«الحركة الثقافية- انطلياس» عن العلامة الأمين: معلّم كبير من شيوخ الهداية

نعت “الحركة الثقافية – انطلياس” العلامية الأمين السيد محمد حسن الأمين، مشيرة في بيان الى انه “قامةً وطنية لبنانية عربية وإسلامية كبيرة، الذي كان لحركتنا شرف تكريمه في “المهرجان اللبناني للكتاب” في دورته السنوية لعام 1997، كواحد من اعلام الثقافية في لبنان والعالم العربي الذين أعطوا ثقافتنا ما لا معادل لمكافأته”.

اقرا ايضا: العلامة الأمين… توأم فلسطين

كان صاحب فكر نيِّر وعقل منفتح وروح سمحاء وكان يحمل في صوته وملامحه الكثير من ملامح الأئمة الكبار. منذ مطالع السبعينات بعد عودته من النجف الأشرف، قاد مع رفاق له كالسيد هاني فحص والسيد كاظم إبراهيم وآخرين، حركة التحديث والتجاوز في الحوزة الدينية وأبرز ما لفت في مواقفه تأييده للعلمانية وعدم اعتبارها مناقضة للإسلام والإخلاص لمبدأ الحرية التي رفعها الى رتبة المقدّس. كان له المواقف الشجاعة في اتِّقاد السلاح الذي يتخلّى عن الحرية ويرضى بمصادرة الآخر وتخوينه لمجرد الاختلاف معه في الرأي، وهكذا فالمقاومة والتحرير، في نظر العلامة الأمين، لا تتحقق إلا على قاعدة الحرية. والحرية مع العقل هما تؤاما الخروج من قمقم التخلف والقهر وبيت الطاعة. ومن هنا أيضاً وقفاته المميزة من قضية نصر حامد أبو زيد وأدونيس ومصادرة الكتب وقانون الإعلام وكل ما يستدعي هبّة أو وقفة ضمير. وكان السيد وطنياً لبنانياً يدافع عن استقلال لبنان وسيادته ويعرف بعمق أهمّيته كتجربة إنسانية بين المسيحية والإسلام. من هنا كان رفضه لكل الممارسات التي تُدخل جزءًا من شعبه في ولاية الفقيه، ورفضه لما قامت به فئة من شعبنا من ممارسات القمع لحراك الشعب السوري طلباً للحرية والكرامة.

وكان نموذجاً راقياً في الفقه والفكر والأدب والشعر والأخلاق والإنسانية، وشخصيةً تفيض بالمواقف المشرّفة بنصاعتها وشجاعتها ضد الفساد والظلم والاستبداد والاحتلال والجهل والتخلُّف، بصرف النظر عن الانتماءات المذهبية والطائفية، كمثالٍ مشعٍّ لشخصيةٍ تُحتذى. لقد أنجز سماحة السيّد العديد من المآثر في أزمنة الشحّ والبؤس، ما نهض بمعنويات مواطنيه في بيئته وعلى مدى أوسع. فكانت تنحيتُه وإقصاؤه خوفاً من

قيادته الحكيمة والمحِبّة التي كانت تفعل فعلها في النفوس. قال بأن الدولة هي مدنية بجوهرها على الدوام، وهذا ما آل به الى موقف علنيّ مؤيد لفصل الدين عن الدولة، فليس صحيحاً بعُرفه أنَّ العلمانية هي خروج على الدين وكفر. فالكفر له مصادر عدة غير العلمانية. فانضمّ بهذا الموقف، مع تميّزٍ فردي، إلى رعيلٍ واسع من المتنوِّرين، مدنيين ورجال دين، مسلمين ومسيحيين، من أعلام نهضتنا الحديثة. انحاز إلى ثقافة المقاومة في الأذهان وفي الأعيان، فنال عن هذه المواقف خصوماتٍ لم تزده إلاّ ثباتاً على مواقفه من الحق، كما يعلنه، في السياسة والأخلاق والمذهب والدين. فكان مع الانتفاضات ضد الأنظمة، ومع المواطنين في مطاليبهم التي هي دوماً محقَّة، في الانتفاضات الشبابية العربية وأينما كان.

معلّم كبير من شيوخ الهداية، كاسرُ الصمت إزاء الظلم، نموذجٌ لبنانيٌّ وعربيٌّ وإسلاميٌّ رحلَ في هذه الأيام السوداء التي تجتاحنا ونحن بأمسّ الحاجة إليه.

السابق
رحيل العلّامة الأمين..تصدى للتحجر الديني وطالب بتعزيز الحوار وحقوق المرأة
التالي
العلامة الأمين.. حكاية سيّد شجاع أغمض عينيْه ولن يغمد نور فكره