إيران والسعودية تُخرجان «الشيطان الأكبر» من «جنتهما»!

ايران الشيعة السعودية السنة
تفاجأت الأوساط السياسية والاعلامية في البلاد العربية بالتقارب السريع بين الايرانيين والسعوديين في الايام والاسابيع الماضية، وعلق كثير من الخبراء على اللقاءات التي جرت بين الطرفين في بغداد ودمشق، بأنها مؤشر لتسويات كبيرة قادمة، بعد تجديد الاتفاق النووي الايراني المتوقع ان يتوصل اليه المفاوضون الدوليون فريبا بمشاركة وموافقة أميركية.

أكد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة بثتها وسائل الإعلام الرسمية في البلاد مساء 27 أبريل، أن المملكة تطمح إلى إقامة علاقة “طيبة” مع إيران باعتبارها دولة جارة وتريد أن تكون “مزدهرة”، لكن هناك “إشكاليات” بين الطرفين وتعمل السعودية مع شركائها على حلها. 

وكانت نقلت “نيويورك تايمز” (The New York Times) عن مسؤولين عراقيين وإيرانيين، قولهم إن رئيس المخابرات السعودية بدأ الشهر الماضي محادثات سرية مع مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى في بغداد. 

الضغوط الاميركية لاحقا سوف تشتد اكثر ضد ايران والنظام السوري وحتى ضدّ روسيا من اجل فرض تطبيق بنود اتفاق جنيف حول سوريا 

وتلاحقت الأحداث سريعا لتؤكد صحيفة “الغارديان” البريطانية أمس الثلاثاء، ان رئيس المخابرات السعودية سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري، في أول اجتماع مُعلن عنه من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية قبل عشر سنوات. 

وأضافت أن الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية الاثنين 3 أيار/مايو، يُنظر إليه على أنه مقدمة لانفراج وشيك بين خصمين إقليميين كانا على خلاف طوال مدة الصراع. 

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران العالقة بين الترتيبات السعودية والتسريبات «الظريفية»!

خطوة مـتأخرة وغير مجدية 

وفيما يعوّل أنصار حلف الممانعة الايراني على اقتناصهم للحظة الضعف السعودية في اليمن، بعد انقلاب المشهد العسكري لصالح ايران وحليفها الحوثي مع تحوّل الأخير الى الهجوم باتجاه مأرب، وان هذا التقارب سيكون بمثابة دفعة كبيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تشبث بالسلطة بدعم من روسيا وإيران مع انهيار البلاد من حوله، فان مصدرا اعلاميا يستند الى معلومات مستقاة من دوائر أميركية معنية بملف الشرق الأوسط، يرى ان تأثير ما يحدث لن يتجاوز الساحتين الايرانية والسعودية وتحالفاتهما، خصوصا ان المفاوضات حول الملف النووي لم تلحظ نفوذ ايران في المنطقة العربية، وهذا معناه وبعكس الترويج الايراني الذي يضع ذلك في خانة الاعتراف الغربي بنفوذ طهران، فان معلومات المصدر ، تقول ان الضغوطات الاميركية لاحقا سوف تشتد اكثر ضد ايران والنظام السوري وحتى ضدّ روسيا، من اجل فرض تطبيق بنود اتفاق جنيف حول سوريا وكتابة دستور جديد وتغيير الواقع السياسي الحالي. 

ويرصد المراقبون مظاهر التشدد الاميركي في سوريا على الشكل التالي: 

أولا: إصرار اميركا على تطبيق بنود اتفاق جنيف حول سوريا القاضي بكتابة دستور جديد للبلاد واعتماد الفدرالية، وتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مجلس الوزراء، وبالتالي فشل اجتماعات الاستانة وسوشي برعاية روسية ثم تركية وايرانية بإحراز تقدم في ظل المقاطعة الاميركية وعدم جدوى أية حلول لا تتضمن اعادة اعمار سوريا، وهو الأمر الذي ترفضه واشنطن قبل تغيير الواقع السياسي الحالي. 

التقارب الايراني السعودي حول سوريا ما هو الا محاولة من السعوديين متأخرة وغير مفيدة لتخفيف خسائرهم في اليمن

ثانيا: الاصرار الاميركي على انسحاب القوات الايرانية ومليشياتها الشيعية اضافة الى حزب الله من سوريا، وقد استحصلت على تعهد من اسرائيل قبل أيام بمساندتها في هذا المسعى، اثناء زيارة الوفد الامني الاسرائيلي الى واشنطن، مع العلم ان تل أبيب لا تخفي انحيازها الى مشروع بقاء نظام الاسد الضعيف وعدم تغيير الوضع الراهن. 

ثالثا: الاستمرار في سياسة فرض العقوبات الاميركية وتشديدها على النظام السوري وشخصياته، وكذلك على حزب الله في لبنان وسوريا وشمولها شخصيات سياسية حليفة للحزب من التيار الحر وحركة أمل والمردة، ورفض اعطاء اية ضمانات سياسية للحزب رغم الانهيار العام الذي يتهدّد لبنان بفعل أزمته الاقتصادية المستفحلة. 

لذلك فان التقارب الايراني السعودي حول سوريا ما هو الا محاولة من السعوديين متأخرة وغير مفيدة لتخفيف خسائرهم في اليمن، كذلك محاولة ايرانية للضغط باتجاه تسوية برعاية روسية لتخفيف خسائرهم المتوقعه في سوريا، خصوصا ان البلدين الخليجيين ضد تغيير الواقع لصالح تركيا وجناح الاخوان المسلمين في المعارضة، او لصالح رموز وطنية ديموقراطية مدعومة من الغرب، ولكن بالنهاية فان من يقرر مصير سوريا ليس السعوديين أوالايرانيين، بل ما سوف تسفر عنه اللقاءات المرتقبة بين الرئيس الاميركي جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث ملفات العالم بعد طول نزاع، وعلى رأس تلك الملفات ملف مستقبل سوريا والشرق الأوسط. 

السابق
بين «عصا» العقوبات و«جزرة» المساعدات.. طبارة لـ«جنوبية»: لا غلبة لفريق لبناني على آخر
التالي
بواخر الكهرباء تحت الحجز.. مغادرة لبنان ممنوعة!