ثوار «الليرات» لا السفارات!

الثورة اللبنانية

شاركت في مسيرات صيدا ،صور، حاصبيا، واخيرا مسيرة النبطية. مسيرات سلمية راقية تجمع الغضب والفقر والامل والعزيمة. ناشطات وناشطين من مختلف الاعمار والطوائف . المسنون منهم بقسم مهم منهم لهم تاريخهم النضالي على مختلف الصعد. والذين في مقتبل العمر يجمعون الغضب من الواقع والامل في تغييره. لم أجد بين الحضور اتباع سفارات، بل شاهدتهم وهم يجمعون من بعضهم بعض الليرات لتغطية أجور الانتقال من أماكن سكنهم إلى أمكنة التجمع. بعضهم لا يملك ثمن قنينة ماء فيتبرع زميله بشرائها له. لم اجد بينهم من يقول أن آكله وشربه وماله وسلاحة ومرجعيته، لهذه الدولة أو تلك.بل كانوا يهتفون ضد اتباع السفارات والعملاء. لم يكن بينهم من وقع على مرسوم التجديد إلى حاكم مصرف لبنان، او اي أحد هرب أمواله خارج البلد، وإنما سمعتهم يهتفون ، (كلهم يعني كلهم وسلامي واحد منهم).

إقرأ أيضاً: الفاو تدق ناقوس الخطر: لبنان أمام مجاعة؟!


لم يكن بينهم من يحرم شعبه من الطحين أو المحروقات أو الدواء، أو المواد الغذائية المدعومة ويهربها إلى الخارج.
لم يكن بينهم أي وزير أو نائب اغتنى على حساب شعبه. لم أجد بينهم أي سارق لمشاعات قريته، أو متعهد جمع ثروته بقلة الأخلاق.
جميع هؤلاء الغائبين تجدهم في المجلس النيابي والوزارات ومكاتب أحزاب السلطة. جميع هؤلاء اللصوص هم حلفاء ويتهمونا ويهددونا بالويل والثبور وعظائم الامور.
ليس من انتقض هو من كشف البلد على الخارج ويستدعي هذا الخارج إلى التدخل. إنما من سرق مال الناس وخيرات الدولة حتى باتت عاجزة عن المقاومة وبحاجة إلى تدخل هذا الخارج. هذا ما حذرنا طويلا منه وقلنا أن للفساد نتائج خطيرة على مستقبل البلد وكيانه، إلا أن البعض اصر على التحالف مع الفاسدين واستعداء الشرفاء. لقد نفع شراء الوقت عبر توزيع الحصص لسنوات، إلا أن هذا لم يعد يجدي نفعا. بات على الممسك بقرار البلد الاختيار بين تقديم التنازل للخارج والخضوع لبعض شروطه القاسية، أو الدخول في مواجهات ليس اخطرها الجانب الأمني. ربما لم يعد ممكنا تمويه الواقع والحكم بالواسطة، ولم يعد بمقدور الاخرين تأمين الغطاء اللازم . بات مفروضا اللعب على المكشوف. انها أثقال قد لا يتحملها بنيان البلد فيتهدد الكيان.اختصار كارثة البلد بطرف غير صحيح، ولكن ادعاء البراءة من التهم هو نكران غير مبرر. معادلة شعب وجيش ومقاومة تهتز بعنف. الشعب يجوع،والجيش اضافة الى جوعه تنهال عليه المهام والاتهامات والتصنيفات، والمقاومة متوترة ولم تعد تثق بأحد وغير مرتاحة (لاستقلالية)الجيش.

نحن أمام مرحلة حرجة، ومصير البلد على المحك ، ولا رجال دولة يوحون بالثقة.

السابق
الفاو تدق ناقوس الخطر: لبنان أمام مجاعة؟!
التالي
بعد صفعة الحريري.. رسالة من عون الى مجلس النواب وهذا ما تعدّه دوائر القصر الجمهوري!