طروحات لإعادة إنتاج صيغة جديدة (6).. حداد لـ«جنوبية»: دعاة التغيير الأكثر إستعداداً لإستخدام القوة

انطوان حداد

لبنان ليس بخير، هذا ما تدل عليه التحركات الشعبية المعترضة على الوضع الإقتصادي والمالي السيء، وعلى أداء السياسيين في السلطة التنفيذية والتشريعية الذين يتصرفون وكأنهم في كوكب آخر، ليكون المشهد على الشكل التالي: غليان شعبي يتصاعد يوما بعد يوم وأفق سياسي مسدود، وتناحر بين مكونات السلطة على مقعد وزاري أو ثلث معطل للسلطة يمنع السير بإتجاه حكومة تنفذ إصلاحات مطلوبة لإنقاذ لبنان، فهل يمكن أن يؤدي هذا المشهد إلى الانتقال نحو مشهد ثان يكون فيه البحث عن صيغة جديدة للحكم تكون بديلا عن الصيغة الحالية التي أثبتت عقمها لإنجاب لبنان مستقل؟.

إقرأ أيضاً: طروحات لإعادة إنتاج صيغة جديدة.. حرب لـ«جنوبية»: أي بديل عن الطائف يقضي على وجود لبنان

ما يجعل هذا السؤال مشروعا هو أن البحث عن صيغة جديدة بديلة ليست سرا، او عنوانا لنقاشات في الصالونات السياسية، بل طرح أطلقه العديد من السياسيين اللبنانيين من على المنابر وفي لقاءاتهم مع جمهورهم.

مشكلة خروج عن النظام

يعتبر الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور انطوان حداد (نائب رئيس حركة التجدد سابقا) ل”جنوبية”أن “المشكلة في لبنان في المرحلة الحالية ليست مشكلة صيغة ولا نظام بل هي مشكلة خروج عن النظام، لأن العناصر المكونة له هي الدستور والنصوص المؤسسة مثل الميثاق الوطني ولاحقا إتفاق الطائف”، لافتا إلى أن “الدستور اللبناني هو من أقدم الدساتير في المنطقة، بالرغم من تعديله مرات عدة، إلا أنه لا يزال يحافظ على الجوهر نفسه من حيث الحداثة والمواطنة، وأن لبنان دولة مدنية غير دينية كما أنه يشير إشارة واضحة إلى حقوق الانسان وأعتقد أن هذه نقطة قوة في الدستور”.

الدستور يحافظ على جوهر الحداثة والمواطنة و الدولة مدنية

يوافق حداد على أن هناك شوائب في الدستور والصيغة اللبنانية شارحا أن “معظمها يتأتى من أمرين، الاول هو ممارسة الحكم والثاني هو الموروث الخاص بالإجتماع السياسي اللبناني، بمعنى أن هناك إرث ثقيل في الاجتماع السياسي، ويتضمن الكثير من العنف ومن التقلبات الجيوسياسية في المحيط وهذا هو التحدي الدائم الذي كان يواجه النظام اللبناني”.

يضيف :”التحدي الاخر هو داخلي ويعود إلى الخروج عن الدستور وسوء التطبيق، ففي مراحل عدة من تاريخ لبنان الحديث، ولاسيما في السنوات العشر الاخيرة، تم الإحتكام إلى ميزان القوى ومنطق القوة، وليس إلى نص الدستور بذاته وهذا أمر تُقر به الأطراف السياسية التي تشارك في الحكم”، مشددا على أنه “مهما كان النظام أو الصيغة سنكون في أزمة إذا تم الاحتكام إلى ميزان القوة والاعتباطية المتصلة فقط بمنطق القوة “.

الطائف لم يُطبق

يوضح حداد أن “إتفاق الطائف تضمن تعديلات دستورية منها أبصر النور، والجزء الآخر لم يطبق خصوصا التحضير للإنتقال الى الدولة المدنية أو دولة المواطنة، عبر إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ بالتوازي مع إجراء الانتخابات في مجلس النواب وفقا لأسس غير طائفية”، معتبرا أن “هاتين الخطوتين شكلتا الإنتقال الحقيقي للدولة المدنية والتطوير الاساسي للنظام، لكن ما حصل إلى الآن هو تطبيق إنتقائي لإتفاق الطائف، فحتى أبسط الامور المتعلقة بقانون الإنتخاب تم تشويهها وكل إنتخابات تجري وفقا لقانون جديد وفقا لميزان القوة بعيدا عن أي إنتظام او يتم إلى روحية إتفاق الطائف بصلة”.

مهما كان النظام سنكون في أزمة إذا تم الاحتكام إلى ميزان القوة

يضيف:”من يشكو من النظام الحالي على إعتباره أنه صيغة لا تلبي إحتياجات الإستقرار في لبنان، هم إنفسهم يقرون بأن إتفاق الطائف لم يطبق ونحن نعيش حالة خروج عن النظام وليس تطبيقه”.

من يشكون من النظام الحالي هم إنفسهم يقرون بعدم تطبيق الطائف

في المقابل يشدد حداد على أنه “نظريا يحق لأي فئة أو طرف طرح تعديل الصيغة أو النظام شرط أن يتم هذا الامر وفق آليات ديمقراطية وعبر إقرار شعبي أو إنتخابات ديمقراطية أو آليات سلمية”، لافتا إلى أن “هذا ما لا نراه حتى اليوم وأكثر الاصوات إرتفاعا لتعديل الصيغة أو النظام هم الأكثر الاطراف إستعدادا لإستخدام القوة لفرض رأيهم”.

ويختم:”هذا أمر مؤسف وغير ديمقراطي ولا يؤدي إلى إستقرار لأنه يتم وفقا لمنطق القوة وليس لمنطق التوافق”.

السابق
وهّاب يردّ على تسريب جنبلاط: المال السياسي لم يعد يأتي لا الى 8 ولا 14 آذار!
التالي
نهاية مأساوية لمواطن في صور.. سقط من منحدر عالٍ على خلفية خلاف عقاري!