بين سنوية الثورة وانتكاسة المبادرة.. فياض لـ«جنوبية»: لتتوحد «17 تشرين» حول شعار «إيران برا»

منى فياض


تحدد الاكاديمية والناشطة في المجتمع المدني الدكتورة منى فياض مواضع الابتزاز التي تعرضت لها المبادرة الفرنسية وثورة “17 تشرين” مستندة إلى حرفتها الاساسية أي “علم النفس” التي درستها ودرّستها في الجامعة اللبنانية، ما أتاح لها قراءة ما بين سطور كلام وتصرفات الطبقة السياسية والثوار وتحديد أبعادها. واليوم على عتبة الذكرى الاولى لإنطلاق ثورة 17 تشرين في العام 2019 وبسبب الانتكاسة التي أصابت المبادرة الفرنسية، تحمل فياض أدوات التشخيص والتحليل لديها لتحدد مكامن الضعف ومنافذ القوة أمام الثورة في الايام القادمة، وتشرح الثغرات التي تعاني منها المبادرة الفرنسية ما سمح للطبقة السياسية في لبنان ولحزب الله تحديدا لإمتصاص جوهرها وزخمها وتفريغها من مضمونها ثم تركها تنازع أنفاسها بين البقاء والتلاشي على قارعة الازمات التي يغرق فيها لبنان .

اقرأ ايضاً: مقومات المشروع السياسي لحركة «مواطنون ومواطنات في دولة» لإدارة الأزمة اللبنانية الإجتماعية الإقتصادية الراهنة


تحديد أولويات

تسعى فياض لأن تكون نزيهة في التدليل على مواضع الاخطاء وكيفية الخروج منها، تقول ل”جنوبية” أن “مؤيدي وناشطي ثورة17 تشرين يجب أن يعوا أن الطبقة السياسية لن تقوم بأي خطوة لإنقاذ لبنان،لأن هدف هذه الطبقة الحفاظ على مكتسباتها بالاتفاق مع حزب الله، أما المجتمع المدني فليس أمامه سوى خيارين الاول تحديد أولوياته وهي (برأيها)الحفاظ على إتفاق الطائف وعدم القبول بتعديله تحت وطأة سلاح حزب الله”، مشددة على أنها “تؤيد كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لأنه لا يمكن تعديل الدستور إلا عندما نتساوى كمواطنين تحت سلطة القانون”.

العائق امام الاصلاح هو حزب الله

وترى أن “على الثورة أن تعيد تنظيم صفوفها، فهناك مجتمع مدني قريب من خط حزب الله ولا مانع في تجربة خططهم لمحاربة الفساد المالي والاداري في لبنان ولنرى إذا كانوا سيصلون إلى نتيجة”، لافتة إلى أن “على الطرف الآخر من الثوار توحيد خطابهم السياسي، ففي العام 2005 إنسحبت سوريا لأن الجميع توحدوا حول خطاب واحد هو “سوريا تطلعي برا” واليوم علينا أن نتوحد حول خطاب “إيران برا” والا لن نحصد إلا الممطالة والتسويف من السلطة”، وتشير إلى أنه “لا يمكن الرهان على نجاح المبادرة الفرنسية لأن السيد حسن نصر الله وضع شروطا لقبولها وهذا يعني أنه يريد حكومة على شاكلة الحكومة الرئيس سعد الحريري الاخيرة، ولذلك على الثوار أن يعرفوا أن العائق امام الاصلاح هو حزب الله”.

دور المرأة

كان للمرأة ولا يزال دور لافت في ثورة 17 تشرين، فما هو دورها في المرحلة المقبلة؟ تجيب فياض:”لا يمكن فصل دور المرأة عن باقي فئات المجتمع، الجيل الجديد من النساء يرفضن الكوتا التي تحجز لهم مكانا في أي تحرك سياسي، لأنهن يعتبرن أنهن موجودات في كل الاوساط والميادين وهن فاعلات في المظاهرات وفي حماية الثوار و سيبقين كذلك”.

لرفع شعار المظاهرات السلمية التي تؤمن مساهمة الرجال والنساء


تضيف :”صحيح أن المرأة ليست موجودة في المظاهرات التي تشهد موجات عنف، ولذلك يجب أن يرفع الثوار شعار المظاهرات السلمية التي تؤمن مساهمة كل الاطراف من الرجال والنساء بهدف تطبيق الدستور والقرارات الشرعية الدولية، حتى ولو كان رد حزب الله ان ذلك يعني خضوع للهيمنة الغربية، بينما هو في الحقيقة أن القرار 1701 ينص تطبيق 1559 الذي هو ممنوع سلاح خارج الدولة، ولذلك على الثوار رسم هذه الخريطة والتخفيف من الانانية والطموح لتولي مناصب سياسية”.

المبادرة إبرة مورفين للمجتمع المدني

عند الانتقال لتشخيص الانتكاسة التي أصابت المبادرة الفرنسية والتي حملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان عقب إنفجار المرفأ في 4 آب الماضي، تورد فياض أكثر من ملاحظة على المبادرة أولها “أن الطبقة السياسية كانت منهارة ومرتبكة في مواجهة شارع غاضب ووضع إستثنائي عقب إنفجار(غير نووي) يعد الاكبر في العالم، وبالتالي فمبادرة الرئيس ماكرون ساعدت الطبقة السياسية على التحصن والخروج من الصدمة وأعطت الناس فسحة أمل بدل أن يتوجهوا بغضبهم تجاه هذه الطبقة، المبادرة أعطت إبرة مورفين للناس الغاضبة و إبرة فيتامين للسلطة إلى أن وصلنا الى إنتكاسة المبادرة الفرنسية”.

على الثوار التخفيف من الانانية والطموح لتولي مناصب سياسية


تضيف:”الملاحظة الثانية على المبادرة أنها لم تكن واضحة لجهة تحديد شكل الحكومة، (وحدة وطنية أو جامعة أو تكنوقراط)،كما أنها خضعت لكل متطالبات حزب الله و إيران لجهة العدول عن الانتخابات النيابية المبكرة والبحث في سلاح حزب الله بذريعة ان الاولوية هو لمساعدة المجتمع اللبناني”.
لا توجه فياض” اللوم للمبادرة التي تراعي مصالح فرنسا لكنها ترى أنها لا تتلاءم مع مصلحة الثوار”، معتبرة “أن الانطلاقة كانت خطأ و ما أراده حزب الله منذ ذلك الوقت تأخير الحل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية وهذا ما يحصل اليوم”.

ذاهبون إلى جهنم

إلى أين نحن ذاهبون إذا ؟ تجيب:”نحن ذاهبون إلى جهنم كما بشرنا رئيس الجمهورية والطبقة السياسية، لأنهم لن يقوموا بأي خطوة للإنقاذ، لأن إيران ليس من مصلحتها التخلي عن ورقة لبنان فهي لم تعد تملك غيرها بالاضافة إلى ورقة العراق، لذلك ارى أن موقف حزب الله كان متشددا على كل الاصعدة ولكن بعد الانفجار اعلن انه لا يعرف شيئا عن إنفجار المرفأ”.
تضيف:” برأيي السيد نصر الله كان لديه خطاب مختلف عما قاله يوم الثلاثاء الماضي، كان يريد التصعيد تجاه فرنسا وماكرون لكن التعديل حصل قبل وقت قليل نتيجة تحذيرات نتابياهو عن وجود مخزن للأسلحة في الجناح، إذ تم تعديل هذا الخطاب وهذا ما كان ظاهرا في صوت السيد نصر الله وتعرّقه وإرتباكه”.
وترى أن “ما يخشاه حزب الله هو أن تضرب إسرائيل لبيئته الشعبية سواء في الضاحية أو الجنوب ولا يهمه أي شيء آخر، والصدفة الغريبة بإعلان التلفزيون الاسرائيلي عن ترسيم الحدود البحرية الشمالية وهذا يعني أنه مستعد لبيع لبنان كله ويوقع صلح وترسيم حدود مع إسرائيل كما يبشرنا اليوم النظام السوري بأنه يمكن أن يوقع صلح مع إسرائيل”.
وتختم:”إنفجار عين قانا كان موجعا بالنسبة ل حزب الله بدليل التعتيم الاعلامي عليه، و هذا الصمت الذي حصل هو إنكار للحادث على إعتبار أنه طالما أن السيد نصر الله لم يتكلم فيه فيجب أن يُنسى”.

السابق
From Libya to Haret Hreik: The Dollar Bills Flooding the Market!
التالي
لا تفاوض مع «حزب الله».. ماذا قال شينكر عن اتفاق الترسيم «التاريخي»؟