بين «التدويل والتهويل».. بكركي لا تضيع البوصلة!

حشد بشري كبير في بكركي
ما زالت ردود الأفعال تتوالى للرد على دعوة فريق من اللبنانيين إلى تدويل الحلول للأزمة الحكومية اللبنانية، بعدما عجز السياسيون المحليون عن حل أزمة الحكم في هذا الظرف الحالك الذي تعيشه البلاد اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وعلى كل صعيد، فالبلد بالفعل يسير بخطى ثابته وراسخة نحو جهنم الموعودة التي بشر بها فخامة رئيس الجمهورية قبل أشهر.

وأمام محاولات الخرق ، وضعت كل اللائمة على البطريرك الماروني مار بشارة الراعي لدعوته للتدخل الدولي لحل أزمة الحكم الراهنة، فهو يُقدِّر عدم معقولية بقاء البلد بلا حكومة لتوقف الانهيار، وأنه لا يمكن انتظار اللبنانيين أن يأكل بعضهم بعضاً، وينهب بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً، حتى إيجاد الحلول السياسية التي تحتاج إلى قليل من التنازلات من كل الأطراف، لتنطلق عجلة المعالجة لتدارك الوضع قبل الانهيار التام المطلق، الذي لا يمكن الرجوع عنه لو بقيت الأزمة تراوح مكانها ..

وانطلقت موجة من التخوين والتهويل والتخويف بحرب قادمة من الداخل، لو استمرت الدعوة للتدويل لم يخفِ فيها سراً أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، وذلك في محاولة للتعمية عن استعدادات فريق المقاومة للحرب الخارجية المقبلة، التي يُراد لها أن تحسم وضعية الضغوطات المرتبطة بالملف النووي الإيراني مرة أخرى كما حصل في حرب تموز 2006 ..

خطاب البطريرك ليس ضد الشيعة

وكأنما التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى كما حصل في مفاوضات 5 + 1 قبل إبرام الاتفاق فيما بينها بعد حرب تموز 2006 .

فورقة الضغط الأقوى على الأمريكي وحلفائه هي حرب جديدة تنطلق من لبنان ضد كيان العدو، تسقط جميع حسابات الفرقاء الداخليين، وقد أتم حزب الله جميع استعداداته العسكرية والأمنية والمعلوماتية واللوجستية لخوض هذه الحرب، التي تنتظر ساعة الصفر من المُشغِّل الإيراني تماماً كما حصل عند اختطاف الجنديين الصهيونيين قبل حرب تموز 2006.

إقرأ أيضاً: عاصفة بكركي «تلفح» حارة حريك..و«فشة الخلق» بمعراب!

وهذا هو محور مخاوف البطريرك الماروني على لبنان واللبنانيين، وإن حاول البعض توجيه خطابه وتجييره وحرفه عن موضعه بإغراق خطابه في البطركية بالأمس بأحقاد ضد فريق أو طائفة أو حزب لتصفية حسابات قديمة، فهو لا يقصد استهداف مشروع أحد، بقدر ما يريد أن يسلم الجميع من مخاطر حرب مدمرة قادمة قد تحرق الأخضر واليابس، في وقت يحتاج اللبنانيون لأبسط مقومات الحياة والبقاء والصمود والاستمرار، في ظل الأزمات التي تحاصرهم من كل مكان في هذا الظرف الحساس ..

وقد أتت ردود فريق 8 آذار التي وصفت خطاب البطريرك بأنه يحمل روح 14 آذار ، أتت الردود والردود المضادة مذكرة بأجواء الحرب الأهلية اللبنانية، ففريق من مؤيدي خطاب البطرك وجهوا سهامهم ضد حزب الله بمنطق يوحي بمهاجمة كل الطائفة الشيعية، وفريق حزب الله رد بكلمات توحي باستهداف الطائفة المارونية، وانقسم بعض أبناء الطوائف الأخرى بين مؤيد ومعارض لهذا الفريق وذاك الفريق.

وتفاعلت مواقع التواصل والإعلام مع خطاب كل فريق سلباً وإيجاباً ، بحيث غدا البلد كله يغلي على موجات الردود والردود المتبادلة، وغاب العقلاء والحكماء الدعاة للتهدئة بالسكوت عن تقييم الكلمات والمواقف، بل زاد المتكلمون من صب الزيت على النار، حتى ظهر الجو محموماً يذكر بخطاب الحرب الأهلية، ولم يعد ينقص المتراشقين بالكلمات والاتهامات سوى التقاذف بالقنابل والصواريخ والطلقات الحية !

فهل سيتدارك العقلاء والحكماء في هذا البلد الموقف، قبل أن يتسع الفتق على الراقع ويفلت زمام الأمور من أيدي الجميع، خصوصا وان خطاب البطريرك غير موجه ضد الشيعة كما يحاول البعض تسويقه لتشريع الانقسام الطائفي، وهو لم يطرح فكرة المؤتمر الدولي، الا بعد ان يئس من المسؤولين الذين يختلفون على جنس الملائكة ويرفضون تشكيل حكومة انقاذ جديدة.

السابق
المحكمة الدولية تُعيد انتخاب رئيسة المحكمة ونائبها لولاية جديدة
التالي
الراعي ومعركة لبنان