المواد المدعومة «بضاعة صعبة» تحوم فوق رفوف السوبرماركت!

مواد غذائية
تسأل نوال قاسم (ربة منزل تسكن في منطقة الحدث) زوجها نادر بعد عودتها من التسوق "هل صحيح أن الدولة تحبس الابقار؟" فيقهقه ضاحكا من غرابة السؤال، فتفسر له أن جارهم القصاب قال لها أن سعر كيلو اللحمة إرتفع إلى 55 ألفا ( إشترته قبل يوم واحد ب 43 ألف ليرة) لأن الدولة تحبس الابقار المدعومة وكل القصابين يضربون عن شراء البقر غير المدعوم إلا القليل منهم، فيجيبها زوجها أنه سمع في نشرة الاخبار ان مصرف لبنان لم يدفع للتجار إلى الان ثمن الابقار المدعومة ولذلك فهم توقفوا عن بيع أبقارهم إلى أن يتأكدوا أن المركزي سيرد لهم أموالهم.

في أحدى السوبرماركت الكبرى في بيروت، تفتش مايا بو ضرغم بين الرفوف عن المواد المدعومة، فهي تحتاج إلى أرز وسكر وحليب وزيت نباتي لكنها لا تجد ضالتها من المواد المدعومة سوى مسحوق للغسيل وآخر للجلي، وحين تسأل عامل السوبرماركت عن المواد المدعومة يجيبها، أنهم أنزلوا كمية قليلة من هذه الاصناف قبل يومين، لكن سرعان ما تبخرت عن الرفوف خلال ساعات قليلة ولا يعرف متى ستصلهم بضائع مدعومة مرة جديدة.

معاناة وثغرات

حكاية كل من نوال ومايا تختصر معاناة اللبنانيين المحدودي الدخل مع المواد الغذائية المدعومة، والتي تزداد ندرة يوما بعد يوم حتى تكاد تختفي لأسباب متعددة أولها الثغرات الكبيرة التي تعتري خطة الدعم والتي تُفيد التجار أكثر مما تفيد المواطنين، والغياب الرسمي عن إيجاد حلول بديلة وسريعة أو حتى تفعيل أجهزة المراقبة، وطمع العديد من التجار الذين يتحايلون على القانون، إما بتخزين المواد المدعومة لبيعها لاحقا بأسعار غير مدعومة حين تتوقف خطة الدعم، أو بإعادة تغليفها حاليا بأغلفة مختلفة لكي يتم بيعها للمواطن بسعر غير مدعوم وتحقيق الارباح الخيالية.

خلل وتجاوزات 

يوافق نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي على أن هناك خللا في سوق المواد الغذائية المدعومة، ويفسر ل”جنوبية” هذا الخلل بالقول:”منذ 4 أشهر إلى الان يحصل تأخير كبير من قبل مصرف لبنان لتأكيد قبوله ملفات الدعم التي يتقدم بها التجار لشراء مواد غذائية، إذ يستغرق كل ملف نحو 3 أشهر وهذا الامر يقف عائقا أمام استيراد التجار لكميات البضائع التي يطلبها السوق”.

إقرأ أيضاً: «سباق» التدويل من بكركي الى حارة حريك!

وشدد على أن “الاساس الذي يجب الاتفاق عليه أن سوق المواد المدعومة مطلوبة جدا من المواطنين، ولو أن التجار يستوردون بضائع مدعومة على قدر ما تطلب الناس لكان كلفة دعم هذه البضائع اكثر من المحروقات، ولكن مصرف لبنان لا يسهل الدفع بسرعة مما ينعكس على كمية المواد المدعومة،  والتي هي أقل من المطلوب وهذا يفسر نفاذ هذه المواد بسرعة حين يتم إنزالها إلى رفوف السوبر ماركت”.

بحصلي ل”جنوبية”: مصرف لبنان لا يسهل الدفع ما ينعكس على كمية المواد المدعومة

في المقابل لا ينكر بحصلي أن “تخزين المواد المدعومة يحصل من بعض التجار، لكن ليس من المستوردين الاساسيين لهذه المواد، لسبب منطقي أنهم يستوردون البضائع بطريقة غير معلبة (سكر /أرز/ زيت) ليتم تعليبها بأغلفة تدل على انها مدعومة لبيعها، فلو كانوا يريدون بيعها بأسعار غير مدعومة لماذا عليهم تغليفها مرتين؟

يوافق بحصلي على أن “هناك تجار من غير المستوردين يشترون البضائع مدعومة  ويقومون بتغيير اكياس التغليف لكي يبيعها بأسعار غير مدعومة، ولكن الجميع يعرف أن التاجر حين يبيع بضاعته عليه تقديم المستندات لوزارة  التي تدل على انه باعها بالاحجام والاسعار المطلوبة كي يحصل على غيرها”.

وزارة الاقتصاد شريكة التجار!!

على ضفة جمعية حماية المستهلك، يرى رئيس الجمعية الدكتور زهير برو أن “المواطن يحصد ما جنته أيادي المسؤولين السياسيين”، إذ يقول ل”جنوبية”: “وزارة الاقتصاد تدعم التجار وليس المواطن على أمل أن يشفق هؤلاء عليه عبر إجراء خصومات على بعض الاسعار”، مشددا على أن “هذا هو برنامجهم  و قد إعترف وزير الاقتصاد راوول نعمة أكثر من مرة أن برنامج الدعم يفيد التجار والمصارف لا أكثر وما يحصل واضح للجميع لكنهم مصرين على الاكمال على نفس النهج”.

يشرح برو أن “جمعية المستهلك تتابع مع وزارة الاقتصاد موضوع الدعم لجهة ضرورة تغيير هذه السياسات، وهذه النية غير موجودة لدى الوزارة لأنهم يعملون لدى التجار والمصارف والطبقة السياسية”.

برو ل”جنوبية”: برنامج الدعم يفيد التجار وما يحصل واضح للجميع لكنه يصرون على هذا النهج

ولفت إلى أنه “منذ بداية الدعم يعمد التجار إلى تخزين البضاعة المدعومة ولم يكن يصل منها إلى المواطن إلا ربع الكمية، وهذا الامر ليس جديدا ولكن ما يحصل الان أن التجار يشعرون أن وقف الدعم للمواد الغذائية قد إقترب، وبالتالي هم يعمدون إلى إخفاء كل المواد المدعومة التي يحصلون عليها تمهيدا لبيعها بأسعار مرتفعة”.

ويختم:” هذا ينطبق على اللحوم والادوية أيضا وهذه المواد المدعومة إما تُهرب أو يتم تخزينها”.

السابق
قصة عودة روبي إلى الغناء بعد 14 عام من التوقف
التالي
ليس من ضمنها حماية الأسد.. إسرائيل تكشف عن أربعة أهداف لتواجد إيران في سوريا!