قرة باغ وأحلام الانفصال

قرة باغ ارمينيا

في الثامن من شهر تشرين الاول الحالي دعا رئيس الوزراء الارميني العالم للاعتراف بجمهورية ناغورني كاراباغ و بعد 6 ايام اصدر المكتب الاعلامي لحرب الطشناق بيانا قال فيه ان الوسيلة الانجع و الاكثر عدالة لحل قضية ارتساخ هي الاعتراف باستقلال جمهورية ارتساخ …

ارمينيا اليوم لا تحتل اقليم ناغورنو كارا باغ وحده وانما تحتل معه سبع مناطق اذرية بعد الحرب الدامية التي حصلت بين عامي 1992 و 1994 بدعم روسي و غض طرف عالمي, ارمينيا التي تحتل ارضا اذربيجانية تريد ان تحول الاحتلال الى نزعة انفصالية لعلها تجلب بعض العطف العالمي, و لكن حتى في موضوع الانفصال لن تجد ارمينيا من يؤديها في ذلك حتى اقرب المقربين اليها واكثر الحلفاء اخلاصا معها و قبل الدخول في موضوع تقبل العالم لدعوة ارمينيا لانفصال قرة باغ لابد من اضاءة سريعة حون موضوع الاقليات و النزعات الانفاصالية.

فالاقليات تعرف بكونها مجموعة ذات انتماء عرقي اواثني او ديني او سياسي واحد وتستمد اسمها من صفتها ذلك انها تتواجد في محيط يتسم بالاختلاف عنها, لكنها رغم انتمائها له جغرافيا على الاقل, تبقى محافظةعلى خصوصيتها …ولو اخدنا نمودج, كردستان و كتالونيا في مجال الانفصال, فاننا نجد ان المعطيات  الاساسية في ثقة الداعين الى الانفصال فيها هي المعطيات الاقتصادية ,ففي كردستان تقع اكبر حقول  النفط العراقية بانتاج يومي يصل الى ست مئة الف برميل, يضاف الى ذلك القطاعات الزراعية و السياحية الواعدة والامكانات المتاحة للاستثمارات الصناعية و التجارية, وعليه فان الاقليم من منظور النخب الكردية الانفصالية, لديه موارد متميزة ينبغي تكريسها لرفاهية سكانه وهذا امر مرهون بتحقيق حلم الدولة المستقلة… ويصح ايضا ان يقال مثل هذا الكلام عما يساور الكتالونيين, فاقليمهم هو الاغنى بلا منازع على مستوى سائر اقاليم  الدولة الاسبانية حيث يبلغ الناتج المحلي الكتالوني عشرون مليار يورو سنويا معتمدة في دلك على الكهرباء وزراعة الذرة والقمع والزيتون والحمضيات وتربية الاغنام والماعز  والخنازير.

ولو انتقلنا الى اقليم قرة باغ لوجدنا انه يعتمد على الزراعة وبعض المعادن الثمينة و غير الثمينة و ان الناتج المحلي  للإقليم لا يصل إلى مليار دولار في السنة (710 مليون دولار عام  2019 ) فالأهمية الاساس لقرة باغ ليست في القوة الاقتصادية ا لتي تمتلكها ولا بمخزونها من النفط و الغاز الذي يغري الاقليات عادة بالانفصال, ولكن القيمة الحقيقية لقرة باغ تكمن في موقعها الاستراتيجي….

من هنا على المجتمع الدولي والدول الإقليمية أن تكون حريصة على حل أزمة قرة باغ عبر الطرق السلمية والدبلوماسية بحيث يتوقف نزيف الدم, فالرئيس علييف كان واضحا أنه ليس لدى بلاده الوقت للانتظار ثلاثين عاما أخرى… وبذلك ستكون قارة باغ جزءا من دولة نفطية ناتجها المحلي 47 مليار دولار في السنة.ولن تكون مجرد دولة مستقلة بناتج محلي بعض ملايين من الدولارات و بلا  أي اعتراف دولي, ولن تكون ملحقة بدولة فقيرة لا يتجاوز ناتجها المحلي ال 13 مليار… وبالمقابل فإن أرمينيا الراعية الأساسية لدولة قرة باغ و التي تعاني من شبه حصار بسبب التوترات بينها وبين تركيا وأذربيجان سوف تتخلص من هذا الحصارولن تعود كما هي اليوم في اعتمادها بشكل كبيرو أساسي على ايران و الى حد ما على جورجيا الفقيرة أصلا…

السابق
جمالي تُهاجر الى الإمارات للتدريس.. نائبة على قاعدة «هون ومش هون»!
التالي
اللواء ابراهيم في المستشفى.. لم ينقل العدوى لمرافقيه ولأي من المُخالطين!