هلا أمّون: ما الذي فعله الكاتب لقمان سليم ليستحق القتل؟!

لقمان سليم

بعد اغتيال الناشط والمعارض السياسي الشرس لقمان سليم، اليوم الخميس في الجنوب اللبناني، قالت الدكتورة هلا أمّون ان “لقمان سليم لم يكن يمتلك صواريخ دقيقة. لم يفاخر بأنه جنديّ صغير في جيش الولي الفقيه. لم يشارك في قتل وتهجير الشعب السوري وتدمير مدنه وقُراه”، مضيفةً انه “لم يدعم ديكتاتور قتل شعبه الأعزل بالبراميل المتفجرة والكيماوي. لم يحاصر ويجوّع اهل القصير والقلمون ويشمت بجوعهم. لم يتاجر بالقضية الفلسطينية منذ اربعين عاماً. لم يتحالف مع داعش ويضعهم في باصات مكيّفة ويحرص على وصولهم سالمين الى سوريا”.

وتابعت في منشور عبر حسابها على “فايسبوك” اليوم الخميس: “لم يعِد بتحرير فلسطين ويذهب للقتال في العراق وسوريا واليمن وينسى ان يطلق رصاصة واحدة على اسرائيل. لم يرسل أبناء ملّته لتدمير حواضر العالم العربي – السُنّي وليعيدهم الى ذوويهم في نعوش. لم يتاجر بالحسن والحسين وعلي وفاطمة وزينب وكربلاء والشيعة ويشوّه بيئته الحاضنة نفسياً واخلاقياً وعقائدياً وإنسانياً من خلال الضخ العقائدي والايديولوجي واستثارة العصبيات المذهبية وإيقاظ الغرائز الأكثر بدائية لديهم . لم يشتم صحابة الرسول وزوجاته”.

اضافت:”لم ينبش قبور الماضي السحيق بحثاً عن حدَثٍ أو قصةٍ أو معركةٍ أو خصومةٍ أو نزاعٍ أو عبارةٍ تغذي مشاعر الحقد والكراهية والمظلومية المصطنعة لدى اتباعه، وبها يُشعل الرغبة لديهم بالقتل والجنوح لممارسة العنف المادي والرمزي الذي أصبح مشروعاً وضرورياً وواجباً مقدساً. لم يحوّل مناصريه الى “ذبائح بشرية” أو “مسوخ” غرائزية أو “وحوش” همجية لا عقل لها ولا قلب ولا ضمير ولا منطق، وظيفتها أن تخوّن وتحطم وتنكّل وتعتدي وتفترس كل مَن يختلف معه”.

ولفتت أمون الى ان “لقمان سليم لم يفقأ عيون الثوار بالرصاص المطاطي. لم يرسل ” زعرانه” و “حشّاشيه” للاعتداء على الثوار وحرق خيمهم. لم ينفِ قصف اسرائيل لمرفأ بيروت في الرابع من آب، حرصاً منه على عدم توريطها أو إدانتها في إرتكاب جريمة العصر . لم يغضّ النظر عن تبرئة العملاء وتهريبهم بالطائرات المروحية الى خارج لبنان. لم يستبح السيادة اللبنانية ويخطف قرار الدولة بقوة السلاح غير الشرعي الموضوع في خدمة عمائم الظلم والظلام في إيران. لم ينصب تمثالاً في الغبيري لرمز فاقعٍ من رموز القتل والتدمير والإجرام في عصرنا. لم يتستر على السياسيين الفاسدين الذين نهبوا لبنان في مقابل السكوت عن سلاحه الميليشياوي. لم يجعل لبنان مجرد ورقة تفاوض بيد ملالي طهران الطغاة الذين قتلوا شعبهم وأفقروه واعتقلوا الاحرار وأعدموهم. لم يغزُ بيروت. لم يغتل رفيق الحريري. لم يعطل البلد شهوراً وسنين ليفرض خياراته السياسية التي تخدم المشروع الفارسي الذي فاخر اصحابه بأنهم يحتلون اربع عواصم عربية. لم يرفع إصبعه بوجه اللبنانيين ويطأطئ رأسه امام الصهيوني. لم يتاجر بالمخدرات لتمويل اجندة إيران المجوسية. لم يحمِ مافيات التهريب عبر الحدود السائبة برعايته وحمايته. لم يدمر السياحة والاقتصاد، الحجر والبشر كرمى لعيون الفارسي الفاجر. لم يحوّل لبنان الى رهينة أو جزيرة معزولة عن محيطها العربي الطبيعي. لم يسهّل بغروره وفجوره الطريق لتطبيع العرب مع اسرائيل خوفاً من البعبع الإيراني المدعوم من الادارة الامريكية الحليفة الأولى لإسرائيل”.

وتابعت: “حسناً .. ما الذي فعله لقمان سليم ليستحق التعذيب والقتل عبر إفراغ خمس رصاصات في رأسه؟ لقد عارض خصومه السياسيين بالكلمة الصادقة والرأي الحرّ والفكر المستقل والتحليل السياسي العميق والرغبة بأن يرى لبنان بلداً حراً سيداً مستقلاً عن وحشية إيران وهمجيتها وتغوّلها وخرافاتها واساطيرها الدينية وتخرصاتها الفقهية التي حوّلت عقل الشيعي العربي المؤيد لها الى “مستوعب قُمامة” يعبث بالمقدس ويتلاعب به أبشع تلاعب ويستخف بالحياة والانسان والتاريخ والعقل والمنطق والنقل وبكل ما له قيمة”.

اضافت: “هل ما فعله لقمان سليم جريمة تستحق القتل؟ نعم .. ففي نظر الأنظمة الاستبدادية والجماعات الطائفية المتحمورة حول ذاتها المذعورة من غيرها المغتصبة للسلطة والمالكة لأدوات القتل ولفكرٍ صنميّ يتضمن عناصر عاطفية ولامعقوله واسطورية وفوق تاريخية وفوق زمنية تضفي القداسة على منظومات فكرية منتهية الصلاحية وخارج السيروره الجدلية للتاريخ، فإن الكلمة والموقف والرأي المعارض أخطر من البندقية، لذلك فهي لا تقيم أيّ وزنٍ للحوار وحرية التعبير والمعارضة السلمية، ولا تتردد في إقصاء واعتقال واغتيال اصحاب الرأي المختلف، خشية انتشار الوعي وشيوع فِعل التفكّر والنقد والمراجعة في صفوف المخدّرين والمنوّمَين والمنتشين حتى الغيبوبة، بالبطولات الوهمية والشعارات الجوفاء والوعود الفارغة بالنصر، والمؤهلين للانزلاق والانجرار وراء افعال عنفية وإجرامية وغوغائية منحرفة وقهرية؛ وخشية تعرية خطابها الدونكيشوتي الفارغ وانكشاف حجم أكاذيبها وانفضاح هشاشة شعاراتها، وبالتالي سقوط هيكل اباطيلها واضاليلها وافتراءاتها على رأسها”.

وختمت: “رحل “لقمان سليم” ، ولكن المعركة مع أعداء العقل والوطن وأهل الباطل والتكبر والاستعلاء والحقد والشماتة والاستقواء بفائض القوة لم تنتهِ، وهذه المعركة سوف تسفر في نهايتها عن مقتلهم إما جسدياً او معنوياً، وفي تلك اللحظة سيكتب اصدقاء لقمان سليم على صفحاتهم : #بلا_أسف”.

السابق
«قرار اغتيال سليم أُخذ منذ زمن».. الأمين: اذا لم يكتشف حزب الله القاتل فهو المتهم الأول!
التالي
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم الخميس 04/02/2021