«الثنائي» يُحول الجنوب الى أرض.. «الذلة لا السّلة»!

الجنوب

أعادت قضية المستشفى الميداني القطري الذي كان مخصصاً لمنطقة الجنوب، ونقل مؤخراً إلى بيروت بعد خلافات نشبت بين الثنائي الشيعي الحاكم حول مكان إقامته، تسليط الضوء على الواقع الذي تعيشه منطقة الجنوب تحت حكم الثنائي، بحيث باتت صورة مصغرة عن لبنان بالخلافات الناتجة عن سياسة المحاصصة، التي تؤدي إلى التعطيل وحرمان الناس من أبسط حقوقها تحت ذريعة الوحدة بين جناحي الطائفة .

وهذه ليست المرة الأولى التي تعصف الخلافات بين الحلفاء وتعطل مصالح الناس، ما جعل الجنوب خالياً من أي مشروع تنموي حقيقي بإستثناء ربما شبكة الطرقات التي أعيد تأهيلها بعد حرب 2006، وذلك بسبب السمسرات والخوات التي تفرض على كل مستثمر راغب بالإستثمار خاصة في قطاع الصناعة والتي يتحدث بها الناس جهراً على نطاق ضيق وهمساً في غالب الأحيان.

طريقة تعاطي أنصار الثنائي مع فعاليات ثورة 17 تشرين بشكل بدا وكأن هذا الثنائي وضع الناس بين ” السِلة والذلة “!

فمن باخرة الكهرباء التي كان من المقرر أن ترسو مقابل الزهراني منذ حوالي سنتين، إلى معمل فرز النفايات المعطل في بلدة الكفور قضاء النبطية، إلى المستشفى القطري اليوم، ناهيك بالبلديات المنحلة أو المعطلة بسبب الخلافات والصراعات، هذا عدا عن الفساد المستشري المتمثل بوضع اليد على المشاعات التي يتقاسمها أنصار الطرفين، والتي إنفجرت منذ أكثر من سنتين في تقرير تلفزيوني دون أن يحرك أحد ساكناً، كل هذه الأمور معطوف عليها ” الترهيب الفكري ” ضد كل صاحب رأي مخالف ولو كان غير حاد، وهذا ما بدا واضحا في طريقة تعاطي أنصار هذا الثنائي، مع فعاليات ثورة 17 تشرين في بنت جبيل وصور والنبطية، بشكل بدا وكأن هذا الثنائي وضع الناس بين ” السِلة والذلة “، مع أنهم يدَّعون أنهم يقاتلون ويجاهدون ضد هذا المبدأ، ولكي لا تتكرر هذه المأساة التاريخية التي واجهها الإمام الحسين عليه السلام بينما الواقع يشي بغير ذلك .

الفساد المتفشي والمتمثل بما كشف عنه العام الماضي، من إستيراد الكثير من المواد كأثاث المنازل وسخانات المياه وحتى ” المايوهات ” النسائية بإسم “الشيعي الأعلى”

هذا الواقع التعطيلي لمصالح الناس والطائفة ليس مقتصرا فقط على منطقة الجنوب، بل يطال كل المناطق ومختلف نواحي الحياة في الطائفة الشيعية، وليس أدل على ذلك من وضع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي بات مشلولا بفعل التجاذب بين الطرفين، ومجلساً ممدداً له وغير قادر على مواكبة العصر، بحيث بات وكأنه مؤسسة عائلية تملكه وتتحكم به عائلة واحدة، هي صلة الوصل ما بين الثنائي عبر تأمين مصالح الطرف الأول في التعيينات وغيرها، ومنح غطاء للطرف الآخر عبر رفع السقف السياسي بوجه الأفرقاء الآخرين في الوطن عبر خُطَب المفتي الممتاز، ناهيك عن الفساد المتفشي والمتمثل بما كشف عنه العام الماضي، من إستيراد الكثير من المواد كأثاث المنازل وسخانات المياه وحتى ” المايوهات ” النسائية بإسم هذا المجلس، ما دفع محاميه للظهور على الإعلام في أحد البرامج للتوضيح والتبرير.

إقرأ أيضاً: معلومات خاصة لـ«جنوبية»: أميركا تُدشّن «البازار» الإيراني..و«حزب الله» يَنزل عن «الشجرة السورية»!

وما المشاكل التي نسمع عنها بشكل دائم في الإعلام الناتجة عن بعض القرارات الصادرة عن المحاكم الشرعية، سوى الدليل على شلل هذه المؤسسات وعدم مواكبتها روح العصر عبر الإصلاح المطلوب في بعض قوانينها وهياكلها، ومحاولة ضخ دم جديد في شرايينها لما تمثله هذه المحاكم من تأثير على الحياة الإجتماعية للناس العاديين. فالثنائي الحاكم يتحكم بكل التعيينات في الدولة سواء السياسية منها أو الدينية، من الوزير إلى الخفير مرورا بالسفير، و “القاضي الذي لا يعين إلا إذا كان الزعيم راضي”، وهي تعيينات على طريقة تقريب أهل الثقة ولو كانوا أقل خبرة ، وإستبعاد أهل الخبرة إن كانوا مستقلين، لهذا لا يستفيد منها سوى المحظيين التابعين للطرفين.

المواطن العادي غير الملتزم حزبياً فهو خارج الحسابات إلا يوم الإنتخابات حين يخضع للضغط المجتمعي والديني

أما المواطن العادي غير الملتزم حزبياً، فهو خارج الحسابات إلا يوم الإنتخابات، حين يخضع للضغط المعنوي المجتمعي والديني عبر إصدار التكليف الشرعي، تحت ذريعة مصلحة الطائفة ووحدتها وحمايتها من المخاطر الداخلية والخارجية المبالغ فيها، التي تُصَوَر له على أنها “البعبع” الذي تتصدى له هذه الأطراف كي لا يلتهمه .

قد يرى البعض أن هذا الكلام قاسٍ وهذا صحيح، لكنه ليس أقسى من الواقع المعاش، ولكي نكون منصفين نقول أن هذا الواقع للأسف ينطبق على غير الشيعة أيضاً في المناطق والطوائف الأخرى بدرجات أكثر أو أقل لا فرق ، فهذه السلطة هي كل لا يتجزأ ، سلطة فاجرة مجرمة غير مسؤولة لم يقدر عليها ولا على وقاحتها في معالجة الأمور كارثة كالتي حلت بتفجير المرفأ، أو جائحة كجائحة كورونا فشلت كلها أمام صلفها في جعلها أكثر مسؤولية وإنسانية في معالجة أمور شعبها وناسها، والدليل أنها تتصرف بموضوع تشكيل الحكومة بكل صفاقة وكأن البلد بألف خير، وليس في طريقه إلى جهنم كما بشرنا بهذا رأس هذه السلطة منذ عدة أشهر في تصريح شهير له، عسى أن لا يأتي يوم وينفيه أو يقول عن فشله في معالجة هذا الواقع أو منعه ” ما خلوني “.

السابق
ما بعد «الرد».. موسم جديد من «الهيبة» خارج رمضان!
التالي
فيديو لشبيهة السيدة فيروز يثير التفاعل.. والكنافة هي السبب!