العلامة الأمين.. «السيد المختلف» في حياته و«عليائه»

في رثاء العلامة السيد محمد حسن الأمين، وفي كلمات مؤثرة نعى الكاتب ياسين شبلي، فقيد العلم والشعر والحوار الانساني العلامة والمفكر الاسلامي الكبير السيد محمد حسن الامين، وكتب التالي:

بعد “إعدام” لقمان سليم في الرابع من شباط الماضي، فُجع الوسط الشيعي الفكري والوطني الأسبوع الماضي بغياب العلامة السيد محمد حسن الأمين، سيد العقل والحكمة والأدب والشعر، لتسجل خسارة جديدة فادحة للشيعة الأحرار في لبنان والعالم العربي، وللإنسانية جمعاء. فالسيد محمد حسن الأمين كان قامة وطنية عروبية إنسانية من حيث الفكر النير والمعتدل، فهو المحاور المنفتح على كل الأفكار، وهو السيد “المختلف” عن السائد اليوم ، فهو من طينة ” السياد ” الأوائل الذين كانت دروس وعلوم اللغة العربية الغنية والجميلة، هي طريقهم للفقه ولفهم معاني الكلمات بحدودها القصوى لا بمحدوديتها، ما جعل منه الفقيه المفكر والأديب والشاعر الذي لا يشق له غبار . كل هذه المزايا كان لا بد لها من أن تصنع إنسانا مقاوما صلبا، كان قدوة في الشجاعة والإقدام، ومن ينسى وقفته بعد الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 ضد الإحتلال الصهيوني، الذي أضطر لإبعاده عن الجنوب وعن مدينة صيدا حيث كان قاضيا للشرع في محكمتها. 

اقرا ايضا: الرئيس الفلسطيني يعزي بوفاة العلامة الأمين: أمضى حياته في خدمة وطنه وشعبه

بعد الطائف ساهم مع غيره من المفكرين والمثقفين، في محاولة تضميد جراح الحرب الأهلية عبر الحوار المنفتح

بعد إتفاق الطائف ساهم مع غيره من المفكرين والمثقفين، في محاولة تضميد جراح الحرب الأهلية عبر الحوار المنفتح، والتواصل مع كل الأفرقاء على الساحة الوطنية، وكان مع رفيقه الراحل السيد هاني فحص واسطة العقد – كما وصفه الأستاذ محمد علي مقلد – بين كل الأطراف ، بين المسلمين والمسيحيين ، بين العلمانيين والدينيين، بين العروبيين والإسلاميين، وهو الدور الذي لم يرق لقوى الأمر الواقع، التي كان لها مشروعها المغاير الذي يتخطى حدود الوطن الصغير لبنان وحتى الوطن العربي الكبير، فكان أن تعرض لمحاولة “إغتيال” عبر محاولة “كتم الصوت” بهدف تغييبه عن الصورة الوطنية العامة، فكاتم الصوت ليس مجرد مسدس كما قد يتهيأ للبعض، فهو رمز لمنظومة سياسية – أمنية – إعلامية تعمل بالتكافل والتضامن فيما بينها، لإبعاد وتغييب من تريد تغييبه وإبعاده عن المشهد، ولكن هيهات ، فالمشهد بعد وفاة العلامة السيد محمد حسن الأمين، وشهادات الوفاء  والرثاء الكثيرة والمميزة عنه وله، من قبل مفكرين ومثقفين من كل الأطياف والإتجاهات السياسية والفكرية، حتى من قبل خصومه الذين تجاهلوه في حياته ولم يستطيعوا ذلك بعد مماته، هذا المشهد جاء ليؤكد كم هي الخسارة فادحة، بغياب علاّمة علم في الفقه واللغة والحكمة والأدب والشعر والوطنية الحقة، لأنه كان حقا سيدا وأمينا على كل هذه المعاني الإنسانية السامية.

خسارة فادحة، بغياب علاّمة علم في الفقه واللغة والحكمة والأدب والشعر والوطنية الحقة

وإذا كانت الخسارة كبيرة وعامة للوطن، فهي بلا شك فادحة ولا تعوض بالنسبة للوسط الشيعي الحر في لبنان والعالم العربي، سيما وأنها تأتي بعد “إعدام” لقمان سليم، لتتوالى الخسارات على هذا المكون الذي هو بمثابة عين تقاوم مخرز السلطة، سواء في لبنان أو العراق حيث يمثل الشيعة جزءا مهما منها، ما يجعل من هذه المقاومة بمثابة “إنتحار”، خاصة وأنها تجد نفسها غير مدعومة من مكونات الوطن الأخرى بشكل كافٍ، بل تجد نفسها أحيانا ضحية مساومات وصفقات، تعقد بين أطراف السلطة بإسم التوافق والوحدة الوطنية.

بغيابه نفتقد عمامة للمحبة والسلام والطمأنينة، وعباءة حيكت من فكر إنساني متحرك ثاقب

تحية محبة لروح الغائب العلامة السيد محمد حسن الأمين، الذي غاب عنا جسدا فحسب، لأن العلاّمة لا يموت، وكيف يموت من ترك علامة في الفقه والفكر والأدب والشعر، ومن طبع بصمة في قلب وعقل وضمير وفكر التاريخ الإنساني المعاصر.بغيابه نفتقد عمامة للمحبة والسلام والطمأنينة، وعباءة حيكت من فكر إنساني متحرك ثاقب، تقينا حر الجهل وجمود الصقيع.إلى جنات الخلد والنعيم أيها السيد الأمين، لقد كنت بحق نعم السيد ونعم الأمين، تليق بك السيادة وتسمو، وتكبر بك الأمانة وتزهو …    

السابق
«توب 10» أسئلة على طريق «جهنم اللبنانية»!
التالي
طقس حار في «الويك اند» مع رياح خماسينية تشتد في هذا الموعد!