العقل الجمعي في غياب أحد أقطابه

السيد محمد حسن الامين

تعرفت على السيد محمد حسن الأمين المفكر، القاضي، و الإنسان عندما كنت مقيما في لبنان في التسعينات إلى بدايات الألفية الجديدة، و توطدت العلاقة بيني وبينه من خلال لقاءات مشتركة بين حين و آخر، وقراءة ما يصدر عنه من مقالات وكتب و أخذ ملاحظاته على ما كنت أنشر من مقالات أو كتب. لمست في السيد العلو في نفسه والتعالي عن كثير من القضايا التي يلتهي فيها أصحاب الشأن العام من المعممين وغيرهم، حيث كان السمو من صفاته البارزة، في عالم أصبح التسامي أمرا نادر الوجود في عالم البحث عن الشهرة و الموقع و المقام.

اقرا ايضاً: رائعة الشاعر مصطفى سبيتي إلى روح السيد محمد حسن الأمين

ذات يوم عندما زرته في بيته الصيداوية و هو ملقى على فراش المرض نتيجة وعكة صحية أصابته في8-9-2003 كان يقرأ لإقبال اللاهوري معجبا في طرحه النير و رؤيته الوازنة حول الدين والقضايا الدينية. وحينه اهداني كتابه القيم: الاجتماع العربي، مراجعات في التعددية و النهضة والتنوير الذي يكشف عن همومه الإساسية التي تلخصت في الإنسان: حريته، الديمقراطية والشورى، صيغة العيش المشترك، الوسطية، الممانعة وسؤال الهوية وغيرها من هموم إنسانية و لبنانية.
السؤال الذي يشغل ذهني بعد رحيل السيد الأمين هو “لماذا نفتقد السيد محمد حسن الأمين؟”
الجواب التفصيلي عن السؤال لا يسعه المقام والمقال ولكن بالايجاز الشديد:
نقتقد السيد محمد حسن الأمين لغياب عقول جمعية راشدة في مجتمعاتنا، الذي كان السيد أحد أبرز ممثليه، حيث تحول العقل الجمعي عندنا إلى وسيلة في خدمة تحقيق غرانز بشرية و ليس لتحقيق ذوات إنسانية راقية!
نفقد السيد محمد حسن الأمين كونه رجلا عاش السلام الداخلي قبل أن يكون مسالما في مجتمعه و منفتحا على غيره ومساهما في توعيتهم و توجيههم نحو العلى والتعالي!
نفتقد السيد الأمين لأنه كان مشفقا حنونا و لم يكن قهارا و لا جبارا، يطلب الخير لجاره وصديقه قبل نفسه وأهله وهو ما يجعلنا نتذكره دائما!
نفتقد السيد محمد حسن لأنه كان مع المظلوم ضد الظالم، سواء كان الظالم عدوا أو صديقا أو جارا أو قريبا، من وجهة نظره يعتبر الظالم ظالما ولا فرق بين ظالم هنا و ظالم هناك! ظالم قريب أو ظالم بعيد، ظالم عدو أو ظالم صديق!
نفتقد السيد لأنه كان صاحب المبادئ و القيم الفاضلة والنبيلة في عصر الدعاية والإعلام المضل الذي يصنع من المنكر معروفا و من المعروف منكرا!
وأخيرا وليس آخرا نفتقد السيد محمد حسن الأمين لأنه لم يبع نفسه من أجل مقام زائل و موقع بائد و شهرة لا تبقى لأحد في طول الخط! هو الباقي وحده و الكل إلى الفناء !

السابق
7 نصائح لمرضى القولون العصبي في رمضان
التالي
هل سيدفع لبنان ثمن تخريب مُنشأة نطنز النووية الايرانية؟!