علي الأمين: «حزب الله» يتذرع بالمقاومة لتوسيع نفوذه

علي الامين

فيما تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من القلق والترقب بانتظار نهاية عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتخوف من ان تشهد المنطقة تصعيدا عسكريا، استبعد المحلل السياسي ورئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين، إمكانية ان يوجه “حزب الله” وإيران ضربة لإسرائيل وكذلك استبعد توجيه الولايات المتحدة الأميركية ضربة لايران “، وتابع “فلطالما كان الموضوع الإسرائيلي هو ذريعة لدى “حزب الله” للسيطرة على لبنان بشكل كامل، فلا الهدف تحرير فلسطين والقدس ولا حتى المواجهة مع إسرائيل، انما كل هذه العناوين كانت تُرفع هي من أجل هدف آخر وهو الإمساك بلبنان”.

اقرأ أيضا: علي الامين يكشف: هكذا سيتصرف «حزب الله» بعد حكم المحكمة الدولية

وخلال مقابلة تلفزيونية ببرنامج “بكل حرية” عبر القناة السريانية “Suroyo tv”، قال الأمين إنه”خلال العقد الأخير كان هناك مسارا واضحا، فلم نر “حزب الله” يقوم بأي عمل عسكري حقيقي ضد إسرائيل، على عكس تصريحات “حزب الله” السابقة في مطلع الـ 2000 التي ركزت على مزارع شبعا آنذاك لأهداف أخرى”، لافتا ان “الزخم الأساسي لـ “حزب الله” وإيران استخدم في المنطقة العربية وليس بمواجهة إسرائيل، والدليل على ذلك هو ان عدد القتلى والجرحى في صفوف مقاتليه الذين سقطوا بمعاركه في السنوات الأخيرة في مناطق عربية يتجاوز عددهم العشرة آلاف”.

ورأى الأمين انه “في حرب تموز في 2006، صحيح ان حزب الله صمد أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية، لكن الأهم هو انه في 2006 شهدنا عملية تدمير غير مسبوقة للبنان، اضافة الى سيطرة حزب الله على البلد وانهيار الدولة حتى وصلنا في يومنا هذا الى حالة افلاس على جميع الأصعدة”.

لكن لماذا استعاد “حزب الله” لغة القوة؟


رأى الأمين ان ليس هناك إرادة من قبل “حزب الله” لتوجيه أي ضربة عسكرية، وكذلك الأمر شكّك من قيام الاطراف الدولية الأخرى بتوجيه ضربة عسكرية للحزب، مشيرا ان المشروع الإسرائيلي والأميركي هو تطويع “حزب الله” وليس انهائه، لأن الأخير لديه امتدادات وأدوار خارجية قام بها وسيقوم بها في المستقبل”، ورأى “ان أدوار الحزب السابقة كانت مغطاة دوليا، فلم يكن هناك اعتراضات لتدفق الاف المقاتلين تجاه سوريا سابقا، اما الآن لربما أصبحت هذه المهمة التي يقوم بها الحزب مضرة على الصعيد الدولي وقد اصبح اليوم المطلوب منه ان ينكفئ وان ينسحب باتجاه لبنان، وبالتالي الهدف ليس القضاء على الحزب انما تطويعه بما يتناسب بالكامل مع المسار الإقليمي”.

وبحسب الأمين ليس هناك عداء وجودي بين المشروع الإيراني والمشروع الأميركي والمشروع الإسرائيلي، هناك صراع وتنافس وبعض التصادم ولكن ليس عداء وجودي، مضيفا “ثمة صراع على الحصص وليس صراع لإلغاء الآخر وهو ما يتيح للأطراف ان ترفع السقوف أحيانا ولو صوتا، وعلى سبيل المثال فبالرغم كل الضربات والتجاوزات الإسرائيلية التي تحصل لم نر أي ردة فعل من قبل “حزب الله” تتخطى رد الفعل الكلامي”.

كذلك أشار الأمين ان ثمة “خطة منهجية اعتمدها “حزب الله” أفقد ويفقد فيها لبنان ما تبقى من مساحة حرية والتنوع في المشهد السياسي والحزبي، وأضاف “منذ تحكم “حزب الله” وتمدد النفوذ الإيراني، فقد لبنان الكثير من ميزاته فلبنان كان جاذبا للكثير من المؤسسات الإعلامية، وكان لبنان تاريخيا مساحة الاعلام والصحافة العربية، وفيما يرى البعض ان السبب خارجي مع تطور الدول العربية، الا ان السبب الرئيسي انه لم يعد أحد يشعر عندما يأتي الى لبنان بمساحة الحرية التي كان يلمسها حتى في زمن الحرب الأهلية”. مؤكدا ان “حزب الله وضع خطوطا حمراء وطوق المؤسسات الاعلامية بطريقة ذكية ومخابراتية وأمنية ولجم الكثير الأمور التي كان يمكن ان تتحرك فيها هذه المؤسسات الإعلامية”.

وأضاف انه “في مقارنة للبنان قبل 15 سنة نلاحظ ان ثمة العشرات من المؤسسات الإعلامية غادرت لبنان، حتى ان أي مؤسسة تشعر انها مختلفة مع الحزب لا تتجرأ على المجيء الى لبنان وهو ما لم تشهده البلاد من قبل”، معتبرا ان “التهديد للإعلام هو محاولة قطع النفس الأخير في لبنان”.

وعما ما حصل في 17 تشرين، قال ان “الشعب اللبناني وحد صرخته بوجه الطبقة السياسية كاملة، الا ان “حزب الله” الذي شعر بالخطر الحقيقي كان همّه الأساسي باعتبار انه كان يدير السلطة السياسية منذ التسوية الرئاسية، محاولة تشويه هذا الحراك بالقول انه حراك سفارات وممول حتى انه لجأ للعنف ضد المتظاهرين، مشيرا انه في البداية انطلقت الثورة في مناطق الثنائي الشيعي والتي تخضع لسيطرته وقد قمع “حزب الله” جميع مظاهر الاختلاف عن بيئته في البيئة الشيعية، وفي الوقت نفسه هو يمارس لعبة الهيمنة هذه في البيئة اللبنانية بأكملها من خلال بناء تحالفات مع بعض القوى لتغطيته على مستوى السيطرة والنفوذ”.

الطائفة الشيعية وحزب الله


رأى الأمين، ان المعركة مع “حزب الله” في لبنان هي معركة فهم ولغة وطريقة تفكير، فأبناء الطائفة الشيعية هم لبنانيون ولديهم هوية وطنية وعربية وإسلامية وإنسانية، وأحد أبرز المشاكل مع الحزب “اننا ننتمي الى لبنان والإشكالية مع مشروع حزب الله ان ايديولوجيته تنطلق من رؤية ان المكون الشيعي هو الأساس التي تبنى عليها السياسات والأهداف والمصالح وترسم من خلاله الغايات بمعنى ان الدائرة الشيعية الممتدة من طهران وبغداد الى دمشق فلبنان هي الأساس”. وتابع “المعارض الشيعي يتفاعل مع أبناء الطائفة الشيعية بأي دولة في العالم ولكن الأولوية والانتماء هو للبنان بالدرجة الأولى ونظام المصالح هو مع اللبناني الآخر”.

الأمين : المعركة مع “حزب الله” في لبنان هي معركة فهم ولغة وطريقة تفكير


كما أشار ان حزب الله اخترق بنية التفكير الشيعي وحوّل الفهم الديني في علاقاته مع الدول والاوطان الى تبعية كأن يجعل الشيعي اللبناني قائده السيد علي خامنئي، وهذا الأمر الخطير بهذا الاختراق، لكن لا شك بان عدد كبير من اللبنانيين الشيعة يستشعرون مخاطر الانهيار لأنهم يلمسون ان نظام مصالحهم يتهدد”، لافتا بأن “أحد الوجوه الإيجابية للأزمة الحاصلة انها تطال كل اللبنانيين بمعزل عن انتماءاتهم الدينية والطائفية ويدركون جيدا انه لا يمكن الخلاص من هذه الأزمة بدون دولة وبالتالي تأمين حصص غذائية وغيرها هي عبارة عن حلول مؤقتة ولا تستطيع أي قوة مهما بلغت نفوذها ان تقوم بمهام الدولة”.
وفي سؤال عما إذا كان لبنان سيشهد انتفاضة “شيعية”، شدد الأمين ان “لا يمكن ان تكون الانتفاضة هذه المرة شيعية او سينية او مسيحية.. انما يجب ان تكون انتفاضة لبنانية وهذا المدخل الوحيد للحل فالحل للأزمة الشيعية وخروج لبنان من مأزقه يجب ان يكون لبناني لتثبيت فكرة الانتماء للدولة اللبنانية والسيادة والمواطنية”.

الأمين: غياب السلطة والسيادة الحقيقية عن البلاد وتعدد السلطات الموجودة خلق الفوضى في لبنان

وأكد الأمين غياب السلطة والسيادة الحقيقية عن البلاد وتعدد السلطات الموجودة تحت عنوان أمني او مقاومة خلق الفوضى في لبنان على كافة مؤسسات الدولة التي نشهد تحللها اليوم، وكذلك على جغرافيا البلد وحدوده المتفلت”، مشيرا ان السلطة الحقيقية في لبنان هي بيد “حزب الله” ومؤسسات الدولة هي في خدمته وتحت ادارته وتوجيهه إذا كانت أمنية او سياسية”.

مشاورات التأليف


أكد الأمين ان الأزمة أعمق من الجمود والعرقلة الحاصلة في الملف الحكومي، فالواضح ان لبنان لخروجه من الأزمة يحتاج لدعم مالي خارجي، ويتبين انه سواء من المبادرة الفرنسية او مواقف الدول التي اكدت أكثر من مرة على اشتراطها ان أي دعم للبناني سيكون مشروط بالبدء بعميلة الإصلاح ما يعني الخروج عن اليات وطريقة الحكم السابقة أي منطق المحاصصة والفساد وتغيير بقواعد إدارة السلطة وهذا الأمر مرفوض من قبل الحاكمين في لبنان لأن أي تغيير بحسب اعتقادهم هو تفكيك لقواعد نفوذهم وسلطتهم”، مشيرا ان هذه النقطة الأساسية في ملف التأليف بمعزل عن الخلاف حول المقاعد والحصص”.

وتوقع الأمين ان “لبنان يتجه نحو المزيد من التدهور والانهيار إذا لم يتم تشكيل حكومة بالمعنى الحقيقي، وأضاف “اراهن ان الشعب اللبناني لا يمكن ان يستسلم، والتاريخ اللبناني وفي الكثير من المحطات السابقة ورغم كل القوى التي تسلطت على البلاد في فترات متعددة دائما كان ينتفض في لحظة معينة”، مشيرا ان “لبنان سيشهد موجات أخرى من موجة 17 تشرين الأولى”.
كما أشار ان “الأزمة بين الرئيسين عون والحريري موجودة ولكنها تفصيلا، لكن المشكل الحقيقة ان لا سلطة ولا دولة حقيقية في لبنان تدير شؤون البلاد بشكل واضح، ثمة زمرة من الفاسدين نهبة البلاد باسم الطائفة والدفاع عن صلاحيات هذ المنصب لتبرير وجودهم”.
شدد الأمين ان “الحكومة على رغم أهميتها لكن في الوضع الحالي هي تفصيل، والأساس هو الخيارات التي ستتخذ على مستوى الدولة من خلال الإصلاحات والتغيير بإدارة الشأن العام، ولكن هذه القوى لا تريد حكومة خارج المحاصصة “.

الدور الاميركي

كذلك رأى انه في السنوات الماضية كشهدنا تدمير العديد من الدول العربية من بينها لبنان، وهو نتيجة غياب النظام الإقليمي العربي”، وتابع ان “أهمية القمة الخليجية الأخيرة ان تفتح افقا على ترميم هذا النظام الإقليمي العربي وإعادة تنشيط دور الجامعة العربية، لأن خارج هذا السياق سنكون نهبن لدول إقليمية محيطة بنا سواء النظام الإيراني او التركي او الإسرائيلي الذي جعل المنطقة مستباحة، مشيرا ان “الدور الاميركي هو إدارة هذه التوازنات وليس ان يحدث تحولات لا سيما اننا مقبلين على نوع من الحوار الأميركي – الإيراني”.

كيف ستنعكس المصالحات الخليجية والتطبيع مع إسرائيل على لبنان؟

رأى الصحافي علي الأمين، ان ترميم النظام الإقليمي العربي هو الأساس والقمة الخليجية نقطة إيجابية أما مسألة التطبيع مع إسرائيل فهي الخطر الحقيقي الذي يواجه لبنان، لأن السؤال المطروح هو: أي دور للبنان سيكون في المرحلة المقبلة، وكيف ستكون مستوى علاقاتها الخارجية”، مشيرا ان اللبنانيين معنيين ان يعيدوا ترميم علاقاتهم مع المحيط العربي والدول الخليجية بشكل أساسي لأن هذا الأمر يشكل الرئة للبنان”.

السابق
في اليوم الثالث من الاقفال.. منصة طلب إذن التنقل «خارجة عن الخدمة»!
التالي
بعد الزحف العالمي نحوه.. إيران تحظر تطبيق «سغنال» بديل «واتس أب»