المليارات الخليجية «تُغدق» على العراق و «تُحرّم» على لبنان!

لاشكّ ان الحكومة اللبنانية القائمة حاليا وراعيها حزب الله يحسدان العراق ورئيس وزرائه مصطفى الكاظمي، بسبب ما تم اعلانه قبل ايام عن استثمار 6 مليارات دولار من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات لتنقذ العراق من الافلاس، فيتم ضخها عبر المحافظات العراقية بمراقبة دولية، تشرف عليها الولايات المتحدة منعا للهدر والفساد الذي برع فيه القائمون السلطة في بلاد الرافدين منذ عام 2003، تاريخ تسلم الاحزاب الاسلامية الشيعية للبلاد عقب الغزو الاميركي وسقوط نظام صدام حسين.

حرمان لبنان من المساعدات الخليجية والاوروبية اصبح سببه معروفا، وهو اصرار الطبقة الحاكمة على عدم الولوج في الاصلاحات من جهة، واصرار حزب الله المعادي للعرب والغرب، على بقائه ممسكا بناصية الحكم من اجل مؤسسات الدولة الامنية والسياسية والاقتصادية، وفق مصلحته ومصالح محور الممانعة الذي تقوده ايران في المنطقة.

اقرأ أيضاً: انعطاف خليجي باتجاه سوريا.. السعودية تؤيد طلب الإمارات رفع عقوبات «قيصر»

فمتلازمة هيمنة ايران وافلاس الدول الساقطة في محورها ودمار مؤسساتها، أصبح مرضا مزمنا تحول الى خطير فاق التوقعات، وأصبح يهدد عقد محور الممانعة كله بالانفراط من داخله، خصوصا مع صدور قوانين العقوبات الاميركية الاقتصادية في الشهور والسنوات الماضية التي حاصرت ايران وحزب الله والنظام السوري اقتصاديا، فاضطر هؤلاء الى استنزاف موارد دول لبنان والعراق وسوريا حتى الرمق الاخير، لتقف تلك الدول على حافة الافلاس.

بين العراق ولبنان

ما يميّز العراق عن لبنان هو ان ايران مجبرة على الرضوخ والقبول بالشراكة العربية الاقتصادية، التي يتم تفعيلها حاليا عبر الاستثمارات الخليجية الآنفة الذكر بواسطة حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، لأن إفلاس العراق، وهو السوق الاكبر لمنتجات ايران الذي بقي مفتوحا بإذن أميركي رغم العقوبات، معناه بالضرورة افلاس ايران بالضرورة وفق الخبراء، في حين ان حزب الله اعلن في لبنان صراحة رفضه لتدخل البنك الدولي للاشراف على الاصلاحات في مرافق الدولة ووزاراتها، ورفضه كذلك لحكومة اختصاصيين بلسان امينه العام السيد حسن نصرالله، وأوعز الحزب لحكومة تصريف الاعمال المكوّنه منه ومن حلفائه فقط، بوقف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل من اجل استخراج النفط والغاز، طالما ان سيف العقوبات الاقتصادية ما زال مسلطا عليه وعلى حلفائه، في حين لم تتوقف الضغوط الاميركية من اجل اخراج مقاتليه من سوريا وتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية.

بن سلمان أخبر ماكرون خلال الاتصال الهاتفي كون السعودية لن تقوم بمساعدة من يتحالف مع أعدائها

ولذلك يشرف حزب الله حاليا على سياسة المراوحة والمماطلة في تشكيل حكومة لبنانية جديدة، فيظهر اعلاميا ان المتسببين بالتعطيل هما رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، ورئيس الجمهورية ميشال عون، في حين ان عمق الخلاف ابعد من ذلك بكثير، وهو عدم وجود رغبة لحزب الله في تشكيل حكومة اصلاحات دون ضمانات دولية واعتراف اميركي بدوره الممتاز في لبنان، وكذلك عدم رغبة الحريري بتشكيل حكومة معزولة عربيا ودوليا.

هذا وكشف مصدر لـ”عربي بوست” أمس أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حول الأوضاع السياسية المتوقفة في لبنان طالبا دعم الحكومة القادمة، بالإضافة إلى ضرورة مساعدة لبنان وعدم تركه عرضة للانهيار الشامل والذي قد يهدد أمن المنطقة”.

لا مساعدات خليجية للبنان

وحسب المصدر ذاته، فجواب بن سلمان كان أن “موقف بلاده لن يتغير، كما أن السعودية انسحبت من شأن لبنان، هذا الأخير الذي عليه المفاضلة بين الخيار العربي والدولي المناهض للتدخل في شؤون دول الخليج وتهديد أمنها، كما يفعل حزب الله، وبالتالي فإن المملكة لا تريد دعم من يختار مشاركة الحكم مع حزب الله وإيران”.

وأضاف المتحدث أن “بن سلمان أخبر ماكرون خلال الاتصال الهاتفي كون السعودية لن تقوم بمساعدة من يتحالف مع أعدائها، كما أنها مُصممة على وقف أي شكل من أشكال الدعم تُجاه أي حكومة يشارك بها حزب الله أو حلفاؤه، وأن المجريات المتصلة بعملية تشكيل الحكومة تدل بكثير من الوضوح على أن وضع لبنان لم ولن يتغير”.

اذن، لا مساعدات اقتصادية ولا استثمارات خليجية في لبنان على الطريقة العراقية في ظلّ هيمنة حزب الله على قراره السياسي، وبالتالي لا يتوقع المراقبون في لبنان قيام حكومة جديدة قريبا، فيما يتسارع الانهيار الاقتصادي بشكل مخيف مهددا اللبنانيين جميعا بالفقر والمجاعة.

السابق
هكذا علقت السعودية على مطلب الإمارات برفع العقوبات عن نظام الأسد!
التالي
نصرالله «يَتكارم» على الشيعة من «جيوب»..المقاومين!