إغتيال فخري زاده.. تساؤلات حول «التراخي» الإيراني مع وكالة الطاقة الذرية!

ايران النووية
لعله كان من الخطأ الأمني والإستراتيجي أن توافق الجمهورية الإسلامية الإيرانية أصلاً على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الغرب حول برنامجها النووي فيما كان يعرف بمفاوضات خمسة زائد واحد؛ وذلك دون اخذ ضمانات غربية بعدم تدخل اسرائيل سياسيا وعسكريا لافشال الاتفاق النهائي.

حن قد نتفهم الدوافع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أدت لاتخاذ الإدارة الإيرانية لهذا القرار، فقد أخذت منها العقوبات الاقتصادية والحصار والعزلة الدوليين مأخذاً كاد يؤدي لانقلاب النظام في محاولات داخلية حثيثة خرج فيها المعارضون إلى الشوارع بمظاهرات عارمة كادت تُفكك البنية الداخلية للدولة !  

اقرأ أيضاً: تصفية أميركية- إسرائيلية لـ«أبي القنبلة النووية الإيرانية»؟ فحص: طهران «ستبلع الضربة»!

   ولكن في المقابل أدت المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني إلى أن تُسلِّم إيران ملفاتها النووية السرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بحيث أصبحت مكشوفة للخارج في هذا الجانب، فالوكالة الدولية للطاقة الذرية التي رعت هذه المفاوضات لتضمن للدول الكبرى سلمية البرنامج النووي الإيراني وعدم تحوله لأغراض عسكرية، هذه الوكالة – كما هو معلوم – ليست طرفاً محايداً في هذه المفاوضات، كونها تخضع أساساً للسيطرة الأمريكية والصهيونية ..  

خيانة المفتشين أم خرق أمني؟ 

الرواية الايرانية انه برغم كل التحذيرات والمخاطر ضحَّت إيران بجزء من أمنها القومي بالموافقة على دخول فرق التفتيش التابعة للوكالة إلى أراضيها، فقد قام المفتشون – وبحسب مصادر  – بتسريب المعلومات الكاملة عن جميع المواقع النووية الإيرانية وعن محتوياتها ومعلوماتياتها الدقيقة السرية،  كما كشفت الفرق أسماء العلماء والخبراء النوويين الإيرانيين والمتعاونين معهم وقدمت فرق التفتيش الداتا الكاملة عنهم وحتى عناوين سكنهم ومراكز تواجدهم وطبيعة تحركاتهم لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والصهيونية، وهذا بالتالي سهَّل الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها المفاعلات النووية وأجهزة الطرد المركزي كما حصل في مفاعل نطنز مؤخراً، كما سهَّل دور فرق التفتيش التابعة للوكالة عملية اغتيال مجموعة من العلماء النووين الإيرانيين في العقد الأخير كان آخرهم بالأمس الشهيد الپروفيسور محسن فخري زاده العالم النووي الإيراني الأكبر والذي كان المشرف العام على البرنامج النووي الإيراني والمنشاءات النووية الإيرانية وبرامج الصناعات الدفاعية الإيرانية سيما البرنامج الصاروخي وملف الأقمار الصناعية المحلية الصنع وملف صناعة الطائرات الحربية، كما كان يشرف على مختلف الأبحاث العلمية والتكنولوجية والمختبرات العلمية والطبية في جامعة طهران ومعهد پاستور الطبي حيث تعمل المختبرات على تصنيع مجموعة من الأدوية النوعية كأدوية السرطان والأمراض المستعصية .. 

تتجه أصابع الاتهام بقوة لليد الإسرائيلية في التخطيط والتنفيذ لعملية الاغتيال

    وطالما كان يُلقب العالم الفيزيائي الشهيد محسن فخري زاده بأبي المشروع النووي الإيراني، ولقبته إسرائيل بأبي القنبلة النووية الإيرانية كما ورد على لسان آلون بن دافيد المحلل العسكري الإسرائيلي، وقد حاولت أجهزة الموساد الصهيونية اغتياله قبل سنوات ولم تتمكن من ذلك كما صرح رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ولذلك تتجه أصابع الاتهام بقوة لليد الإسرائيلية في التخطيط والتنفيذ لعملية الاغتيال ..  

كيف سيكون الرد الإيراني على هذه الجريمة التي أصابت عمق الأمن القومي وعمق كيان الدولة الإيرانية؟

   لكن الرواية الموضوعية تطرح عض الاسئلة العقلانية، ألا وهي: من الذي باشر عملية اغتيال فخري زاده؟ وما هو دور إهمال أجهزة الأمن الإيرانية؟ وكيف سيكون الرد الإيراني على هذه الجريمة التي أصابت عمق الأمن القومي الإيراني وعمق كيان الدولة الإيرانية؟ وهل ستوكل إيران عملية الرد القاسي والموجع لأذرعها في المنطقة ليكون للبنان وسورية واليمن والعراق دورهم في الحرب المفتوحة المقبلة المحتملة ؟   

أسئلة وغيرها تستدعي الكثير من التأمل قبل التسرُّع بالجواب. فالجواب يستدعي مراجعة دقيقة لتاريخ الصراع بين إيران وأعداء النظام الإيراني في العقود الأربعة الماضية ..  

السابق
بعد غياب المسرح.. جورج خباز إلى الدراما من بوابة «الصبّاح»
التالي
علي الأمين: المبادرة الفرنسية لن تنتج حكومة.. وحزب الله «عراب» المفاوضات