ماكرون في بيروت.. ومصطفى أديب رئيساً مكلّفاً؟

ماكرون من قصر الصنوبر

قبيل وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت، يبدو ان عقدة التكليف حلّت، بعدما انبرت الكتل النيابية الى تأييد خيار رؤساء الحكومات السابقين الذين قرروا في لحظة معينة تسمية السفير لدى المانيا الدكتور مصطفى اديب، مرشحا شبه وحيد لدخول السرايا. واذا كانت اسماء عدة سربت في اليومين الماضيين، فقد علمت “النهار” ان بعضها كان دعائيا، والبعض الاخر لغايات شخصية، والبعض الثالث كان بالون اختبار قبل ان ترسو بورصة المرشحين على اسماء قليلة معدودة تم تناقلها بوساطة شبه رسمية قبل ظهر السبت بين الاطراف المؤثرة في القرار، من دون الاعلان عنها، او تسريبها، الذي تم امس قبل ساعة من اجتماع رؤساء الحكومات السابقين للاعلان عن الاسم، في اشارة ضمنية الى ان القرار ليس ملكهم وحدهم، وان الاسم بات متفقا عليه، وهو موجود لدى المعنيين. وهذه الاشارة ليست الا وليدة مصادر القرار لدى الثنائي الشيعي الذي يعتبر نفسه الشريك الاساسي في القرار، والذي اراد ان يبعث برسائل ايضا الى حلفائه، بضرورة المضي في هذا الخيار.

ويعتبر اديب مرشحا تسوويا لدى معظم المكونات لانه ليس مستفزا لاحد على الصعيد الشخصي، ولا يملك زعامة مستقلة يمكن ان تشكل خطرا على احد، وليس بيروتيا، وهو يملك شبكة علاقات داخلية وخارجية مقبولة من خبرته في ادارة مكتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ، كما من عمله الديبلوماسي.

وذكرت مصادر سياسية لبنانية لل”العرب اللندنية”  أن أديب قريب من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل ومعروف بمواقفه المؤيدة لهذا الثنائي، لكن رؤساء الوزارات السابقين وافقوا على تكليفه بتشكيل الحكومة وذلك بهدف تفادي أي صدام مع الثنائي الشيعي. وأعلن رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام الموافقة على ترشيح أديب، عشية بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة.

اقرأ أيضاً: «مُرشد» لبنان يعترف بالوصاية الفرنسية..ويُشعل الثورة المضادة!

لكن الواقع ان خيار اديب وفق ما ورد في “النهار” وقع مفاجئا على معظم القوى السياسيىة، وقال مصدر سياسي موالي لـ”النهار” انه يتجه الى وضع ورقة بيضاء اي تسمية لا احد، لانه لا يرى الى اديب “رجل المرحلة”. ويضيف “اللبنانيون كانوا ينتظرون اسما يوحي بالثقة لانهم دخلوا مرحلة من اللاثقة بالدولة ومؤسساتها، كما يطمحون الى صاحب خبرة وعلاقات دولية يمكن ان يرفع الويلات عن البلد الغارق في ازماته. لكن اسم اديب لا يمكن ان يوفر المطلوب. وان البلاد معه يمكن ان تكرر تجربة حسان دياب”.

واللافت في مسارالعملية حتى مساء امس، كيف توالت اجتماعات الكتل، وسقطت المحرمات، لمجرد انها لمست ارادة خارجية، باخراج فرنسي، لتكليف يتبعه تأليف سريع، ربطا باي مساعدة خارجية، ما يظهر بوضوح ان لبنان في مئويته، لا يزال اسير الارادات الخارجية، وكأنه لم يخرج من زمن الوصايات على انواعها.

ومن المتوقع ان تلي التكليف، حركة استشارات سريعة للتأليف، من ضمن برنامج اصلاحي تعتمده الحكومة، خصوصا بعدما تعثرت مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، والتي يراد اعادة اطلاقها مع الحكومة الجديدة.

سيناريو الحكومة

المُعلومات المتوافرة تُشير إلى أن تكليف مصطفى أديب أصبح شبه محسوم، خصوصًا ‏أن المكوّن السنّي تبنّاه، ولكن أيضًا تجمع أديب علاقة قوية مع رئيس مجلس النواب ‏نبيه برّي ومع الوزير جبران باسيل حيث شارك مصطفى أديب في مهرجان للتيار ‏الوطني الحرّ في حضور باسيل.‏

هذه الأمر، يدفع الى القول، أن مصطفى أديب سيحصد اليوم أصوات كل من ‏‏”المستقبل”، “حركة أمل”، “التيار الوطني الحرّ”، “حزب الله” والمردة. أمّا موقف ‏‏”القوات” و”الإشتراكي” فلم يصدر عنهما ايّ موقف، ويبقى رهينة السيناريو ‏المطروح.‏

تقول مصادر “الديار”، أن السيناريو المطروح أن لا يتخطّى عمر الحكومة في حال تمّ تشكيلها ‏بضعة أشهر، وذلك بهدف القيام بثلاث مهام أساسية:‏

  • ‏-أوّلا : القيام ببعض الإجراءات الإصلاحية السريعة، بهدف إكمال المفاوضات مع ‏صندوق النقد الدولي وإنقاذ لبنان.‏
  • ‏- ثانيا : تحضير مشروع قانون إنتخابي جديد سيكون محوره لبنان دائرة واحدة.‏
  • ‏- ثالثا : الإشراف على الإنتخابات النيابية المُبكرة.‏

هذا الإتفاق هو نتاج التواصل الفرنسي مع كل من السعودية وإيران والذي أفضى الى ‏إعطاء لبنان الفرصة الأخيرة، بعد أن كانت الأفق مسدودة بالكامل خصوصا أن ‏المواقف الضبابية لبعض القوى السياسية وعلى رأسها “القوات اللبنانية” التي التقى ‏رئيسها سمير جعجع السفير السعودي منذ يومين، والتي كان نوابها يتّجهون نحو ‏مُقاطعة الإستشارات المُلزمة ومعهم “الحزب الإشتراكي” نتيجة عدم قدرتهم على ‏حصد العدد الكافي من الأصوات لتكليف مُرشحهم نواف سلام على أن تكون الحكومة ‏خالية من أي تمثيل حزبي خصوصا من حزب الله.‏

وقال مصدر مُطّلع ان الضغط الفرنسي هو الذي أدّى الى ترشيح ‏مصطفى أديب على أن يكون التأليف لاحقاً، خصوصا أن هذا التأليف محفوف بنفس ‏التحدّيات التي واجهت حكومة دياب من ناحية التمثيل الحزبي. ويُضيف المصدر أن ‏حزب الله يُصرّ على تمثيله وإن بشخصيات غير حزبية، كذلك الأمر بالنسبة الى التيار ‏الوطني الحرّ الذي لن يتأخر في كشف أوراقه سريعاً مع مُطالبته بوزارات “الطاقة” ‏و”الخارجية” و”العدل”. هذا الواقع سيُعيد سيناريو تأليف حكومة دياب الى الواجهة، ‏وبالتالي يرى المصدر أن التأليف سيمّتدّ الى بعد الإنتخابات الأميركية.‏

إلى ذلك، لفتت الى “أن ماكرون لا يريد سماع المعزوفة ذاتها في عملية المحاصصة الوزارية و”حجز” هذه الوزارة لهذا الفريق دون سواه. فالوقت اليوم للإصلاحات السريعة والجدّية”.

وكرّرت باريس الخميس دعوتها لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة واعتماد إصلاحات “عاجلة”. وحذّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من “أن الخطر اليوم هو اختفاء لبنان، لذلك يجب اتّخاذ هذه الإجراءات”.

وفي حين تبدو محاولة ماكرون للضغط في اتّجاه تشكيل “حكومة بمهمّة محددة” مستقّلة عن الأحزاب السياسية التقليدية معقّدة، باعتبار أن هذه الأحزاب الموجودة في الحكم منذ انتهاء الحرب الداخلية لن تتخلّى بسهولة عن “جنّة” السلطة، غير أن الرئيس الفرنسي يسعى الى إحداث ثغرة في جدار الأزمة اللبنانية مستفيداً من العلاقات المميزة والتاريخية بين لبنان وفرنسا والدعم الدولي لمهمته.

وفي الإطار، أشارت المصادر الى “أن ماكرون يأتي الى لبنان بمهمة تحظى بإجماع دولي، لا سيما وأن لفرنسا “مَونة” على القوى السياسية كافة دون استثناء بحكم الروابط التاريخية التي تجمع لبنان بها، ولم تعتمد سياسة العقوبات تجاه أي فريق سياسي يعارضها”.

وتتزامن هذه الزيارة، وهي الثانية إلى بيروت في أقل من شهر مع بدء رئيس الجمهورية ميشال عون صباح الإثنين الاستشارات المُلزمة مع الكتل النيابية لتكليف شخصية جديدة بتشكيل حكومة بعد ثلاثة أسابيع من استقالة حكومة حسّان دياب تحت ضغط الشارع الذي حملها مسؤولية الانفجار بسبب الإهمال وفساد المؤسسات.

السابق
كم بلغ سعر دولار الصرافين مقابل الليرة اليوم؟
التالي
فوضى المساعدات وغياب التنسيق والشفافية