مبادرة البطريرك الراعي.. إلى أين؟

البطريرك الراعي

طرح غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مبادرة بعنوانين: الحياد الإيجابي والمؤتمر الدولي. ثمة حاجة لتوضيح ماهية شقي هذه المبادرة لكي لا يتم إستغلالها من بعض المغرضين  بهدف حرفها عن مسارها الأصلي. لذا، أورد على متن هذا المقال عدد من الملاحظات التي توضح أسبابها الموجبة وأهدافها وإمكانية نجاحها.

اقرا ايضاً: من المرفأ إلى لقمان… «تصبحون على وطن»!

  1. أوضح غبطته في عظاتها إرتباط الحياد الإيجابي والمؤتمر الدولي وتكاملهما وهما في واقع الأمر يشكلان مبادرته.
  2. المؤتمر الدولي هو برعاية الأمم المتحدة وليس برعاية أي دولة بعينها، وهو بالتالي ليس كما يريد أن يعتقد البعض طلبا” لحماية لبنان أو المسيحيين فيه وهو لا يتناقض مع السيادة اللبنانية المنتهكة، بل العكس هو الصحيح.
  3. ينطلق غبطته من خلفية واضحة، ألا وهي دور بكركي التاريخي في ولادة لبنان بحدوده المعترف بها دوليا” (لبنان الكبير) وصيانة كيانه المميز في محيطه العربي (وليس عنه) وحراسته وحمايته عندما يصبح وجوده مهددا” بالزوال.
  4. وصل غبطته إلى قناعة أن لبنان فقد سيادته وهو عمليا” تحت الإحتلال الإيراني، حتى لو لم يفصح عن هذه الحقيقة بالفم الملآن. فمن الواضح أن طرح الحياد الإيجابي يناقض وجود حزب الله كتنظيم مسلح يحمل أيديولوجيا تتناقض مع ماهية لبنان الكيان،  والآخذ لبنان على طريق المغامرات العسكرية المدمرة، في مواجهة عبثية مع إسرائيل والتدخل في ألإقليم ضد البلدان العربية وضرب علاقاته العربية والتي لا غنى له عنها في المجالات كافة (إستراتيجية، سياسية، إقتصادية، إنتمائية،…). وقد أوضح غبطته أن هذا الحياد لا يشمل إسرائيل وبشكل أوضح لا يغني عن المطالبة السياسية بحقوق الفلسطسنيين المشروعة.
  5. إن تمسك غبطته بإتفاق الطائف لا يتعلق فقط بالتمسك بالدستور وبالشق الميثاقي منه، إنما أيضا” بكيفية تعاطي لبنان مع إسرائيل من حيث أن هذا الإتفاق يشير بوضوح إلى ضرورة العودة إلى تنفيذ إتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام 1949.
  6. كما أوضح غبطته أن هذا الحياد يرتبط عضويا” بتركيبة لبنان المتعددة الطوائف والثقافات التي تعيش في إطار عيش مشترك نص عليه الميثاق الوطني والدستور وإتفاق الطائف.
  7. أما المؤتمر الدولي، فليس المطروح من غبطته أن يكون على شاكلة المؤتمر الدولي بشأن الوضع السوري الذي يجمع النظام ومعارضيه والدول المتدخلة في سوريا: إيران، تركيا، روسيا، أميركا،… وليس هو كما يريده البعض غطاءا” لمؤتمر تأسيسي بإشتراك حزب الله ومكونات الطبقة السياسية المارقة والفاسدة (لكي تجدد شبابها) وربما بمشاركة هامشية لبعض الطامحين في صفوف ثورة 17 تشرين. وقد أدرك غبطته تماما” رعونة وفساد وعدم كفاءة هذه الطبقة السياسية الخاضعة لمشيئة حزب الله غير القادرة وغير راغبة على مواجهة المشاكل الاقتصادية والمالية والبيئية والاجتماعية والإنسانية …
  8. أمام عدم قدرة قوى الثورة على حسم مواجهة الإحتلالين معا”: إحتلال إيران عبر حزب الله وإحتلال الطبقة السياسية المارقة. والسبب هو  أنها قد تواجه بالبطش إذا تعدت فعاليتها حد معين. فكان لا بد للبطريرك الراعي أن يتسلم المشعل ويهب لدرء الأخطار الوجودية عن لبنان الشعب والكيان والدولة.
  9. اليوم أضحت بكركي القاطرة للحركة السيادية والثورية (وهي تتماهى مع حركة الثورة على الطبقة السياسية المارقة).
  10. إن تقاطر مجموعات الثورة وجماهيرها وبعض الأحزاب إلى بكركي لدعم مواقف سيدها، على تنوع أشكال هذا الدعم وتباين نيات الداعمين، يجعلها محل إستقطاب وطني ويوفر لها الدعم السياسي والجماهيري للسير قدما” إلى الأمام، في مسيرة إقناع المجتمع الدولي بضرورة دعم وجود لبنان، لما يمثل كقيمة حضارية ورسالة إلى العالم. كما للفاتيكان المهتم في وضع لبنان قدرة على التأثير على المجتمع الدولي من خلال ديبلوماسيته الناعمة والمقتدرة لدفعه على المساهمة في خلاص لبنان.
  11. غير أن الدول لا تتحرك إلا وفقا” لمصالحها. ولأن لبنان بات يعيش في وضع اللادولة واللبنانيون باتوا عاجزين عن حكم أنفسه بأنفسه.، فإن التقدم بعملية “صوملة” لبنان ، سيؤدي حتماً إلى تقوية حزب الله وبالتالي زيادة فعاليته في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وبالتالي تهديد مصالح الدول في الإقليم والعالم. كما يمكن لهذه “الصوملة” نفسها أن توقظ الخلايا النائمة الجهادية في المخيمات السورية والفلسطينية وتعزز الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا على وجه الخصوص.

وبالتالي، بات واضحا” أن المشكلة اللبنانية لم تعد حصرا” لبنانية. وقد أصبح لبنان قنبلة موقوتة للأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.

لذا، يمكن أن تلقى مبادرة غبطته آذانا” صاغية في المجتمع الدولي، الذي قد يكون له مصلحة في مرحلة ليست ببعيدة، إن لم يكن اليوم، في إطفاء النار الملتهبة في لبنان ووضع وطننا على طريق الخلاص.

أملنا في مبادرة البطريرك الراعي فلنهّم جميعا” إلى دعمها. 

السابق
عدّاد «كورونا» يرتفع مجددا: كم بلغ عدد الاصابات والوفيات اليوم؟
التالي
حمزة نمرة يختتم ألبومه.. رسائل إنسانية في زمن الفراغ