كورونا «سياسية» تضرب الإحتفال بذكرى الإستقلال!

عيد الاستقلال
لم يشعر اللبنانيون برونق عيد الاستقلال هذا العام. غابت كل معالم الاحتفالية بالذكرى السابعة والسبعين للإستقلال والتي كانت ترافق العيد في السنوات الماضية، حتى في السنوات التي كان يقتصر فيها الاحتفال على كلمة رئيس الحكومة (أيام الفراغ الرئاسي) كانت اللوحات الاعلانية التي تذّكر اللبنانيين بالعيد تنتشر في جميع أنحاء البلاد من شماله إلى جنوبه.

في هذا العام إختلف المشهد تماما والسبب ظاهريا هوإلغاء قيادة الجيش للإحتفال بسبب جائحة كورونا، ليقتصر التذكير بالمناسبة على كلمة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء غد السبت، أما في العمق فهو شعور طاغ عند جميع اللبنانيين بأن دولتهم بدأت بالتلاشي وتواجه خطر الاختفاء نتيجة الازمة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعصف بها منذ عام تقريبا .

 تحل ذكرى الإستقلال بعد غد الاحد، لكن لا شيء يشجع اللبنانيين على قيام بأي نشاط فردي للتعبير عن فخرهم بوطنهم نتيجة المآسي التي يعيشونها يوميا وعلى كافة الصعد، والجولة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر أن الاهالي الذين كانوا ينشرون صور أطفالهم وهم يرتدون بزات الجيش اللبناني ويلوّحون بالاعلام اللبنانية في السنوات الماضية إختفت تقريبا هذا العام، وكأن معظم اللبنانيين مصابين “بكورونا سياسية” تدفعهم للإختفاء والاختباء من وطن يذكرهم يوميا بأن مؤسساته ترهلت وإهترأت ولا داعي للإحتفال بأي واحدة منها، ولو من باب التظاهر بالحرص على العنفوان والكرامة الوطنية التي تسعى الشعوب والدول على إظهارها  لتلميع صورتها أمام الدول الاخرى.

الجميع يعرف “البير وغطاه” وبأن الوقائع تثبت كل يوم أن هؤلاء المسؤولين غير آبهين ببقاء هذا الوطن وأنهم لن يذرفوا دمعة واحدة على فقدانه

في السنوات الماضية لم تقو المحاولات الارهابية على النيل من لبنان وجيشه وشعبه هذا صحيح، لكن للأسف قادة لبنان إستطاعوا كتم أنفاس البلاد ومؤسساتها الدستورية بأيديهم وعن سابق تصور وتصميم فأصيبت هذه المؤسسات بإعياء شديد وفقدان للتوازن، وبالتالي لن ينفع تنظيم عرض عسكري مركزي يحضره كل من  أركان الدولة أي رئيس الجمهورية ورئيسي حكومة تصريف الاعمال والمكلف ( ليست المرة الاولى التي يمر فيها عيد الاستقلال بوجود رئيس حكومة مستقيل ورئيس مكلف إذ حصل ذلك في حكومة الرئيس تمام سلام)، وممثلين عن البعثات الدبلوماسية والمجتمع الاهلي فالجميع يعرف “البير وغطاه” وبأن الوقائع تثبت كل يوم أن هؤلاء المسؤولين غير آبهين ببقاء هذا الوطن وأنهم لن يذرفوا دمعة واحدة على فقدانه. 

ليس مجديا دعوة اللبنانيين إلى التمسك بإستقلالهم في الوقت الذي يسلبهم ساستها أبسط مقومات العيش الكريم

إذا ليس مجديا دعوة اللبنانيين إلى التمسك بإستقلالهم وبترسيخ دولتهم  والاحتفال بمناسباتهم الوطنية وأهمها عيد الاستقلال، في الوقت الذي يسلبهم ساستها أبسط مقومات العيش الكريم والاستقرار السياسي لأن “فاقد الشيء لا يعطيه”، فهؤلاء الساسة مثلا لا يبادرون إلى  تشكيل حكومة تحاول إعادة تواصل لبنان مع المجتمع الدولي وتضعه على سكة الحلول الاقتصادية و المالية، علما أن العرض العسكري ينظم غالبا للتباهي أمام الدول الاخرى بما نملك من مقومات و عناصر عسكرية و روح معنوية عالية، وفي ساحة العرض غالبا ما  كان يرافق الاحتفال لفتات خاصة مثل إستعراض جوي أو عرض فيلم من وحي المناسبة أو مقطوعات موسيقية، ليتوالى بعدها عرض الوحدات الراجلة التي تتألف منها ألوية الجيش ومنظمات المجتمع المدني، كل هذا التظاهر لم يعد يجدي نفعا هذا العام لأن الاداء السياسي للمسؤولين أفقد لبنان كل العناصر الذي يمكن أن يتباهى بها أمام الامم الاخرى.

من المفيد التذكير أن الغياب القسري للإحتفال بعيد الاستقلال  ليس الاول في لبنان إذ سبقه إلغاء لهذا الاحتفال بسبب الشغور الرئاسي الذي دام سنتين (2014 و حتى 2016 ) قبل إنتخاب الرئيس ميشال عون، وخلال الحرب الأهلية كانت الاحتفالات تنظم وفقاً للأوضاع الأمنية السائدة، وبعد الطائف بقيت الإحتفالات تُقام سنوياً إلى حين بدء جرائم الاغتيالات، ففي العام 2006 ألغي الاحتفال بالعيد بسبب إغتيال وزير الصناعة النائب الشهيد بيار الجميل، أثناء التحضير للإحتفال بذكرى الإستقلال في ساحة الشهداء وتوقف الاحتفال يومها بقرار من قيادة الجيش، وبعدها بأسبوع إعتصمت قوى 8 آذار في ساحة رياض الصلح ووصل إنتشار مخيمها إلى ساحة الدباس الملاصقة لساحة الشهداء، وإستمر الاعتصام قرابة العامين فغاب الاحتفال بالإستقلال للمرة الثانية في العام 2007.

السابق
وليد توفيق يبارك لصديق البدايات عبدو ياغي بلقب «ذا فويس»!
التالي
اتحاد الحقوقيين المسلمين يدعو النقيب مراد الى العودة لممارسة مهامه