من يحسم «المعركة» الأممية الأميركية لإزاحة «القبعات الزرق» عن الخط الأزرق؟!

الكورونا تضرب احد عناصر اليونيفيل
تدل اللقاءات المكثفة التي تدور في أروقة وزارة الخارجية اللبنانية حول موضوع التجديد لـ"اليونيفيل"، أصحاب "القبعات الزرق" حاميي حمى "الخط الأزرق"، على حماوة هذا الملف وأبعاده الدولية والاقليمية بعد أن لوّحت الولايات المتحدة منذ أشهر بإستعماله كورقة ضغط إضافية على لبنان الرسمي و "حزب الله" من خلال دعوتها لتعديل مهام "اليونيفيل" على الارض وتوسيع نطاق صلاحياتها لتشمل الحدود الشرقية في محاولة منها لسد منافذ تسرب السلاح والتمويل إلى الحزب.

لبنان الرسمي متمسك بالتجديد لليونيفيل من دون تعديل في الولاية أو في العديد وهذا هو مضمون الرسالة التي سلمها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصرف الاعمال شربل وهبة لسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي منذ يومين، واليوم إلتقى وهبة قائد قوات اليونيفيل في لبنان ستيفانو ديل كول تحضيرا للجلسة التي يعقدها مجلس الامن بعد غد الجمعة للبت في تجديد لولاية اليونيفيل سنة إضافية.كل هذه التطورات تحصل، وإسرائيل بعثت ليل الثلاثاء- الاربعاء برسائل توتير إلى لبنان عبر جبهة الجنوب من خلال الاعتداء الذي حصل على خراج بلدة حولا الجنوبية،  فهل يكون لبنان أمام تحول جديد في وظيفة قوات اليونيفيل المتواجدة على أرضه منذ العام 1987، وبقيت منذ ذلك العام الشاهد الموضوعي على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، والمفكك السريع لأي صاعق ينذر بإنفجار كبير بين لبنان وإسرائيل؟

الشواهد تدل على أن مطلب “تعديل مهام اليونيفيل” ليس مجرد ضغط أميركي عابر، وأنه لا بد من ثمن ما تقبضه الولايات المتحدة لتخفيف الضغط إما على أرض لبنان أو عبر المفاوضات (غير المباشرة التي تدور حاليا بين الولايات المتحدة وإيران ).

معركة دبلوماسية حامية

إذن معركة دبلوماسية كبيرة تدور رحاها اليوم بين لبنان الرسمي والولايات المتحدة وملعبها مجلس الامن الدولي، ويشارك فيها دول عظمى أيضا مثل روسيا والصين اللتان تملكان حق الفيتو على أي قرار يصدر عن مجلس الامن وتبديان تعاطفا تاريخيا مع الموقف اللبناني المتعلق باليونيفيل، فهل هذا يكفي لإبقاء الامور على ما هي عليه لجهة التجديد لليونيفيل سنة إضافية من دون تعديل في مهامها؟

يشرح وزير الخارجية السابق فارس بويز لـ”جنوبية” أن “وجود قوات اليونيفيل في لبنان مرتبط بقرار يتخذ في مجلس الامن، ومن هنا أي قرار يجب أن يحظى بإجماع فيه لأن هناك حق الفيتو للدول الاعضاء في المجلس”، لافتا إلى أن “الولايات المتحدة تحاول تعديل مهام اليونيفيل في جنوب لبنان وإعطائها القدرة على الدخول والتفتيش في منازل معينة عن أسلحة وأن يشمل مهمها تنفيذ القرارات 1701 و1559 وتسليمها الحدود الشرقية لتتمكن من ضبط أي دخول للأسلحة، ويجري التداول أيضا بأن تشمل مهام اليونيفيل مرفأ بيروت (بعد حصول الانفجار) وأيضا في المطار للتأكد من عدم دخول أسلحة “.

بويز: المسعى الاميركي جدي لتعديل مهمة “اليونيفيل”

يرى بويز أن “للولايات المتحدة مشروع كبير في اليونيفل وهي تهدد بإنه إذا لم يتم إقرار هذه المهمة الجديدة ستمتنع عن المساهمة في تمويل اليونيفيل (كونها الممول الاكبر لمنظمات وهيئات الامم المتحدة)”، معتبرا أننا “أمام أزمة بهذا الشأن لكن روسيا والصين لديهم أيضا حق الاعتراض وحجب صوتهم عن هذا القرار في حال طرح للتصويت في الامم المتحدة فيتم إلغاؤه”.

يضيف: “نحن أمام مشكل أساسي يهدد بإبطال مهمة اليونيفيل برمتها في حال أصرت الولايات المتحدة على هذا التشخيص لدور اليونيفيل، وفي حال تم الاستمرار في رفضه من الصين وروسيا أو إذا أصرت كلاهما على التمديد لليونيفيل بحسب مهامها الحالية و رفضت الولايات المتحدة ذلك ، سنصبح أمام  فرضية سحب اليونيفل من لبنان”.

فارس بويز
بويز

ويعتبر أن “المسعى الاميركي هو أكثر من ضغط، إنه محاولة جدية لتعديل مهمة اليونيفيل بما يمكنها من مراقبة حقيقية لكل مصادر الاسلحة التي تدخل إلى لبنان والاسلحة الموجودة، وأعتقد أنها أكثر من عملية تهويل و تهديد”، داعيا في المقابل إلى رصد “إشارات  تحصل (تحت الطاولة) تدل وجود إتصالات بين الولايات المتحدة وإيران ومنها تصريح الرئيس دونالد ترامب بأنه مستعد لإتمام صفقة جديدة مع إيران في حال أعيد إنتخابه، وعندما نسمع أن وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف بأن بلاده نجحت في إسترداد قسم كبير من ودائعها المحجوزة”.

ويعتبر أن “كل هذه التصريحات توحي بأن ثمة مفاوضات تجري تحت الطاولة ومن هنا لا أحد يعرف إلى أين ستصل هذه المباحثات، هل سنرى إتفاق جديد في المنطقة وهذا ما يمكن أن ينعكس على مهام اليونيفيل”، مشددا على أنه”لا يمكن التنبوء أي مشروع سينجح، هل المشروع الاميركي أو المشروع الآخر في ظل متغيرات تحصل يوميا، و هذا ما تحدثت عنه صحيفة ديرشبيغل الالمانية  عن إتفاق إيراني – أميركي جديد بينهما”.

والسؤال الذي يطرح لماذا يتمسك لبنان بإبقاء اليونيفيل، و ما الذي سيحدث إذا ألغيت مهمتها؟ يجيب بويز:”سحب اليونيفل أمر خطير لأنه يعني سحب شاهد أمام أي إعتداء إسرائيلي ذات حجم كبير، فحين تقرر إسرائيل شن حرب شاملة على لبنان لن يكون هناك قوات يونيفيل لتشهد بأن إسرائيل هي التي بادرت إلى الاعتداء، عندها تقول إسرائيل أنها ردت على إعتداء المقاومة والمقاومة تنفي ذلك”. 

ويضيف:”اليونيفيل من خلال تواصلها اليومي مع كل الاطراف المعنية هي أداة لتفكيك المواجهات الكبرى التي يمكن أن تحصل وهذا ما نشهده يوميا، و إلغاء اليونيفيل يلغي المفكك لهذه للإنفجارات”.ويختم:” اليونيفيل تلعب دورا أساسيا في ترسيم الحدود البرية والبحرية التي يجري التفاوض حولها حاليا، وفي كل الحالات وحتى لو دخلت الولايات المتحدة  في هذه المفاوضات تبقى اليونيفيل هي العنصر الاساس لأنها ممثل الامم المتحدة واللاعب الاساسي في هذا الملف بما تملكه من قدرات، وإلغاء دورها سيلغي إحتمال توصل لبنان إلى نتيجة حول هذا الملف  الذي يمكن ان يفتح الباب أمام أفق معين”.

لا تعديل في المهام 

مكاوي: تماسك دولي لإبقاء الاستقرار في جنوب لبنان 

على ضفة سفير لبنان السابق في اللأمم المتحدة خليل مكاوي ، فإن الامور أكثر تفاولا بالرغم من سخونة المعطيات التي تحيط بالتجديد لـ”اليونيفيل” إذ يقول لـ”جنوبية”: “التجديد سيحصل لأن لبنان يحظى بتأييد دولي يمنع أي دخول أي معطى جديد يؤثر على الوضع القائم في الجنوب، ولا أعتقد ان الولايات المتحدة ستنجح في مسعاها ولن تتمكن من تغيير قواعد مهمات اليونيفيل، لأن هناك إرادة لبنانية قوية وتماسك دولي حول هذا الملف ولبنان يحظى بعطف وتأييد دوليين أما الاعتداءات الاسرائيلية فليست جديدة ويمكن للبنان التعامل معها بطرقه الدبلوماسية المعهودة خصوصا أن طرح هذا الملف يجري في ظل توتر في العلاقات الدولية خصوصا بين روسيا والصين من جهة  والولايات المتحدة من جهة أخرى وفي ظل محادثات غير مباشرة تجري بين هذه الاخيرة و بين إيران”.

خليل مكاوي
مكاوي
السابق
نصرالله يرفض التعليق على «الثوران الإسرائيلي».. ويُرحّله الى «سياقه الطبيعي»!
التالي
قذيفة في محيط سد القرعون!