«جنوبية» استمزجت آراء علماء ومفكرين في ذكراه الـ٤٢: موسى الصدر.. أمام مغيب لا تغيب عنه شمس الوطن

لا يمكن التعاطي مع الذكرى الثالثة والاربعين لتغييب الامام موسى الصدر على أنها ذكرى رحيل رجل بقامة الامام المغيب، بل من زاوية أخذ العبر من سيرة ومنهجية رجل دين ساهم بشكل كبير في صناعة تاريخ الشيعة في لبنان وانقاذهم من كل براثن التقوقع والانزواء، من خلال عمله الدؤوب على ترسيخ فرادتهم كجماعة لها خصوصيتها اللبنانية التي عليهم مراعاتها والحرص عليها من خلال الدخول في منظومة الدولة اللبنانية، ولو أن لهم إمتدادات وتفاعل ديني مع أكبر مرجعيتين شيعيتين في النجف العراقية أو في قم الايرانية.
قد تكون فرادة الامام موسى الصدر وسبب حياكة المؤامرات لتغييبه عن المشهد اللبناني والعربي هي هذه النقطة بالذات، ليس فقط لأنه أول من رفع لواء محاربة إسرائيل، بل لأن هناك من ضاق ذرعا بإنفتاحه وبعد نظره وولائه لوطن يعرف أنه لا يمكن أن يحمل ضغائن التفرقة المذهبية والطائفية ومشاريع لا يملك طاقة لتحمل تبعاتها. ولذلك كان أول المحاربين لنشر هذه الفتن بين المسلمين والمسحيين وبين السنة والشيعة، وحريصا على أن تكون مصلحة اللبنانيين أولا من خلال الحوار حول التباينات والقضايا الخلافية وليس من خلال فرض الرأي على الآخر بقوة السلاح والتفرد بالرأي.
لمناسبة ذكرى تغييب الامام الصدر ال ٤٢ استمزجت “جنوبية” آراء رجال دين ومفكرين من كل الطوائف عايشوا الامام وعرفوا منهجية تفكيره عن قرب.

الامين : مخالفة مشروع الامام الصدر

يتناول العلامة السيد علي الامين دور الامام الصدر الشخصي و السياسي و الوطني من خلال محطات عدة ساهمت في تكوين دور الطائفة الشيعية في الجمهورية الاولى و بعد الطائف، يقول ل”جنوبية”: “برز الإمام الصدر في فترة السبعينات من القرن الماضي وقد تميز بالإنفتاح والعقل المتبصّر والقلب الكبير والرؤية المستشرفة للمستقبل. وبعد تغييبه اختلفت الأمور كثيراً خاصة على صعيد العمل السياسي بحيث عمل ورثة الإمام المغيّب على تحويل حركة أمل, التي أرادها أن تكون حركة رسالية ورسولية غير مرتبطة بطائفة معينة، إلى حركة ضمن طائفة واحدة وتابعة لمن لا يريد قيام الدولة بدلا من أن تكون حركة مساندة لقيام الدولة كما أرادها الإمام الصدر”.
يضيف:”في هذه الأيام وللأسف، أصبحت حركة أمل ضمن الجماعات التي تعيق قيام الدولة اللبنانية وأنخرطت في حروب داخلية كما حدث في السابع من أيار في بيروت والجبل، على الرغم من أن الإمام الصدر كانت شعاراته واضحة في الحرب الأهلية وهي أن من يطلق النار على دير الأحمر والقاع (وهي من قرى بعلبك المسيحية) فإنه يطلق النار على عمامتي وعائلتي وبيتي”.

الامين لـ«جنوبية»: صاحب مشروع سياسي و ممثلو الشيعة رفعوا الحرمان عنهم لا عن الطائفة 


ويسأل الامين”ابناء حركة أمل الذين أرادهم رساليين على مستوى الوطن : لو عاد الإمام الصدر هل يرضى أن تطلقوا النار على بيروت ؟ أن تهاجموا دار الإفتاء الجعفري في صور؟ هل يرضى أن تصيروا أداة إرهاب للقريب وللبعيد ؟ أين أنتم أيها الناطقون بإسم الإمام الصدر من الإمام الصدر ؟”، معتبرا أن “ممثلي الطائفة الشيعية اليوم قد رفعوا الحرمان عن أشخاصهم والدائرة الضيقة من أتباعهم دون رفع الحرمان عن الطائفة الشيعية والوطن كله كما كان شعار الإمام الصدر،قد أتخم الورثة بالمناصب وبالأموال بينما الطائفة الشيعية التي أوصلتهم لا زالت مهملة, فإزالة الحرمان عنها لم يتحقق منه سوى الشيء القليل جداً”.

السيد علي الأمين
السيد علي الأمين


ويشدد على أن “الإمام الصدر مدرسة ولسنا في معرض إستحضار قامته الممشوقة أو زرقة عينيه أو عباءته الطويلة مثلما يقولون في المهرجانات الخطابية التي تقام في مناسبة إستذكاره. إن الإمام موسى الصدر هو مشروع سياسي، هو دعوة لدولة المؤسسات والقانون على كل الاراضي اللبنانية”، لافتا إلى أنه “على الرغم من الروابط التي كانت تجمع الإمام الصدر بإيران (بإعتبار أنّ السيد موسى من مواليد إيران)، فإنه “كان قد رفض أن تكون للطائفة الشيعية أية علاقة بدول أخرى خصوصاً غير عربية ويقول أن الشيعة هم عرب مسلمون وأنه لن تكون لهم أي علاقات خارج الإطار العربي في المنطقة, خصوصاً إيران إذ لا تصح أن تكون هناك علاقة إلا من خلال الدولة وهذا ما يتماهى مع الشعار الذي رفعناه،وهو” لا يجوز أن تكون روابط المذاهب والأديان على حساب الأوطان “.


ويعتبر أنه “من الممكن لأي طائفة إقامة علاقات مذهبية مع شعب آخر في دولة أخرى لكن من دون أن يكون ذلك على حساب سيادة الدولة وعلى حساب الهوية الوطنية والإنتماء الوطني بل في إطار التعدد والثروة الثقافية للطوائف”، لافتا إلى أن”هذا التنوع وفق منظور الإمام الصدر هو نعمة في حين أنّ النقمة تكمن في المنطق الطائفي الذي يضع اللبنانيين في حالة صراع على إقتسام الحصص وليس في حالة تنافس إيجابي على بناء الوطن والدولة”.
ويتابع:”العامود الفقري لمشروع الإمام الصدر الإصلاحي هو وجود دولة المؤسسات حيث الدستور هوالذي يحكم ويحتكم إليه الجميع. كما يتطرّق هذا المشروع إلى مسألة إلغاء الطائفية السياسية من النظام السياسي اللبناني، مع الإبقاء على العيش المشترك بين المسيحية والإسلام كصيغة ونموذج للتعايش في العالم وليس فقط في لبنان”، مشددا على أن “الإمام الصدر كان سباقاً في الإهتمام بإيجاد حالة من التوازن الإنمائي بين المناطق اللبنانية، فعلى الرغم أن الطائفة الشيعية في ذلك الوقت كانت مهمشة ومحرومة، تبنى الإمام الصدر مشروع الدولة. لذا وقف في وجه معظم الأحزاب والميليشيات الموجودة آنذاك والتي كانت قد إغتصبت دور الدولة في عدة مناطق لبنانية, كما دعا حينها الجيش للإمساك بالبلاد وذلك للحؤول دون أن تعم الفوضى بين أبناء الوطن الواحد”.

اقرأ أيضاً: الإمام موسى الصدر.. وجع التاريخ وتغيّب الأمل


يشير الامين إلى أن “السيد موسى الصدر رأى في التشيع حركة فكرية وليست مذهباً معزولاً وأعتبر أن الشيعة جزء لا يتجزأ من مكونات الشعب اللبناني وقد وقف نتيجة لذلك ضد إرتباط الطائفة الشيعية بمشاريع خارجية مع تأكيده على أن الشيعة ليس لهم علاقة بإيران وليس من مصلحتهم أن تكون لهم علاقة بأي دولة خارج حدود وطنهم مشدّدا على أن أي علاقة من هذا النوع لابد أن تكون عبر الدّولة اللبنانية, كما دعا إلى تمتين علاقة الطائفة الشيعية بسائر الطوائف التي يتكوّن منها نسيج المجتمع اللبناني”.

ويرى أن من”أهم بنود “اتفاق الطائف” بعد وقف الحرب الداخلية هو بند حل الميليشيات ونزع سلاحها وبسط سلطة الدولة, وكان الثمن لحل الميليشيات هو إدخال قياداتها في السلطة, والذي جرى أنهم جمعوا بين الأمرين معاً, بين الثمن والمثمن. دخلوا في الدولة وأبقوا على ميليشياتهم كما أظهرت الأحداث لاحقاً في السابع من أيار عندما اجتاح حزب الله ومعه حركة أمل بيروت وأسقطا الدولة خلافاً لتعاليم الإمام الصدر .وهذا يكشف أنهم لم يكونوا يؤمنون بمنطق الدولة عند توقيع الإتفاق, ولو كان العكس صحيحاً, لكان حل الميليشيات حقيقياً, وقد أظهرت الوقائع أن قيادات الميليشيات, أمسكت بمفاصل الدولة واحتفظت بجيشها الميليشياوي, ولم تسمح للجيش بممارسة دوره. وهذا يعني أن حركة “أمل” خالفت مشروع الإمام الصدر ببناء الدولة وخالفت أيضاً “اتفاق الطائف”.


يشير الامين إلى أن “الانظار في الفترة الاخيرة الى اللبنانيين الشيعة وانطلقت مجموعة من التساؤلات حول الدور والانتماء والمستقبل والمصير داخل الوطن والمحيط، ومن هذه الاسئلة المطروحة اليوم سؤال: ما هو المطلوب من الشيعة حاليا؟”.
يضيف:”هذا السؤال يجب ان يوجه في الحقيقة الى الواجهة السياسية في الطائفة الشيعية التي امتلكت القرار السياسي والعسكري فيها، لان عموم ابناء الطائفة الشيعية في لبنان لم يكن لهم رأي في ما وصلت اليه الامور وكانوا قد عبّروا عن آرائهم وتطلعاتهم منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي في محطات عديدة عندما اقتطع الجنوب اللبناني من الدولة اللبنانية واصبح تحت سلطة الاحزاب والتنظيمات”، لافتا إلى أنه “رغم الضغوط التي كانت تمارس على اهل الجنوب في تلك الفترة كانت اصواتهم ترتفع مطالبة بمشروع الدولة وبسط سلطتها الكاملة على الجنوب اللبناني وسواه من المناطق اللبنانية. وهم ـ اهل الجنوب ـ لم يختاروا قيادتهم السياسية والدينية الا لاعتقادهم ان هذه القيادات واحزابها يعملون على تحقيق مشروع الدولة الواحدة التي تنتظم فيها جميع الطوائف اللبنانية بما في ذلك الطائفة الشيعية التي آمنت بالعيش المشترك مع سائر الطوائف والذي تنبثق منه مؤسسة الدولة الواحدة التي ترعى الجميع وتكون المسؤولة وحدها عن الوطن والمواطن في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها من الحقول والميادين التي تتولى شؤونها الدول في شعوبها واوطانها”.

ويرى أن “الدولة ليست انعكاسا لرؤية ايديولوجية خاصة بطائفة او حزب او جماعة خصوصا في المجتمعات المختلطة والمتعددة كما هو الحال في لبنان البلد المتعدد الطوائف الذي تنبثق فيه فكرة الدولة وتنشأ من خلال عقد اجتماعي بين جميع الفئات تتكرس ميثاقا وطنيا يتجاوز الاطر الضيقة والنظرات الاحادية”، مشيرا إلى أن ” كل الطوائف اللبنانية التزمت بهذا العقد الاجتماعي المستمر بما في ذلك الطائفة الشيعية منذ قيامة لبنان، ولا يزال هذا الامر اساسا يحظى بإجماع اللبنانيين من كل الطوائف، وهو اليوم اكثر رسوخا وثباتا في نفوسهم وقناعاتهم وهم اكثر تمسكا به كثابت من ثوابت الوطن النهائي الذي لا يتبدل مهما تغيّرت الظروف وتبدلت الاحوال”.
ويقول:”هذا الذي ذكرناه كان جزءا لا يتجزأ من مشروع الامام موسى الصدر الذي اعطته الطائفة الشيعية التأييد على اساسه لما فيه من تأكيد للوحدة الوطنية التي تتعاظم قوتها وتزدهر امكاناتها من خلال مشروع الدولة الواحدة ولذلك قال في 30ـ7ـ1978 (لا حل للبنان الا في اقامة الشرعية ولا شرعية الا بتذويب الدويلات ايا كانت صيغتها وشكلها وفعلها) وقد كان مشروعه في غاية الوضوح في شأن الانتماء الوطني والعربي للشيعة اللبنانيين والاندماج الكلي في مشروع الدولة الواحدة”.
ويشدد الامين على أن “المطلوب من القيادات السياسية في الطائفة الشيعية اليوم ان يجسدوا مشروع الامام الذي يحملون لواءه وليس المطلوب ان يذكرونا بأقواله فنحن لا نريد الايقاع الصدري في الاقوال (كما يقول بعض الكتاب) ولكننا نريد ذلك في المواقف والاعمال”، مؤكدا أن “الامام الصدر لم يكن نشيدا او اغنية ذات ايقاع شعري وموسيقي وانما كان صاحب مشروع سياسي اراد من خلاله عودة الجنوب الى احضان الدولة اللبنانية المسؤولة وحدها عن الامن والدفاع عن الوطن، ويلفت إلى أن”هذه الدولة يشارك الجميع فيها من خلال المؤسسات الدستورية والقانونية التي تشكل المرجعية الوحيدة في البلاد في مختلف الشؤون والمجالات وهي الحكم في فصل الخلافات والمصدر الوحيد في اتخاذ القرارات. ومن داخل المؤسسات يتم العمل على اصلاح النظام السياسي وتطويره وصولا الى غاية الحماية والعدالة الاجتماعية”.


يضيف:”الفرصة اليوم متاحة اكثر من اي وقت مضى لتحقيق هذا المشروع لوجود اهتمام غير مسبوق من الداخل اللبناني حكومة وشعبا بمشروع الدولة وبسط سلطتها الكاملة على الجنوب اللبناني وسائر المناطق اللبنانية”، داعيا إلى أن “يواكب هذا الاهتمام الوطني اهتمام دولي كبير يتمثل في ارسال قوات طوارئ دولية لتعزيز ومساعدة الجيش اللبناني في مهمة بسط سلطة الدولة وحماية البلاد من الاعتداءات الاسرائيلية وبذلك يتحقق مطلب الشعب بعودة الدولة سلطة وحيدة في الجنوب وتتحقق حماية البلاد من الاعتداءات الاسرائيلية حيث توجد ضمانات دولية من خلال وجود قوات الطوارئ الدولية ودورها الذي يمنع اسرائيل من تنفيذ اعتداءاتها وتحقيق اطماعها”.
يلفت الامين إلى أن ” هذا المنع يتعزز من خلال تقوية الجيش اللبناني بالعدة والعدد، ولا شك في ان انضمام عناصر المقاومة الى هذا الجيش سيعطيه المزيد من القوة وليس في الانضمام الى الجيش الوطني والاندماج فيه تراجع عن الهدف المعلن بحماية لبنان”، مشددا على أن “ليس الانخراط في صفوف الجيش اللبناني تراجع عن المطالبة بقوة الدولة لان انضمام المقاومة القوية الى الجيش وسائر المؤسسات سيعطي الدولة المزيد من القوة في مختلف المجالات، وايضا ليس في انضمام المقاومة الى مؤسسات الدولة العسكرية وغيرها انتقاص من موقع حزب الله لانه لا ينضم الى الجيش والدولة من موقع المهزوم والضعيف لانه لا يزال قويا عسكريا وشعبيا وبذلك يكون ما لديه من سلاح منه واليه عندما يصبح جزءا من المؤسسة العسكرية”.


يختم:”هذا الامر يجعل حزب الله في الموقع الاقوى في الدولة ومؤسساتها والاكثر حظوة وتأييدا عند الشيعة وسائر اللبنانيين التواقين الى دولة واحدة طال انتظارها، يقوى بها جميع اللبنانيين وتقوى بانضمام الجميع اليها. وعندئذ يتحقق مشروع الامام الصدر بالدولة الواحدة التي ينضوي جميع اللبنانيين تحت لوائها ونؤسس بذلك لقيامة لبنان القوي في مواجهة الاخطار الخارجية والمتماسك داخليا وننطلق جميعا في عمل سياسي لتحقيق كل الاهداف لأهلنا الصابرين وشعبنا الصامد الذي يستحق الحياة الآمنة والمزدهرة.

المطران بولس مطر

مطر: عملاق لوطنه وناسه


يستذكر المطران بيروت السابق للموارنة بولس مطر الامام الصدر من خلال تحركه لحماية التعايش الاسلامي- المسيحي فيقول ل”جنوبية” :”بفرح كبير أتشرف أن أعطي بهذه المناسبة شهادة عن السيد الغائب الحاضر موسى الصدر أعاده الله، تابعته عندما بدأ يتحرك على مساحة الوطن كعملاق لوطنه ولناسه وكضوء في ظلام تلك المرحلة التي دخلت فيها البلاد في الخلاف المذهبي والسياسي، فإنبرى هذا الانسان الكبير مدافعا عن العيش المشترك وعن التلاقي المسيحي- الاسلامي، وجال في الكنائس التي إستقبلته بفرح سواء في بيروت أو في المناطق، وكان الصوت العقلاني صوت القلب والضمير في آن معا يكلم الناس عن قيمة لبنان وعن قيمة الالتقاء بين الاسلام والمسيحية وعن أهمية هذا الوطن الذي يجب أن نعيشه هكذا، ومنذ تلك اللحظات المضيئة تغير الوضع في لبنان وبدأنا ننتهي من مرحلة لنبدأ مرحلة جديدة، مرحلة المصالحة والعودة إلى الذات وإلى الوطن”.

مطر لـ«جنوبية»: لنلتف حول فكر موسى الصدر لنخرج من النفق المزعج


أضاف: “تسنى لي شخصيا بعد ذلك في أن أشارك في مؤتمر كلمة سواء مع السيدة رباب الصدر، وعلى مدى 10 سنوات نيابة عن البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير المثلث الرحمات، وكنا نستعيد الكم من الكلام الكبير ونستلهم هذا الرجل الملهم في الوطنية والاخلاص للبنانيين جميعا”.

يعبر مطر عن فخره “بالامام الصدر وبهذا الرسول في وطنه وفي منطقته العربية ونأمل أن يعود العرب إلى صفاء هذا التلاقي، ونحن في ذكرى عاشوراء نرى أنها تحمل معيارا أساسيا هو الاصلاح والوحدة بين المسلمين وبين المسلمين والمسيحيين ونرتقي أن يكون الانسان خليفة الله كما يريده، ولذلك نتمنى من صميم هذا القلب أن نعود جميعا لنلتف حول فكر موسى الصدر وافكاره علنا نخرج من هذا النفق المزعج الذي نمر به ولا ضوء يظهر لنا آخره”.

الحلبي: مدرسة في الانسانية


يشدد عضو لجنة الحوار الاسلامي المسيحي القاضي عباس الحلبي على المواقف الوطنية للإمام الصدر والتي رسخت مفهوم أن لبنان هو وطن نهائي لجميع بنيه،إذ يقول ل”جنوبية”: “أوجه تحية حارة لذكرى سماحة الامام المغيب وكلما مر الزمن كلما تذكرناه وعدنا إلى افكاره وتعاليمه ودروسه وموافقه، لأنه بالفعل كان مدرسة في الانسانية والوطنية وكان حريصا على لبنان وعلى جميع اللبنانيين”.

الحلبي لـ«جنوبية»:كان الاكثر حرصا على نهائية لبنان وعلى العيش الواحد


يضيف:”كنت من الذين تعرفوا إلى سماحة الامام وحظيت بلفتة خاصة منه في أكثر من مناسبة ولذلك أنا لا أزال أمينا على تلك العلاقة، بصورة خاصة العلاقة التي مكنتني من التأثر به وبأفكاره وشخصيته وفي مواقفه الوطنية”، مذكرا بأن “الامام كان الاكثر حرصا على نهائية الوطن اللبناني وعلى العيش الواحد بين جميع أبنائه، وهو الذي كان يحذر من النظام الطائفي الذي كان يفرق بين اللبنانيين وكان يدعو دوما إلى ان تكون المواطنة هي الجامع بين اللبنانيين مع في إحترام خصوصيات كل مكونات هذا الوطن”.


يلفت الحلبي إلى أن “العودة إلى السيرة المؤسساتية للإمام الصدر فلا تزال المؤسسات التي زرعها مزدهرة بعناية شقيقته السيدة رباب التي أوجه لها تحية حارة، وإذا تحدثنا عن إرثه الفكري وكم من التعاليم التي تركها أثرت ولا تزال تؤثر، لأنها تعاليم خالدة في كل زمان ومكان”، مشددا على ضرورة “ترديد ما قاله الامام موجها الكلام إلى جميع اللبنانيين الذين نراهم اليوم مشرذمين ويكادوا ان يصبحوا في متاريس متقابلة مع الاسف، الإمام الصدر كانت وصيته دوما هي الوحدة بين اللبنانيين أحفظوا وطنكم قبل أن تجدوه في مزابل التاريخ لعل من من اللبنانيين من يسمع هذا الكلام لكي نحفظ وطننا كما أوصانا الامام المغيب”.


ويرى أن “ما شهدناه بالأمس من إحتكاكات مسلحة بين جهات لبنانية مختلفة يذكرنا بموقف سابق عن الامام عندما كانت تجري مثل هذه الاحتكاكات، وكأن اللبنانيين لم يتعلموا مما مّر عليهم من تجارب بضرورة عدم السماح للسلاح بأن يحسم الخلافات بل يجب أن تحل بالجوار والكلمة السواء”، مشيرا إلى أن “صرخة الامام لا زالت تتردد في مسامع اللبنانيين عن الواقع المأزوم ونحن نرى السلاح منتشرا بطريقة عشوائية في الشوارع والازقة تاركا أبناء الحي الواحد يترنحون بين أزمة ثقة وأزمة وطن، لعل مثل الاقوال لسماحة الامام ما يعيد صوابية التفكير لدى اللبنانيين بأن يحفظوا بلدهم وأن يلتفوا حوله حتى لا يصبح في مزبلة التاريخ”.


الشعار: إمام التعايش و الوحدة الاسلامية

يتحدث المفتي الشيخ مالك الشعار عن الامام المغيب من زاوية القائد الذي حرص على إستيعاب وضع لبنان وخصوصيته من دون أن ينسى رسالة الاسلام، ويقول ل”جنوبية: “نعم لبنان بشخصية دينية وثقافية ووطنية قل نظيرها هي شخصية سماحة الامام المغيب السيد موسى الصدر رده الله سالما غانما، هذه الشخصية كانت تتميز بإستيعابها لوضع لبنان ولرسالة الاسلام وأن العيش مع الاخر هو مضمون هذا الدين العظيم ولهذا أطلق عليه بأنه إمام التعايش والوحدة الاسلامية السنية – الشيعية و الوحدة الوطنية الاسلامية و الامسيحية”.

الشعار لـ «جنوبية»: فكر الامام الصدر النيّر لن يموت 


يضيف:”سماحة الامام موسى الصدر بكلمات موجزة قلما يجود الزمان بمثله، وقلما ينعم لبنان بعقلية وفكر وثقافة وعذوبة وعقل مستنير كالذي كان يتحلى ويتجسد في شخصية الفذة والكبيرة”، معتبرا أنه “كان إماما للتعايش وللإعتدال وذا نظر بعيد وافق واسع يشعر البعيد عنه أنه قريب منه ويشعر القريب انه جزء من عقله وعاطفته”.
ويرى الشعار أن “لبنان الذي نعم لسنوات بهذه الشخصية النهضوية التي أحدثت في لبنان سياسة للإنفتاح قل نظيرها وعمّ خيرها، سرعان ما فقد لبنان هذه الشخصية ولكن الامام ترك فكرا وثقافة ومنهجا حافظ عليه من حمل الرسالة من بعده سماحة الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين”.


ويختم الشعار:”هذا الفكر النيّر لن يموت لأنه مستقى ومأخوذ ومستنبط من دين يسع الزمان و المكان كله بل يسع الانسانية كلها، رضي الله عنه وأرضاه وفك الله تعالى أسره ورده إلى وطنه وأمته سالما غانما”.

الشيخ العاملي
الشيخ العاملي


العاملي: توازن بين الطوائف

يتناول الشيخ محمد علي الحاج العاملي شخصية الامام الصدر كرجل مؤسسات، إذ يلفت ل”جنوبية” أن “من أهم الأمور التي تميّز بها الإمام الصدر أنه سعى لإيجاد توازن بين الطوائف في لبنان، حيث جاء جهده في تأسيس وفي رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ضمن قناعته بضرورة تحقيق الاستقرار والتوازن، وأن لا تشعر طائفة بالغبن والتهميش”.

العاملي لـ«جـنوبية»: وجود الامام الصدر  كان ليمنع إندلاع الحرب 

يضيف:”بفترة وجيزة جدا تمكن من إضفاء لون جديد في العلاقات بين الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية كافة، حتى صار علما من أعلام الحوار بين الأديان ولو قدر له المزيد من العمر لكان تبلور دوره بشكل أكبر، ولتمكن من التعبير عن أفكاره الدينية السامية بطريقة مميزة وفريدة”.
ويختم:”ينبغي التأكيد بأن وجود الامام الصدر في الساحة اللبنانية كان يمنع إندلاع الحرب الداخلية، ولذلك غيب”.

السابق
لبنان في عين العاصفة.. «كورونا» بين خبراء الصحة ورجال الأعمال
التالي
الاستشارات انطلقت.. أديب مرشح الحريري وسلام وميقاتي: فرصة أخيرة لإنقاذ الوطن