الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية(٣٠): لماذا يتنازل «المجلس» عن اختيار القضاة الشيعة؟!

قضاء

أشرنا سابقاً لهيكليّة “مجلس القضاء الشرعي الأعلى”، وضرورة تعديلها، وإلا فإلغاؤه، كما كنتُ كررت ذكر مطلبنا الدائم، بإلغاء المؤسسات الدينية الرسمية من أساسها هو المطلب المبدئي، منعاً لاستمرار تسلّط الساسة على علماء الدين، وليجترح العلماء طرقاً جديدة للقيادة الدينية، تقضي بإنشاء أطر دينية غير مرتبطة بالسلطة، تقوم بدور المرجعيات الروحية، لدى كافة الطوائف الإسلامية؛ على غرار المرجعيات الدينية المسيحية غير المرتهنة ولا المرتبطة بالسلطة الرسمية السياسية. 

وهنا نود الإشارة لشيء متصل بما أسلفنا ذكره، ويتكامل معه، وهو آلية اختيار القضاة، التي تحصل عبر مباراة يجريها “مجلس القضاء الشرعي الأعلى” الذي يرأسه مفتي الجمهورية، في مقر المجلس الكائن في دار الفتوى.

تبدأ الإصلاحات بأن تتولى المهمة “الهيئة الشرعية” التي تضم اثني عشر عالماً دينياً شيعياً

طبعاً من حق دار الفتوى أن تجري مباراة لقضاة الشرع السنة؛ لكن لماذا يحصل تعيين قضاة الشرع الجعفريين هناك؟ وإذا كانت دار الفتوى هي المرجعية الدينية السنية التي يفترض أن تشرف على شؤون قضاة الشرع السنة وما يتصل بهم؛ فأليس “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” هو الذي يجب أن يضطلع بالدور المماثل حيال قضاة الشرع الشيعة؟! وأن هذا الحق لا يجوز أن يقوم به أحد آخر، كونه يعني إلغاء دور المجلس الشيعي!!

وطرحنا الذي يجب أن يُعْكَف على دراسته، هو أن تتولى “الهيئة الشرعية” في “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” صلاحية اختبار وتعيين قضاة الشرع الشيعة.

فـ”المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” لدى الشيعة يماثل “المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى” لدى السنة، و”مجلس القضاء الشرعي الأعلى” لا يعترف أصلاً بـ”المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” إطلاقاً، وليس بينهما أي ارتباط إداري، وحتى لا يوجد أي مندوب للمجلس الشيعي ضمن “مجلس القضاء الشرعي الأعلى”، في حين مفتي الجمهورية يرأس مجلس القضاء، هذا المجلس الذي يتولى شؤون قضاة الشيعة والسنة!!

إقرأ ايضاً: الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية(٢٩): «العيّنُ» على مجلس شورى الدولة!

هي علاقة كلها خلل، وطريقة تعيين قضاة الشيعة كذلك، يسودها الخلل، ولذلك ينبغي بأن يتم اعتماد آلية جديدة، ومعايير مختلفة، للمباراة، وللشروط، ولطريقة التعيين..

“القضاء الشرعي الأعلى” لا يعترف بـ”الإسلامي الشيعي الأعلى” ولا ارتباط إدارياً بينهما

وتبدأ الإصلاحات بأن تتولى المهمة “الهيئة الشرعية” التي تضم اثني عشر عالماً دينياً شيعياً، بدل من أن يختار قضاة الشرع الشيعة كل من: مفتي الجمهورية السني، مع ثلاثة قضاة سنة، وثلاثة أشخاص شيعة، فيهم شخص واحد معمم شيعي فقط، هو رئيس المحاكم الشرعية الجعفرية، مع المدعي العام الشيعي، الذي هو مدني، وقاض مفتش، مدني أيضاً!

أي آلية هذه التي لا يوجد فيها إلا عالم ديني شيعي واحد، وإن كان معه شخصان شيعيان، لكنهما مدنيان، وليس من شأنهما اختبار علماء الشيعة، أو فحص مستواهم، ولا حتى دراسة ملفاتهم.

نضع هذا المقترح برسم أهل الحل والعقد عند الشيعة، وتحديداً “السيد” و”الأستاذ”، وإن كنا نهدف لتعريف المجتمع اللبناني الشيعي، على بعض القوانين والأنظمة التي تخصهم وتعنيهم، ولكن كأنّها لا “تعني” القادة، بالرغم من أنها مجحفة بحق علماء الدين الشيعة، بل بحق الشيعة عموماً.

السابق
جيفري فيلتمان: سياسة أميركا فشلت في سوريا..ولا بد من مقاربة جديدة!
التالي
علي الأمين: «حزب الله» خسر قاسم قصير كهمزة وصل مع معارضيه!