«قمع» الدعاء الى الله من خارج «حزب الله».. ديركيفا نموذجاً!

ديركيفا
تتوالى التصرفات والاجراءات غير المسؤولة التي يقوم بها عناصر تابعة لحزب الله في قرى الجنوب، والتي تؤكد سيطرتهم التامة على كافة المساجد ودور العبادة وتحويلها الى مراكز مباحة لانصارهم فقط، ومحرمة على غيرهم المختلف في توجهاته عن خطهم السياسي.

كتب الدكتور يوسف زيتون من بلدة ديركيفا الجنوبية قضاء صور على صفحته الفايسبوك المنشور التالي: 

«لقد وهبني الله صوتا مقبولا. لطالما كنت أقرأ الدعاء في المسجد منذ صغري.  

بغض النظر عن أن رؤيتي الدينية اليوم مختلفة تماما عن الرؤية السائدة، إلا أن هذا الطقس الروحي هو أمر محبب إلى قلبي.  

اذهب إلى قريتي ديركيفا يوما كل أسبوع او أسبوعين بسبب دراستي وعملي في المشفى. 

اليوم كنت في القرية، أفطرت مع أهلي، ونزلت لأقرأ الدعاء في المسجد كما كنت أفعل دوما.  

قبل أن أشرع بالقراءة، يأتي أحد الشبان ويقول لي أن المسؤول الحزبي في الضيعة يريدني أن لا أقرأ وأن يوضع بدل ذلك شريط كاسيت.  

قلت للشاب أن هذه الأمور لا يحددها المسؤول الحزبي، وأنني سأقرأ الدعاء كما كنت أفعل دائما، وأن السلطة التنظيمية للمسؤول الحزبي غير نافذة علي.  

أصر الشاب على الاتصال بالمسؤول الحزبي “الرابط”، والذي قال لي: “الموضوع لا نقاش فيه، اليوم سنضع شريط كاسيت، ومنحكي”، فأجبته: ” اليوم سأقرأ أنا، ومنحكي”، وشرعت بالقراءة.  

ما هي إلا دقائق حتى وصل الرابط شخصيا وأطفأ جهاز الصوت بينما كنت أقرأ، ثم وضع شريطا.  

عند خروجي، سألت المسؤول الحزبي:” من الذي أعطاك السلطة وبأي حق يحدد المسؤول الحزبي من يقرأ الدعاء في المسجد ومن لا يقرأه؟” 

فقال لي بأن هناك معنيين ونظاما، فسألته من هم المعنيون فلم يجبني.  

حين يضحى الدين أداة بيد الأحزاب فأنتم تبعدون الناس عنه وعن أي علاقة به من أي نوع كانت. 

ينبغي أن يكون الدين لخدمة الإنسان وقضاياه ورافعة أخلاقية للمجتمع. للأسف أن يكون الدين سلطة بيد الأحزاب». 

التاريخ المقاوم لا يشفع!

والمعروف ان الدكتور الشاب يوسف زيتون صاحب المنشور أعلاها، هو نجل الحاج حسن زيتون المقاوم السابق في حزب الله ورئيس البلدية الحالي لديركيفا، وهو مشهود له بالكفاءة والنزاهة وسلامة الدين، وقد نجح في تأمين الخدمات الجيدة لبلدته وتجنيبها أزمات الكهرباء والمياه الى الآن، بسبب حسن ادارته، كون البلدية تمتلك المولدات الخاصة وتدير توزيع المياه في البلدة. 

إقرأ أيضاً: تعرية إسرائيلية لتحركات حزب الله جنوباً.. هكذا هجّروا المسيحيين وحوّلوا قراهم الى مواقع عسكرية!

غير ان تاريخ والده المقاوم لم يشفع للدكتور يوسف “الجناية” التي ارتكبها قبل اعوام، عندما خرج من صفوف الحزب، واعتنق الحرية الفكرية اثناء دراسته للعلوم الطبيه في بيروت، معبرا عن رأيه المختلف، منتقدا على صفحات مواقع التواصل تحالف الحزب مع الفساد وقمع ثورة تشرين من قبل انصارهم، وهجوم القمصان السود على ساحات رياض الصلح والشهداء وجسر الرينغ وغيرها من المواقع. 

ويتعرض الدكتور يوسف الذي يتمسك بانتمائه الى بيئة المقاومة، رغم اختلافه مع توجهات حزب الله السياسية ، فيواجه التنمر الالكتروني والشتائم في كثير من الأحيان من قبل حسابات حقيقية ووهمية تناصر حزب الله، مع العلم انه غير محسوب على المعارضة الشيعية ولا يمارس اي نشاط سياسي عام. 

وبالنهاية فان ما يحدث في مساجد الجنوب، واستمرار هيمنة الاحتكار الحزبي عليها أصبح يهدّد صحة الدين نفسه، فبأي حق يمنع حزبيون ولاسباب سياسية، اخوانهم المؤمنين من تلاوة دعاء في شهر رمضان في بيت الله؟ الم يقل الله تعالى في كتابه الكريم “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا”؟! 

واذا كان المختلفون في بيئة حزب الله نفسها اصبحوا يعانون من الاضطهاد، فكيف يمكن الركون في المستقبل مع تضييق مساحة التعبير التي تمارس حاليا، لتنافس سياسي او انتخابي خارج سياق الضغوطات والاستقواء الذي يمارسه تحالف احزاب سلطة الامر الواقع في الجنوب؟

السابق
بعدما صدّرت كورونا إلى العالم.. ووهان الصينية ومهرجان موسيقي مفتوح
التالي
استعادت الثقة بنفسها.. حورية فرغلي تنهي رحلة العلاج الطويلة