جباعي لـ«جنوبية»: الكارتيلات تُسعر بحسب دولار السوق و40 من كلفتها على الـ1500 !

الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي
لا يعرف المواطن اللبناني ما هي القواعد التي يعتمدها التجار لتحديد السلع الاساسية، في ظل وجود أكثر من سعر للدولار، لكن ما يعرفه أن هذه الاسعار تتحول إلى نار تأكل "الاخضر واليابس" من مداخيله، علما أن نسبة لا بأس بها من أسعار هذه السلع، تحتسب على دولار 1500، فهل تنبهت الجهات المسؤولة إلى هذا الامر أم ثمة تواطئ؟

منذ آخر جنون لسعر الدولار في السوق السوداء في شهر آذار الماضي، حيث وصل إلى 15 ألف ليرة، ثم تأرجح بين 12 و 13 ألف ليرة للدولار الواحد، إرتفعت أسعار السلع الغذائية والاساسية بشكل مريب ولم تنخفض مع تراجع الدولار، لدرجة أن الكثير من التجار باتوا لا يسعّرون بضائعهم كما تنص قوانين حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، بل أبقوا “الداتا” على صندوق المحاسبة، إفساحا بالمجال لتغييرها مع كل إرتفاع جديد لسعر الدولار .

إقرأ أيضاً: «الثنائي» يَتوسع طبياً تحت «جنح الكورونا»..والبقاعيون يبحثون عن «راجح المدعوم»!

صحيح أنه يحق للتاجر حفظ حقوقه وهامش ربحه كي يتمكن من الاستمرار، لكن السؤال الملح الذي يسأله معظم اللبنانيين من دون أن يجدوا جوابا شافيا عليه، هو ما هي القاعدة الحسابية التي ينطلق منها التجار لتحديد أسعار سلعهم، خصوصا أن جزءا كبيرا من كلفة هذه البضاعة، لا يزال يحتسب وفقا لسعر صرف ليرة 1500، وهذا الجزء يتضمن إيجارات المحال التجارية والعمال وفواتير الكهرباء والضرائب التي تستوفيها الجمارك، ألا يجب أن يؤدي هذا الامر إلى عقلنة الاسعار ولو قليلا؟

الكرتيلات و حساباتها

يشرح الخبير الاقتصادي محمود جباعي لـ”جنوبية”، الالية المتبعة من قبل التجار بالقول:”يتحكم بالاقتصاد اللبناني كارتيلات تجارية ووكالات حصرية لإستيراد البضائع من الخارج، خاصة أن لبنان يستورد أكثر من 80 بالمئة من إستهلاكه الغذائي”.

يعمد التجار إلى إحتساب كل المراحل التي تمر بها البضائع قبل إنزالها الى السوق وفقا لسعر دولار السوق السوداء

ويضيف”: وبعد إرتفاع سعر صرف الدولار، أول خطوة كان على مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد القيام بها، هو تحديد كيفية تسعير اصحاب السلع للبضائع التي يستوردونها من الخارج، و أيضا مراقبة المحلات التجارية التي تشتري هذه البضائع أيضا”، لافتا إلى أن “ما يقوم به أصحاب الكارتيلات حاليا هو تسعير البضائع وفقا لسعر السوق بالمطلق، بينما حين يتم إستيراد البضائع من الخارج، فإنها تشمل سعرها الاصلي وكلفة الاستيراد والجمرك والرواتب والايجارات والضرائب والرسوم، وكل هذه المراحل التي تمر بها هذه البضائع لا يزال يحتسب على دولار 1500 ليرة ما عدا كلفة الاستيراد، بينما يعمد التجار إلى إحتساب كل المراحل التي تمر بها البضائع قبل إنزالها الى السوق، وفقا لسعر دولار السوق السوداء، مع إضافة هامش ارباح خيالي وعال جدا، وفقا لسعر دولار السوق السوداء، مما يزيد يرفع أسعار البضائع تلقائيا 40 بالمئة”.

الدولة اللبنانية لا تزال تتقاضى ضرائبها وفقا لسعر دولار 1500 ليرة، وهذا يعني ان 40 بالمئة من سعر كلفة السلعة يجب أن يحتسب على دولار 1500 ليرة، أي تخفيض أسعار البضائع 40 بالمئة

و يتابع:” العدالة تقول ان الدولة اللبنانية لا تزال تتقاضى ضرائبها وفقا لسعر دولار 1500 ليرة، وهذا يعني ان 40 بالمئة من سعر كلفة السلعة يجب أن يحتسب على دولار 1500 ليرة، أي تخفيض أسعار البضائع 40 بالمئة عن السعر المعروض حاليا”، معتبرا أن “المسؤولية هي على وزارة الاقتصاد والمديرية العامة لحماية المستهلك، وعلى الاجهزة الرقابية في الدولة، والسبب هو إما هناك تواطئ من بعض المسؤولين، أو لأنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية في هذا الموضوع، و في الحالتين المواطن اللبناني هو من يدفع الثمن”.

هل يلغي مجلس النواب الوكالات الحصرية ؟

يوضح جباعي أن “هذه الكارتيلات متحكمة بالاستيراد من الخارج، وتلعب دورا بتأمين الامن الغذائي في البلد، وهي تتحكم بنوعية البضائع مما يسمح لها بتحديد هوامش ربح لها وفقا لما تقتضيه مصالحها دون رقابة، كونها محمية بقانون الوكالة الحصرية”، مشددا على “الاستمرار على هذه الحالة يؤدي الى تهديد الامن الغذائي في البلد والذهاب الى المزيد من الفقر والبؤس خاصة أن هذه الكارتيلات تمنع وجود بديل عن بضائعها بأسعار أقل”.

هذه الكارتيلات تمنع وجود بديل عن بضائعها بأسعار أقل

والسؤال الذي يطرح هو هل من مخرج لهذه الدوامة التي ترهق جيوب المواطنين؟ يجيب جباعي:”المشكلة كان يمكن ان تحل من جذورها لو ألغى مجلس النواب قانون كافة الوكالات الحصرية، أو بالحد الادنى الشق المتعلق بالمواد الغذائية، لأن ذلك يعطي فرصة لشركات أخرى لإستيراد بضائع بمواصفات جيدة ولكن بأسعار أقل”.

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الجمعة 23/4/2021
التالي
«فوبيا اللقاحات» تتمدد جنوباً.. وأزمة لحوم بين التقنين والتسفير!