«أفضل الموت القتل».. وداعاً لقمان سليم

لقمان سليم

قبل أقل من ٤٨ ساعة من اغتياله خابرني؛ أهم ما قاله لي بأن المرء بات لا يعرف كيف يوزّع حزنه نتيجة كثرة عدد الموتى الذين يرحلون في خضم وباء كورونا، واليوم أعرف جيداً كيف أن حزن الفراق وحده يتملّكنا..

هذا الحزن العميق، الذي لا يمكن أن يوصف؛ وبنفس الوقت أعتز وأفرح له بهذه الشهادة؛ انسجاماً مع قول علي (عليه السلام): “أفضل الموت القتل” ففي رواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): “أيّها الناس إنّ الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيد ولا محيص، من لم يقتل مات، إنّ أفضل الموت القتل، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش”.

إقرأ أيضاً: واجه بالكلمة وقُتل بالرصاص.. غضب وتنديد باغتيال لقمان سليم

وهكذا، لقمان الثائر، والمفكر، والسياسي، والمثقف، والمجاهد البطل، لا يمكن أن يموت “على فراش!” لقمان، هذا عهدي بكم، وأيضاً عهدك بي.

فلا أنسى أنه هو من نشر وصيتي: “وصية مودع” بعد أن نشرتها أسبوعية “الشراع” اللبنانية، فعاود نشرها ضمن منشوراته؛ وكأنه كان يؤكد موافقته على مضمونها، ويتبناها.. بأن الخوف من الموت لا يمكن أن يدخل إلى قلوبنا، بل الخوف أن نكون مجرد أموات في مجتمع مات فكرياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً.. بل ودينياً.

تعاونا كثيراً، على مدار قرابة عقد ونصف من الزمن، في الشأن السياسي، والإجتماعي، والثقافي.. في حلّنا وترحالنا، في السفر والحضر.

حينما استشرى الفساد في مؤسسة “المجلس الشيعي” تعاونا معاً، وتقدمنا بدعوى لدى “مجلس شورى الدولة”، بالتعاون مع المهندس راشد صبري بك حمادة!

شكلنا معاً ثالوثاً مع الصحفي علي الأمين، كان همنا فك قيد الإحتكار والتسلط، وها هو الإحتكار يصارع في أيامه الأخيرة، وأدل دليل على ذلك هو هذه الجريمة النكراء التي لن تكون تداعياتها محدودة..

لقمان سليم

إن ما يخفف الخطب هو أنه لو قيض للقمان أن يخاطبنا من عليائه؛ لتوجّه بالشكر الجزيل لمن قتله، لأن لقمان هو الأدرى بمدى فاعلية دمائه التي ستروي عطش ديمقراطيتنا وساحتنا ولبناننا، وستساهم في خلق تنوع سعى إلى تعزيزه الراحل.. عذراً أخي لقمان؛ لكن لطالما تحدثنا بأن التغيير لا يمكن أن يتحقق من دون دماء زكية طاهرة، وها أنت أكرم وأول المتبرعين.

حسبك يا لقمان أنك لا تموت في مجتمع ميت، ولطالما أعجبتك المقولة التي أرددها دائماً، والتي استفدتها من الرهبان، وأنا مقتنع بها تماماً، وأكررها دوماً، وأنت استلطفتها: “إن متَ قبل أن تموت، فلن تموتَ عندما تموت” وأنت يا لقمان تشهد وتشاهد وتستشهد؛ ولكن لا تموت.

السابق
شخصيات سياسية ووطنية تُدين جريمة اغتيال سليم: هل تُعتبر ردّ على مقتل سليماني؟
التالي
الحريري في تعليق لافت حول اغتيال سليم: كان واضحاً بتحديد جهة الخطر على الوطن!