نداء من «الشيوعي» للبنانيين: وطنكم وكيانكم ولقمة عيشكم في خطر فدافعوا عنها

إن ما شهده القصر الجمهوري وما سبقه وتلاه من مؤشرات ومواقف، في سياق أداء أطراف السلطة غير المسؤول وطنياً وإنسانياً، يؤكد سقوط البلاد في جحيم الانهيار والفوضى السياسية والأمنية الأهلية مع كل المخاطر المخيفة الزاحفة، معطوفة على التخلي الدولي والعربي بعد أن سدّت الطبقة الحاكمة أذانها أمام كل المبادرات والمحاولات والنداءات للقيام بواجباتها البديهية والعمل على إنقاذ البلاد ووقف الانهيار الاقتصادي العام والمالي والنقدي والمعيشي لدى غالبية اللبنانيين والمقيمين على الاراضي اللبنانية… إن جملة هذه الوقائع التي تلاحقت في غضون الأشهر والأسابيع والأيام المنصرمة تؤكد أن لبنان قد دخل فعلاً في صميم امتحان لم يعرف قسوته سابقاً طوال تاريخه، رغم دورية المحن والاضطرابات التي مرَّ بها.

اقرا ايضا: عدم اتزان في المواقف.. لقاء جنوبيون للحرية يدعو للتأكد من أهلية عون الجسدية والعقلية

وعليه، فقد رأى المكتب التنفيذي لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان ما يلي:

أولاً: تسجيل إصرار رئيس الجمهورية على استثمار موقعه الرئاسي للإنقلاب على دستور الطائف والعمل على تكريس نظام رئاسي وصيغة للحكم تضمن حصر التمثيل السياسي للطوائف المسيحية في السلطة راهناً ومستقبلاً، بالتيار الوطني الحر ورئيسه. ولذلك وعبر محاولاته فرض شروطه  جرى تعطيل كل المحاولات المبذولة لتشكيل حكومة تحظى بتأييد عربي ـ دولي وفق المبادرة الفرنسية، تتولى القيام بخطوات اصلاحية مدخلاً لإنقاذ البلاد مما تتخبط فيه.

ثانياً: إن السياسات التي دأب العهد وتياره على اعتمادها ورفض اي تسوية انقاذية، استند في تصلبه إلى حليفه الذي فرضه رئيساً، مما وضع لبنان في دائرة حصار خانق على الصعيدين العربي والدولي، وافقد البلد والحكم فيه  ثقة المؤسسات والمنظمات الدولية، ودفعها للتخلي عنه والتمنع عن تقديم المساندة اللازمة لإنقاذ مئات ألوف العائلات من حالة الجوع والفاقة التي تعانيها، والمرشحة لمزيد من الاحتدام بفعل الاصرار على البقاء في دائرة مواقفه القاتلة في ربط لبنان بأزمات المنطقة.

 ثالثاً: وفي امتداد مشاريع الهيمنة على البلد، والحكم فيه وإبقائه ساحة مرتهنة لمصالح وصراعات المحاور الاقليمية والدولية على المنطقة العربية، ما ادى الى عزل لبنان عن محيطة العربي وشبكة علاقاته الدولية الصديقة الواسعة، فإن تعطيل تشكيل حكومة للإنقاذ بذرائع واهية من اجل العودة الى صيغ الحكومات التي كرست سياسات المحاصصة وتقاسم المغانم والنهب بذرائع الميثاقية، ما فاقم اختلال توازن السلطة وقاد البلاد إلى الهاوية. وقد نجم عن ذلك وضع ما تبقى من السلم الاهلي في موقع الامتحان العسير، وعمق تحكم المنظومة الطائفية ـ المذهبية برقاب اللبنانيين، وأدام عدم استقرار صيغة الحكم وشكل مصدر قلق دائم على مصير الكيان.

رابعاً: ورغم إصرار كل من العهد وتياره وسائر اطراف السلطة على تقاذف تهم التعطيل ومعهم الطرف المهيمن والمتحكم بالبلد ومؤسساته، عبر حماية منظومة الفساد السياسي، وكل ما يتفرع عنها من منوعات الهدر والنهب والتهريب، فإن ذلك يقود الى بقاء البلاد في دائرة الحصار والتفكك، وإلحاقها بجملة الدول المنكوبة التي تعاني شعوبها الجوع والفاقة كما يحدث في كل من اليمن وسوريا والعراق.

خامساً: إن ذلك كله لا يلغي ابداً مسؤولية منظومة القوى والكتل السياسية والطائفية المليشياوية التي تتشكل منها المنظومة الحاكمة والتي ارتضت المحاصصة نظاماً لتقاسم المواقع والمغانم، واعتمدتها نهجاً مدمراً لوحدة المؤسسات وانتظام دورها ومرجعياتها القانونية. علماً ان تلك الاطراف تتشارك الرهان على الخارج والاستقواء بدعمها على بعضها البعض، بدءاً من الايراني والتركي الى الفرنسي والاميركي بعيداً عن المصلحة الوطنية، وفي ظل زحف التطبيع مع العدو الاسرائيلي وتفكك وتآكل الدور والأمن العربي، وهو ما من شأنه أن يدفع البلد الى درك اسوأ مما تعانيه وسط كوارث الانهيار والفوضى الشاملة على مختلف الاصعدة والمجالات.

وعليه فإن منظمة العمل الشيوعي تؤكد ما يلي:

1- إن مواجهة المشاريع الطائفية الانتحارية التي تضع البلد أمام المجهول، لا يمكن أن تتم من خلال قوى طوائفية مضادة، إذ إن حصار هذه المشاريع مهما بلغ عتوّها، لا يتحقق إلا من خلال مشروع وطني ديموقراطي سلمي يعيد تنسيب اللبنانيين إلى وطنهم ومواطنيتهم.

2- إن اللبنانيين، كل اللبنانيين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم مدعوون إلى إدراك منسوب الخطر الذي تتعرض له بلادهم وممارسة أقصى أشكال حرية التعبير والضغط السلمي الديموقراطي من أجل  فرض تشكيل حكومة إنقاذ من المستقلين عن أحزاب السلطة ومرجعياتها الطوائفية.

3- كما وإن اللبنانيين مطالبون بالعمل من أجل صياغة تسوية تصون كيانهم الوطني وتضمن استقلاله وتقيه من خطر التفكك والزوال وتنقذ أهله والمقيمين على ارضه من خطر التشرّد والهجرة والمجاعة الزاحفة، في ظل ظروف اقليمية تضع مصير الكيانات والدول العربية المجاورة أمام مصير مظلم.

4- إن منظمتنا إذ تتوجه إلى ممثلي قوى المجتمع الحي وسائر الفئات المتضررة التي يعنيها بقاء البلد كياناً وطنياً ومجتمعاً واحداً، ومهما اختلفت هوياتهم الفكرية وانتماآتهم السياسية والاجتماعية والمناطقية، والذين يقفون خارج إطار منظومة السلطة وبالاستقلال عنها وبعيداً عن حساباتها الفئوية، تدعوها إلى التلاقي والعمل سوياً في سبيل وضع وإقرار خطة  واقعية لإنقاذ الوطن من الجحيم الذي تقود السلطة البلاد إليه. 

أيها اللبنانيون، إن كياننا ووطننا وبلدنا وسلمنا الأهلي ولقمة عيشنا في خطر حقيقي، فلنبادر إلى القيام بدورنا في عملية الإنقاذ قبل فوات الأوان.

السابق
عاصفة اوكرانية تجتاح لبنان.. استعدوا لأمطار غزيرة وثلوج ورياح شديدة
التالي
هيفاء وهبي تتصدر التريند أربع مرات في شهر واحد