أي عقدٍ سياسيٍ جديد نريد؟

لبنان

أن تصل الأمور الى هذا الحد من اللا مسؤولية في القيادة اللبنانية، ونحن على ابواب المئوية الثانية لتأسيس لبنان الكبير، يشكل انعطافاً كبيراً في الانحدار السياسي الذي تجاوز كل الحدود لدرجة الاجهار بتقديم طلبات التبعية شرقاً وغرباً من قبل هذه القيادات على اختلاف انتماءاتها السياسية، تأكيداً على أنهم فقدوا مشروعيتهم بِعد ما أوصلوا البلاد الى أقصى درجات الإنهيار بشتى المجالات .

يتأسف المرء انه منذ وقوع كارثة تفجير مرفأ بيروت ارتفاع اصوات تدعي استحالة الحياة للكيان اللبناني محذرةً من الحرب الاهلية

يتأسف المرء انه منذ وقوع كارثة تفجير مرفأ بيروت وزيارة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الأولى ارتفاع اصوات تدعي استحالة الحياة للكيان اللبناني محذرةً من الحرب الاهلية ومن زوال لبنان وفي الوقت عينه نسمع أصواتاً تنادي بوجوب نسف الدستور والذهاب الى عقد مجتمعي جديد يأخذ لبنان الى دولة مدنية بعيدة عن الطائفية متناسين أن هذا الهدف النبيل لا خلاف عليه والدستور اللبناني ضمنه و لكن الطبقة التي توالت على حكم لبنان هي من تقاعست على تنفيذه لغايةٍ أصبحت جلية ومعروفة.

اليوم وبعد ما شهدناه من خروقٍ دستورية من قبل من هم مؤتمنون على حماية الدستور نرى أنه من واجبنا التذكير والتأكيد على أن الطريق السليم والسبيل الدستوري الوحيد لبلوغ الدولة المدنية لا يكون الا بالتنفيذ الكامل لبنود الدستور الذي اقره اتفاق الطائف انطلاقاً من اقرار الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية ومجلس الشيوخ والعمل دون ابطاء في اعداد قانون انتخابي حديث على اساس المحافظة دائرة انتخابية كما اقره الطائف. 

وبعدما تفاقمت الازمة وتشعبت بين السياسية والمجتمعية والمعيشية، وانقسمت فرقاً واطرافاً، أوصلت البلاد الى ما هو فيه، وبالتالي بات تمثيل هذه القيادات لا مشروعية وطنية لها من أعلى هرم السلطة، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في قيامة مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وصولاً الى السلطات المحلية البلدية والاختيارية ما يجعلنا امام حتمية الاحتكام مجدداً للشعب لاعادة تكوين السلطة عبر انتخاباتٍ مبكرة قبل اي تباحثٍ في اي تعديلات دستورية، اذ ان اي تفاهمات او تعديلات دستورية تعتبر غير شرعية وغير واردةً لا منطقاً ولا قانوناً قبل اجراء الانتخابات، وان اي نقاشٍ في ذلك يكون غير شرعي كون من يتولى النقاش فاقداً للشرعية و الأهلية. 

وفي هذا المجال لا تعتبر الانتخابات اي انتخابات نيابية او غيرها شرعية، ما لم تؤمن للقوى السياسية الفرص المتكافئة لعرض مشاريعها السياسية وبرامجها مع امكانية الوصول بكل حرية للناخبين انطلاقاً من مبداء مساواة جميع اللبنانين في الحقوق والواجبات امام القانون وعدم التمييز ، كما على جميع القوى السياسية والحزبية اتاحة المجال لبسط سيادة الدولة و القانون على جميع أراضي الوطن و حصر ادارة الدولة بسلطاتها والاحتكام لسلطة القانون وحمايته.

السابق
تغريدة أممية ملفتة: لبنان لم يفشل إنما الطبقة السياسية!
التالي
بعد استثناءه من غداء بعبدا.. نائب قوّاتي يُعلّق: مقرّ حزبكم في ميرنا الشالوحي!