لا يمكن تبسيط كلام قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني الجنرال علي حاجي زادة بأن “كل ما يمتلكه لبنان وغزة من قدرات صاروخية هي بدعم من إيران، وهما الخط الامامي لمواجهة إسرائيل”، وإعتباره “تزويرا وتحريفا خبيثا” لكلامه من الفارسية إلى العربية كما قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
اقرأ أيضاً: الشيعية السياسية نحو الانكفاء(5): «الهلال» يتصدع.. والإنسحاب الايراني يسابق الأميركي!
فكلام زاده لا يمكن فصله عن سياق سياسي وسلوكي يترجمه الحزب في مواقفه السياسية ونشاطاته في الضاحية الجنوبية وجنوب لبنان، عند كل ذكرى ومنعطف سياسي وأمني يمكن أن يذكّر(من يهمه الامر) أن بلاد الارز هي في قاموس الجمهورية الاسلامية جزء من أوراقها الاساسية التي تلوّح بها عندما يحتدم الكباش بينها وبين المجتمع الدولي، والدليل على ذلك هو “الاستفزاز” الذي شعر به حتى حلفاء الحزب وأدى إلى تغريدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون (ضمن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة) معتبرا أن “لا شريك للبنانيين في حفظ إستقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره”، بالاضافة إلى بيان من التيار الوطني الحر ناهيك عن المروحة الواسعة من المواقف المنددة التي أعقبت تصريح زاده.
هذا السياق الكلامي يرافقه سياق سلوكي يترافق مع الذكرى الاولى لإغتيال قائد الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، إذ سُيطلق على ساحة الغبيري في الضاحية الجنوبية إسم ساحة قاسم سليماني تخليدا لذكراه وسيوضع تمثال له في وسط الساحة(علما أن بلدة الغبيري هي مسقط رأس قائد كبير لحزب الله هو مصطفى بدر الدين)، وقد سبق هذه التسمية وضع نُصب لسليماني في شباط العام 2020، في منطقة مارون الراس على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وهو يشير بإصبعه نحو فلسطين المحتلة وخلفه يرفرف العلم الفلسطيني.
كل ما سبق يدعو للبحث عن معنى التصريحات الايرانية في هذا التوقيت وسلوكيات حزب الله المرافقة لها، وفي هذا الاطار يعتبر عضو كتلة المستقبل النيابية النائب محمد الحجار لـ”جنوبية” أن “دلالة كلام زاده هي أن المشروع الايراني الذي يضع يده على المنطقة، يفتش عن نفوذ له في المنطقة العربية على حساب شعب هذه المنطقة ويتعاطى مع المسلمين الشيعة كجاليات تابعة لإيران عليها تنفيذ تعليماته”.
الحجار لـ”جنوبية”: زاده يعني أن إيران تتعاطى مع الشيعة كجاليات تابعة لها
لافتا إلى أن “الايراني في هذا في التوقيت يريد إرسال رسالة إلى العالم هي أن توجيه أي ضربة لإيران وعدم الاعتراف بها سيؤدي إلى نتائج غير محمودة، أنه نوع من إستعراض القوة من أجل وضع يده على المنطقة العربية بالكامل”.
مصلحة لبنان هي الاهم
على ضفة الحزب التقدمي الاشتراكي يرى عضو اللقاء النائب هادي أبو الحسن ل”جنوبية” أن “مصلحة لبنان هي الاهم وهي فوق حسابات الغير الهادفة إلى تحسين شروطهم تمهيدا لتفاهمات كبرى بين إيران والولايات المتحدة الاميركية”، مشددا على أنه “يكفي الشعب اللبناني فقرا وقهرا وذلا وليدعونا لنقرر مصيرنا وننعم بحريتنا وسيادتنا الوطنية”.
أبو الحسن لـ”جنوبية”: لا لأخذنا إلى مواجهة غير محسوبة تؤدي إلى تدمير لبنان
يضيف:”هذا الامر كان يتطلب موقف رسميا جريئا وليس موقفا ضعيفا ومبهما، هذا لا ينفي أطماع للعدو الاسرائيلي بلبنان، ولكن اليوم تحرر الجنوب وبقيت إشكالية مزارع شبعا ، لذلك لا بد من ترسيم الحدود للإنتهاء من هذه الاشكالية وأن يتم إستيعاب السلاح تدريجيا في منظومة الدولة الشرعية”.
ويختم:”نحن لا نوافق على أن ينفرد أحد في إتخاذ القرار عنا ويأخذنا إلى مواجهة غير محسوبة تؤدي إلى تدمير لبنان في لحظة دقيقة إقتصاديا وماليا”.
مأزق داخلي
في المقابل يقدم عضو كتلة “الجمهورية القوية النائب وهبة قاطيشا تفسيرا آخر لكلام زاده، شارحا أن “المواجهة محتدمة بين الاميركيين والايرانيين ومن وقت لآخر يحاول (الايرانيون) القول أن لديهم أوراقا يمكن إستعمالها ومنها ورقة لبنان”، لافتا إلى أن “تغريدة الرئيس عون لا تكفي بل كان عليه إتخاذ موقف وإجراء كونه رئيس البلاد، وبرأيي تغريدته في غير مكانها، أما كلام السيد نصر الله فهو رد على تغريده الرئيس، وبذلك يقول أن لبنان بات محافظة إيرانية لأن كل مصالحنا وسلاحنا(غير المجدي) هو من إيران والامر لي ولا يغرد أحد خارج هذا السرب وهذه المنظومة”.
قاطيشا لـ “جنوبية”: ما دامت إيران قوية لماذا لا تفك الحصار الاقتصادي عنها؟
يختم:”هذه المواقف لن تتطور أكثر لأن الهدف من هذه التصريحات هو التوجه أيضا نحو الداخل الايراني، لصرف النظر عن الوضع الاقتصادي المأزوم الذي يعيشه الايرانيون، ولذلك لا بد من إختراع بطولات خارجية من لبنان وغزة، والسؤال هو ما دامت إيران قوية لهذه الدرجة لماذا لا تفك الحصار الاقتصادي عنها؟”.
