بين أميركا ولبنان..المرونة مقابل العدالة!

ديفيد هيل​
مواقف الادارة الاميركية الماضية في عهد دونالد ترامب والحالية برئاسة جو بايدن مطالبة بتنفيذ تعهداتها الكلامية بمساعدة الشعب اللبناني وبما بتناسب مع قيم العدالة والمرونة والمواطنة التي يحفظها الدستور الاميركي لمواطنيه. وفي زيارته منذ ايام الى لبنان كرر ديفيد هيل المواقف ذاتها وسط مطالبات من لبنانيين اميركيين بتنفيذ التعهدات والخطابات الاميركية بحق الشعب اللبناني.

مستر هيل، من مكان إقامتي في تكساس، أبعث إليك برسالة مواطن أميركي يذكرك بالمبادئ التي تعلمتها وتعلمناها في دستور بلادنا، وفي تاريخها الذي صنع عصبة الأمم والأمم المتحدة، ويقول لك العدالة لدى المواطن الأميركي لا تباع في مزاد المصالح مهما كان صاحب المصلحة صديقا لنا.

أنت وأنا ارتضينا قواعد الدستور والقانون ليحكم فيما بيننا، فإذا كنت لا تقبل أن يمس إنسان بحقوقك مهما كان صديقا لك، فكيف يمكن لك ان تنصح بالمرونة، شعبا طيبا أعطى وطننا ثروة من شبابه، وفتح لنا بلاده لنرّوج لقيم وطننا الإنسانية، وأرسى دستوره على القواعد الديموقراطية وحقوق الإنسان التي نبشر الشعوب بها، وجعل صرحنا الأكاديمي في عاصمته منارة لقادة تلك المنطقة من حوله، وشارك قادتنا إنشاء الأمم المتحدة، وصياغة إعلان حقوق الإنسان وكل القواعد الدوليّة الحضاريّة التي تحمي الكرامة الإنسانية؟

لم تعرف مقاصد هيل بالمرونة وهل يرمي الى قبول شعب لبنان المساومة على حقوقه في مياهه الإقليمية؟

أنت تطالب شعب لبنان بالمرونة. فأيّة مرونة تقصد؟ هل تقصد أن يقبل شعب لبنان المساومة على حقوقه في مياهه الإقليمية؟ وهل كنّا نرضى كأميركيين مستر هيل، بالمساومة على حقوقنا في شبر واحد من مياهنا الإقليمية؟ هل تهددهم بالقوّة والجبروت التي ساهم في توفيرها لنا ملايين المهاجرين إلى بلدنا؟

إقرأ أيضاً: غياب السيد محمد حسن الأمين..بعض آخر مشتركاتنا يموت

أليس من الأجدر ان نساعدهم في الحصول على حقوقهم، ومنع الغبن عنهم وخلق الكراهية لديهم ضدنا؟ ولمصلحة من نفعل ذلك؟ هل هو لمصلحة إسرائيل؟ ألا يبعث بالحروب مجددا بينها وبين جيرانها؟ هل نسيت أننا نحن الذين فرضنا على إسرائيل وعلى لبنان في مجلس الأمن إتفاق الهدنة؟

أليس من الأجدر ان نساعدهما على إيجاد الحلول المبنيّة، على قواعد هذا الإتفاق الذي وقعناه معهما لضمانة السلام والأمن بينهما؟ شعب لبنان يريد أن يعيش بسلام وطمأنينة مع جيرانه، فلا يعتدي عليهم ولا يعتدون عليه. أليس من الأجدر أن نساعده في ذلك؟

وإذا لم يتفق مع جيرانه على حل بالحوار السلمي، فهناك العديد من الآليات السلميّة الأخرى لتسوية خلافهم، مثل التحكيم والمحاكم الدوليّة كمحكمة العدل الدوليّة أو محكمة قانون البحار.

تحقيق التطلعات الحرة للبنانيين

نحن ندرك أنك مثل كل مواطن أميركي، ملتزم بنتائج الإنتخابات العامة التي تمّت مؤخرا في بلادنا. وستترك منصبك إذا قرر الرئيس بايدن ذلك. كيف لا نترك شعب لبنان يختار بحرية من يمثله ويقيم سلطة توافق طموحاته؟

كيف يمكن لك أن تنصحه بحكومة بالتي هي احسن، وهو الذي أمضى اكثر من سنة ونصف في الشوارع يرفض هذه السلطة، ويتهمها بالفساد وسرقة أمواله؟ أليس من الأجدر أن نساعده على تحقيق تطلعاته الحرّة، فنكون صادقين مع الناس الذين وعدناهم بالربيع في أوطانهم؟

مستر هيل،لم نلتق مواطنا لبنانيا في أميركا أو خارجها، إلا وطالبنا بمساعدته للتخلص من ترهيب السلاح القائم بايدي حزب إيران في بلاده، فكيف نغمض عيوننا عن هذا الطلب المحق، ونحن الذين نقول عن هذا الحزب ومن يمده بالسلاح والمال والصواريخ بأنهم إرهابيون؟

أليس من واجبنا أن نساعد هذا الشعب الذي استقبل مرسلينا منذ القرن التاسع عشر، وأفسح لهم ببناء الكنائس والمدارس والجامعات، وتعاون معنا في ترسيخ النظام الليبرالي الإقتصادي الحر، واعتمد الدولار قاعدة لإقتصاده، وترك جيشه وقواه الأمنية تتعاون معنا وتساندنا في نضالنا ضد الإرهاب، في إعادة بناء وطنه على القواعد الحضارية الجديدة؟ أليس من واجبنا أن نساعده ليخرج من لعبة الصراعات الإقليمية والدولية الجارية حوله؟

أننا نذكر مستر هيل، أن الرئيس بوش قال عام 2007 أن لبنان حاجة لنا. ونذكر ما قاله الرئيس بيل كلينتون في رسالة موجهة من دالاس في تكساس، عام 2015، إلى الإدارة في البيت البيض يقول فيها: أن ممارسة القيادة الحكيمة في واشنطن تعني ايضا مساعدة هذا الوطن الصديق والمميّز في الشرق الأوسط لاستعادة استقراره.

الاستغلال الاميركي للقضايا اللبنانية يمكنه ان يتوقف بالضغط على السياسيين الفاسدين والذين سيعطون اميركا ما تريده خوفاً من العقوبات!

كفى استغلالا لمعاناة هذا الشعب. السياسيون الفاسدون الخائفون من عقوباتنا سيمنحوك ما تريده. لكن الشعب لن ينسى لنا هذا الموقف وسيظل يذكّرنا به، ويذكّر أولادنا وأحفادنا به لقرون مقبلة. وسيقول لهم أجدادكم ظلمونا وما ظلمنا أحدا. لا يا مستر هيل. لا نريد ان يستمر الظلم اللاحق بهم. هم لا يريدون منك ومنّا سوى العدالة، وهذا طلب شريف وأخلاقي ونبيل يجب الإلتزام به. 

السابق
غياب السيد محمد حسن الأمين..بعض آخر مشتركاتنا يموت
التالي
وفاة نجمة «هاري بوتر» هيلين مكروري بسبب السرطان