الصراع في قره باخ..مخاوف من حرب بين الناتو وروسيا في القوقاز!

حرب ارمينيا واذربيجان مستمرة
مصالح الغرب ستكون مهددة في القوقاز مع تصاعد قوة روسيا العسكرية وتمدد الصين الاقتصادي، وتحالف هاتين القوتين الكبريين مع دولة متوسطة القوة هي ايران الثورة الإسلامية التي تسيطر على عدة عواصم عربية في الشرق الأوسط.

في الثاني و العشرين من شهر تشرين الأول اعلن الرئيس الاذربيجاني إلهام عليف تحرير بلدة أغبند من الاحتلال الأرميني، وبتحرير هذه البلدة يكون الجيش الأذربيجاني قد سيطر على كامل الحدود الأذربيجانية مع إيران.

ولم يمض إلا بعض الوقت حتى نفت أرمينيا الخبر، وقالت أن المعارك لا تزال مستمرة وأن الحدود مع إيران لا يزال بعضها تحت سيطرة الجيش الأرميني، لكن الواقع أثبت صدق الرواية الأذربيجانية.

وبذلك يكون المنفذ الوحيد لأرمينيا على العالم هو أرمينيا فقط من جهة الحدود الأرمينية الإيرانية، في مسافة لا تزيد على أربعين كيلو مترا، ما يعني أن اي عملية استيراد وتصدير، وتأمين للأسلحة لن تصل إلى قرة باغ مباشرة بل ستكون من خلال هذه المسافة المحدودة ما يجعلها مكشوفة أكثر من أي وقت مضى.

أرمينيا اليوم محاصرة من جميع الاتجاهات وأرمينيا دولة صغيرة لا تزيد مساحتها على اثنين وعشرين كلم مربع وعدد سكانها لا يزيد على ثلاثة ملايين نسمة

في حين أن المسافة التي حررها الجيش الأذربيجاني وقطع من خلالها طرق الإمداد من إيران فهي مئة وواحد وخمسين كيلو متر أي حوالي أربع أضعاف المساحة المتبقية للإمداد بين أرمينيا وإيران.

أرمينيا اليوم محاصرة من جميع الاتجاهات وأرمينيا دولة صغيرة لا تزيد مساحتها على اثنين وعشرين كلم مربع وعدد سكانها لا يزيد على ثلاثة ملايين نسمة، فمن جهة الغرب تحدها تركيا وأرمينيا خصم تاريخي لتركيا، لأن الأتراك يعتبرون أن هذه الأرض أرضهم وأن الروس اقتطعوا هذه المساحة من الأرض وأعطوها للأرمن، عدا عن الحرب الإعلامية والسياسية التي يشنها الأرمن على تركيا عبر لوبياتهم في المحافل الدولة لشيطنة الأتراك تحت حجة المذابح الأرمينية المزعومة.

تضارب وتداخل مصالح

أما جورجيا على الحدود الشمالية لارمينيا فهي مع كونها دولة مسيحية، (ومعروف أن الانتماء الديني يتحول بلا قيمة عند تعارض المصالح الاقتصادية والرؤى السياسية) فإن جورجيا يعتبر عدوة لأرمينيا بسبب العداء بين جورجيا (المنتمية للمعسكر الغربي) وروسيا المرتبطة باتفاقية أمن جماعي مع أرمينيا.

أما أذربيجان فهي بطبيعة الحال عدوة لأرمينيا وها هي الحرب مشتعلة بينهما بالرغم من جميع محاولات وقف إطلاق النار، في منطقة قرة باغ الأذربيجانية والتي تحتلها أرمينيا منذ العام 1994 بدعم علني من روسيا.

وبذلك تكون إيران هي الدولة الوحيدة من دول الجوار الصديقة لأرمينيا والمنفذ البري الوحيد لها على العالم. والخوف الآن من مساع أذربيجانية محتملة لاحتلال هذا المنفذ الوحيد المتبقي بين أرمينيا وايران، ولا يمكن لهذا القرار ان يكون سهلا ابدا لان الحرب ستكون حرب احتلال أراضي دولة مجاورة، لا حرب تحريرها تقودها أذربيجان على ارضها، هذا ما قد يثير الرأي العالم العالمي وتتحول مواقف الدولة.

خاصة روسيا و ايران اللتان تخافان من اتصال جزأي أذربيجان مع تركيا، مما سيجعل تركيا متصلة جغرافيا مع حليفتها أذربيجان عبر ممرات برية ما يزيد من قوة هذا التحالف وهذا ما قد تعتبره الدولتان (روسيا و ايران) تهديدا لأمنهما القومي بسبب العرق الواحد لدول القوقاز الغنية بالنفط والغاز.

مصالح الغرب ستكون مهددة في المنطقة مع تصاعد قوة روسيا العسكرية وتمدد الصين الاقتصادي

ومن الملاحظ ان تركيا في هذه المرحلة أعلنت انها ستتدخل بشكل مباشر في الحرب، اذا طلبت أذربيجان ذلك، بناء للاتفاقية العسكرية بين البلدين، و هذا الموقف، وان كان يفسر على انه خطوة استباقية لتهديد روسيا اذا تدخلت في الحرب تحت ذريعة اتفاقية الامن الجماعي مع أرمينيا، فإننا نعرف ان مثل هذا التهديد يزيد من قوة أذربيان السياسية والمعنوية خاصة ان تركيا عضو في حلف الناتو.

واذا كان الناتو قد خذل تركيا في عدة مواطن كسوريا والعراق و ليبيا فانه من المتوقع ان لا يحصل الامر نفسه في القوقاز، لان مصالح الغرب ستكون مهددة في المنطقة مع تصاعد قوة روسيا العسكرية وتمدد الصين الاقتصادي، وتحالف هاتين القوتين الكبريين مع دولة متوسطة القوة هي ايران الثورة الإسلامية التي تسيطر على عدة عواصم عربية في الشرق الأوسط.

ونحن على أبواب تشكل نظام عالمي جديد سيكون لكلا القوتين الكبريين (روسيا والصين) دور بارز و مؤثر فيه، وهذا ما يمكن ان يشكل خطرا على العديد من دول الناتو و في مقدمتها الدول الأوروبية التي لا تزال ترى في التمدد الروسي تهديدا وجوديا لها.

السابق
الحريري «ينتفض» على التسريبات الحكومية..عنده وحده مع عون التفاصيل!
التالي
«كورونا» يتمدد في قضاء صور ومخيماته..46 إصابة بينهم 6 فلسطينيين!