

رأي خصوم عون بالرسالة

كل ما سبق يدفع  للبحث عن كيفية تعاطي  الكتل النيابية “المعارضة” مع مضمون رسالة رئيس الجمهورية، خصوصا أن هناك كتلا نيابية ترى أنه من الاجدى بذل المساعي لتشكيل حكومة جديدة، تحاكي ‏المبادرة الفرنسية، بدل فتح نقاش دستوري حول اي خطوة تؤدي الى سحب التكليف من ‏الحريري،

وفي هذا الاطار يوضح عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله ل”جنوبية” أن الرسالة تعني المزيد من المشاكل والتشنج في البلد وسنحاول قدر الامكان التخفيف من وطأتها وهذا ما نقوم به بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري”، مشددا على أن “الاهم هو تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن ولذلك فهو يقوم بإتصالاته مع رؤساء الكتل النيابية”.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: عودة عشوائية الى التعليم الحضوري..هل يُحابي وزير التربية المدارس الخاصة؟

يضيف:” لسنا في حاجة إلى دخول في مشكلة تفسير صلاحيات في المجلس النيابي أو تفسير الطائف، لأن هذا الامر يستحضر مشاكل أخرى، ونحن في الاصل في آتون المشاكل والمناكفات والاهم بالنسبة لنا هو كيفية مداواة وجع الناس”.

سعي لضمان مستقبل باسيل

ويشدد نائب رئيس تيار المستقبل النائب مصطفى علوش ل”جنوبية” أنه” بالسياسة تعني هذه الرسالة أن رئيس الجمهورية يُمعن في الهروب من مسؤوليته ويُلقي المسؤولية على الآخرين”، معتبرا أنه “كان يمكنه تفادي الإحراج الذي سيحصل نتيجة الردود التي ستأتيه من مجلس النواب، من خلال السير بحكومة من دون ثلث معطل، ولكن عمليا وبحسب ما هو واضح ضمانه لمستقبل جبران باسيل أهم  من كرامته الشخصية”.

مالك لـ”جنوبية”: مجلس النواب سيصدر توصية للاسراع في تشكيل الحكومة

ويرى علوش أننا “ذاهبون إلى مشكل جديد في مجلس النواب، وأعتقد أن الرسالة لن تغير الوضع إلا إذا اتفقت الاكثرية الساحقة فيه، على الطلب من الرئيس سعد الحريري الاعتذار وأن أستبعد هذه الخطوة”.

 الإستمرارية..صعبة

من جهتها تعتبر القوات اللبنانية أن المشكلة موجودة منذ ما قبل توجيه الرئيس عون لرسالته، إذ يرى عضو كتلة الجمهورية القوية النائب جوزيف إسحاق ل”جنوبية” أن “رسالة الرئيس عون هي محاولة لتحريك تأليف الحكومة، لكن نحن كقوات لبنانية بات لدينا قناعة أنه لا يمكن الإستمرار مع هذه الاكثرية النيابية بغض النظر عن تشكيل الحكومة او عدم تشكيلها”.

علوش لـ”جنوبية”: ذاهبون إلى مشكل جديد في مجلس النواب والرسالة لن تغير الوضع

 ويضيف:”المشكل قائم في مجلس نواب، والدليل أن الاكثرية الموجودة لم تستطع الاتفاق في ما بينها، من أجل تكليف وزير خارجية جديد، المشكل الاساسي في وجود الاكثرية النيابية”.

النتيجة..توصية

على ضفة القانون الدستوري يشرح الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك ل”جنوبية” أنه “يحق لرئيس الجمهورية توجيه رسالة إلى مجلس النواب عملا بالفقرة 10 من المادة 53  والتي تنص على أنه يجب على رئيس مجلس النواب دعوة مجلس النواب إلى الانعقاد لمناقشة الرسالة وهذا ما حصل”، لافتا إلى أنه “من ناحية  المضمون فقد تضمنت الرسالة وصفا لواقع الحال، وهذا الوصف لا يختلف عليه إثنان، أي أن الوضع المأساوي إنسحب على كافة الصعد والميادين وبأن أسر الحكومة بهذا الشكل أمر لا يستقيم”.

عبدالله لـ”جنوبية”: للتخفيف من وطأة الرسالة بالتعاون مع رئيس المجلس

يوضح مالك في المقابل أن “طلب رئيس الجمهورية من مجلس النواب، إتخاذ الموقف أو الاجراء المناسب، فهذا الامر متعذر لكون مبدئيا الدستور واضح لجهة عدم إمكانية تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف، ولعدم إمكانية سحب التكليف منه”، مشددا على أن “المطالبة بتفسير الدستور يخفي في ضمنه طلبا في التعديل، وهذا المطلب يحتاج إلى آلية دستورية منصوص عنها في المادتين 67 و77 من الدستور، ولذلك أنا أرى ان الجلسة النيابية المقبلة، ستشهد الكثير من التناقضات والتجاذبات والنقاشات،  وستؤدي إلى مزيد من الانقسامات والتأجج بين الكتل النيابية”.

ويختم:”كل ما يمكن أن يخلص إليه مجلس النواب، هو إصدار توصية يوجهها إلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة نظرا للوضع الدقيق الذي يُهدد مصير الوطن والمواطن”.

السابق
الجزء التاسع من سلسلة Fast & Furious وصلت إلى العرض
التالي
تَحسُّب إسرائيلي لتسلل متظاهرين عبر الحدود..أسلاك شائكة قرب المطلة!