الأحرار لن يصمتوا.. صحافيون ونشطاء: اغتيال لقمان سليم مرحلة جديدة تكشفنا جميعاً

لقمان سليم

خسر لبنان الكاتب والناشط السياسي لقمان سليم، الذي عثر عليه صباح الخميس في النبطية مقتولاً بخمس رصاصات في رأسه بداخل سيارة مستأجرة. ووقعت هذه الجريمة بعد عملية اختطاف مرجحة، حيث فقدت عائلته الاتصال به منذ خروجه مساء أمس من منزل أحد أصدقائه في قرية نيحا.

ردود الفعل الأولية نحت صوب الاتهام السياسي بسبب معارضته الصريحة والشرسة لـ”حزب الله”، وإلصاق شعارات “التخوين والتهديد” على منزله في حارة حريك، الأمر الذي وضعه المغدور بتصرّف “القوى الأمنية والجيش اللبناني” في بيان رفعه بتاريخ كانون الأول 2019، لكن يدّ الغدر كانت أقوى من طلبه الحماية، لينضم إلى قافلة شهداء الرأي والحرية التي يبدو أنها أطلقت عدادا جديدا لها في لبنان.

إقرأ أيضاً: علي الأمين عن اغتيال سليم: لبنان دخل حالة الانهيار الأمني!

باحثون وإعلاميون وأصدقاء للقمان سليم أوردوا لـ”النهار” انطباعاتهم حول اغتياله.

الأمين: انهيار لصالح الدويلة

الصحافي علي الأمين يندّد بما أسماه “جريمة كبرى تعكس دخولنا لمرحلة جديدة من الانهيار الأمني، أفضل تسميته بـ”نفق أمني” دخله لبنان مع غرقه في أزمات سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية.”

ولبنان “دخل بداية مسار أمني حالك يحملنا مجدداً على سؤال الدولة بما تمثله من مسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وجيش، حول وقوع جريمة بهذا الأسلوب العلني والوقّح، الذي أراد بها المرتكب أن يكون معروفا. هذا الأسلوب مؤشر لانطلاق مسار من التردّي الأمني الذي ينذر بمخاطر عديدة وعنوانها الأبرز: مزيد من انهيار الدولة لصالح الدويلة”، مضيفاً “في ظل غياب الإرادة الدولتية والدولية لمواجهة هذا المسار، نتوقع إستمرار الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة.”

ويتوجه لأصدقاء لقمان وللنشطاء بتأكيد أن “معنى وجودهم وبقائهم هو بحدّ ذاته دفاع عن الذات، وهو ضمانة للكرامة التي تمنع تحول الفرد اللبناني الى مجرد كائن يبحث عن لقمة عيشه. نحن ملزمون أقله بالدفاع عن النفس.”

فياض: لبنان بلد محتل

الكاتبة السياسية والأكاديمية منى فياض تقول “لقمان أكثر من صديق عزيز. حزني الآن يطغى على غضبي. هو شهيد السيادة وحرية لبنان واستقلاله، وشهيد كل لبنان الذي ينادي بتطبيق الدستور والطائف والقرارات الشرعية الدولية. مقتله هو رسالة مضادة من الناس الممسكين بزمام البلد. فقتله في الجنوب تحت أعين “حزب الله” والجيش اللبناني واليونيفيل يحمل على القول بأنّ واحدة من هذه الجهات ضلعت في مقتله. وهي رسالة واضحة من “حزب الله” بالذات يطلقها خلال اختناق إيران التي تواصل تصعيدها العسكري من قنوات عدة، سواء من خلال إطلاق الصواريخ على السعودية أو اختطاف السفن الكورية، وعمليات ضد جهات أخرى، باستثناء إسرائيل طبعا”.

وتضيف “في مضمون الرسالة، تقول إيران: أصبح السياديون اللبنانيون مكشوفين بالكامل، وأمامهم خياران: إما الصمت، أو تصيدهم واحداً تلو الآخر على نحو ما وقع في عام 2005 وما بعده. من ناحية ثانية، إنها رسالة للأميركيين، للتفاوض تحت طائلة بدء مسلسل اغتيالاتنا فوق كل اعتبار أو ثمن”.

وتدعو الى “إنطلاق ثورة ثانية على الأرض، بأسلوب أوضح وأقوى، وإعلان لبنان بلد محتل. وكل جهة تزعم بأنها داعمة للثورة، يتعين عليها إثبات ما تقول بالفعل لا القول فقط”.

بركات: اللبنانيون يقاومون

الصحافي والمحلل السياسي محمد بركات طالب بـ”حماية دولية وعربية للبنان لأن ما حدث هو مؤشر بدء سلسلة اغتيالات هذه أولها. نحن ذاهبون الى سيناريو عراقي حافل بجرائم ضد الناشطين، على نسق تهديدات تواصلها الجهة السياسية التي يعارضها لقمان عبر صحافييها وأقلامها، مفادها “سنقتلكم في أسرّتكم…وتحسسوا رقابكم”.”

ومن الجلي أن “الجريمة سياسية والمتهم سياسي بالدرجة الأولى”، وكل معطيات الاغتيال سواء في المكان أو التوقيت أو موقف لقمان “تتهم الجهة السياسية التي يعارضها الى حين إثبات العكس، علما أننا لا نستبعد فرضيات أخرى في التحقيق.”

ويحمّل قوى الأمن والجيش والأجهزة الأمنية مسؤولية “تأمين أكبر حماية لكل المعارضين الشيعة في هذه المرحلة من خلال فرز حراسة دائمة للشخصيات الشيعية المهددة. وأحمل مسؤولية هذه الجريمة للقوى الأمنية والجيش والأجهزة الأمنية”.

ويردّ على اعتقاد بعض العرب بأنّ “اللبنانيين لا يقاومون”، قائلاً: “نحن نقاوم ونحن نقتل في الشوارع برصاصات في الرأس. نحن مكشوفون على الموت بدون أدنى حماية”.

عبد الصمد: الفكر يخيف السلاح

ويرى الناشط المدني زياد عبد الصمد أن “نشاط لقمان سليم السياسي المعارض يرقى الى أكثر من عشر سنوات. بالتالي، توقيت هذه العملية أبعد من مجرد تصفية للقمان سليم. أخشى أن تكون صفارة انطلاق مرحلة جديدة صعبة ومعقدة. المنعطف تجسد في ردة فعل السلطة والأجهزة الأمنية على أحداث طرابلس، وصولا الى #اغتيال لقمان سليم.”

ويشير الى أن “لقمان اختطف من مكان وقتل في مكان. القاتل في لبنان لا يخاف، فجال بكل طمأنينة في المنطقة. وأتصور أن حالة العداء والخصومة مع حزب الله لا علاقة مباشرة لها مع الانتماء العقائدي لحزب الله بقدر ما ترتبط باستباحته الدولة ومؤسساتها، وهذا انتهاك لحقوق كل المواطنين اللبنانيين”.

هؤلاء القتلة “لا يتحملون وجود رأي آخر وخصوصا حين يساجل هذا الرأي بالسياسة والفكر. لم يحمل لهم لقمان الشتيمة بل حمل مضمونا سياسيا يخيف المرتكبين لأن الرأي الآخر والمستند الى حالة فكرية أقوى من أي سلاح، وهو ما ترجم سابقا في عراضة حرق خيمة الملتقى خلال الثورة. كان ذلك مؤشرا حقيقيا لضيق المكان بحرية الرأي والتعبيرـ لكن معركتنا مستمرة في هذا الاتجاه.”

ويختم “صداقتي بلقمان طبعا هي صداقة شخصية لكنها ذات بعد سياسي. كان لقمان يطالب بالدولة اللبنانية التي تحمل هموم المواطنين وهواجسهم، وتحميهم وتصون القرار السيادي المستقل وتحصّن حدود الوطن، لذلك، فان كل من يشاطر التوجه السياسي للقمان، عليهم أن يتهيأوا لمواجهة شرسة وطويلة الأمد وأن يستمروا باعتناق واجبنا في الدفاع عن لبنان”.

قصير: لا للفتنة

من جهته، يعتبر الكاتب والصحافي قاسم قصير أنّه من المبكر إطلاق الاستنتاجات، مؤكدا أنّ “اغتيال الناشط والصحافي لقمان سليم جريمة مدانة مستنكرة وعلى الجهات الرسمية والأمنية المسارعة في التحقيقات لكشف المجرم أو الجهات التي تقف وراء هذه الجمريمة الهادفة لإثارة الفتنة ونشر الرعب والخوف”.

ويحدث أن تقع هذه الجريمة النوعية بحلول ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت، التي تضيع تحقيقاتها وسط متاهات تتراشقها السلطة بين التضليل وتجاهلها لمئات الضحايا الشهداء والأحياء، أولهم لبنان الذي يصدح اليوم بانهيار ديموقراطي على مذبح الرأي السياسي والكلمة الحرية والـ”لا” التي تخيف المجرم، المفلت دوما من العقاب.

السابق
علي الأمين عن اغتيال سليم: لبنان دخل حالة الانهيار الأمني!
التالي
ديما صادق في أشرس ردّ على زميلتها الإعلامية عقب اغتيال سليم:هلق صارت بتنبلع؟